«هذه هي المرة الأولى التي تزور فيها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية مدينة "الرقة"، والتي تعتبر واحدة من أهم الفرق في الوطن العربي، وأستطيع القول إن هذا اليوم هو علامة فارقة في تاريخ "الرقة" الفني والموسيقي، وآمل أن يلعب دوراً مهماً في بلورة الوعي الموسيقي، الذي بدأنا نلتمس بوادره الأولى منذ حوالي عقدٍ من الزمن، سيما لو عرفنا أن هذه المدينة الفتية لديها قدرة هائلة على المواكبة، وتخطي المسافات الزمنية».
هذا ما قاله الموسيقي وعازف "البزق" الأستاذ "أحمد دالي" لموقع eRaqqa بتاريخ (1/11/2009) وذلك في معرض تعليقه على الزيارة الأولى للفرقة السيمفونية الوطنية السورية لمدينة "الرقة"، وإحيائها حفلاً موسيقياً على خشبة المسرح الكبير في دار "الأسد" للثقافة.
إنها المرة الأولى التي تقوم فيها "أوركسترا" عربية بأداء العمل السيمفوني "سيمفونية القدس" للمؤلف الفلسطيني "يوسف خاشو"، ويرجع تسجيل هذا العمل إلى نهاية الستينيات من القرن العشرين، ولم يتم تقديمه منذ ذلك الوقت، وذلك لعدم وجود أي تدوين موسيقي له. منذ عدة شهور بدأنا بالبحث عن تدوين موسيقي لهذا العمل، ثم التقينا بأحد أصدقائنا من المؤلفين الأردنيين، الذي كان بصدد تسليم "النوتات" لوزارة الثقافة الأردنية، وعلى الفور تواصلنا معه، ومع الوزارة، وحصلنا على كل ما يتعلق بهذه السيمفونية، وبدأنا تدريباتنا المكثفة لنقوم بتقديم العمل ليكون بمثابة هدية جميلة من الفرقة السيمفونية الوطنية السورية إلى "القدس" عاصمة الثقافة العربية. وقد كان الجمهور متفاعلاً جداً مع الموسيقى التي قدمتها الفرقة، ونتمنى أن يكون هناك تواصل دائم في هذا المجال
وبسؤال الأستاذ "محمد زغلول" المدير الإداري للفرقة السيمفونية الوطنية، عن ما تركه هذا اللقاء من انطباع في نفسه، أجاب قائلاً: «شرف كبير لنا أن نلتقي جمهور مدينة "الرقة" للمرة الأولى، وقد أدهشنا وأسعدنا هذا الحضور الهائل من الجمهور، الذي ملأ أرجاء المسرح، وهو ما ينمُّ عن وعي فني، وفكري، وحراك ثقافي تشهده هذه المدينة، والأهم من ذلك هو تحلِّي هذا الجمهور بالقدرة على الاستماع الراقي، والتفاعل مع الموسيقى التي تقدمها الفرقة.
وأعتقد أن هذا النوع من التجمعات الموسيقية الراقية، سيساهم بشكل كبير للتصدي لموجة الموسيقى الهابطة والمبتذلة التي تلوث الساحة الفنية في السنوات الأخيرة. علماً أن هذه الزيارة تأتي ضمن خطة وضعتها وزارة الثقافة، للقيام بجولات إلى المحافظات، وقد كانت البداية من محافظة "حمص"، ثم "اللاذقية"، و"حلب"، و"إدلب"، ونهاية الجولة كما ترون كانت في مدينة "الرقة"، وهذه الجولات تشكل نقطة مهمة في البرنامج السنوي للفرقة، وبما أن الفرقة تحمل اسم السيمفونية الوطنية السورية، فإن إحدى واجباتها تقديم الأعمال الموسيقية لجميع السوريين، الذين من حقهم التواصل مع الفرقة عن طريق المسرح، وليس فقط من خلال شاشات التلفزيون».
وللوقوف على القراءة الفنية لسيمفونية "القدس"، التي كانت عنوناً لهذا اللقاء، توجهنا بالسؤال للأستاذ "ميساك باغبودريان" قائد "الفرقة السيمفونية الوطنية السورية"، الذي أجابنا بقوله: «إنها المرة الأولى التي تقوم فيها "أوركسترا" عربية بأداء العمل السيمفوني "سيمفونية القدس" للمؤلف الفلسطيني "يوسف خاشو"، ويرجع تسجيل هذا العمل إلى نهاية الستينيات من القرن العشرين، ولم يتم تقديمه منذ ذلك الوقت، وذلك لعدم وجود أي تدوين موسيقي له.
منذ عدة شهور بدأنا بالبحث عن تدوين موسيقي لهذا العمل، ثم التقينا بأحد أصدقائنا من المؤلفين الأردنيين، الذي كان بصدد تسليم "النوتات" لوزارة الثقافة الأردنية، وعلى الفور تواصلنا معه، ومع الوزارة، وحصلنا على كل ما يتعلق بهذه السيمفونية، وبدأنا تدريباتنا المكثفة لنقوم بتقديم العمل ليكون بمثابة هدية جميلة من الفرقة السيمفونية الوطنية السورية إلى "القدس" عاصمة الثقافة العربية. وقد كان الجمهور متفاعلاً جداً مع الموسيقى التي قدمتها الفرقة، ونتمنى أن يكون هناك تواصل دائم في هذا المجال».
ويتابع "باغابودريان" وفي ذات السياق: «كما رأيتم فقد قدمنا في هذه الأمسية سيمفونية "القدس" التي ألفها "يوسف خاشو"، وهو من مواليد مدينة "القدس"، وهذا العمل يعكس مهارة عالية في الصنعة الموسيقية لدى المؤلف، وهذه السيمفونية مؤلفة من أربع حركات، الحركة الأولى تخلق انسجاماً رومانسياً بين نوعين من الموسيقى، الشرقية "الأذان" والبيزنطية "يا رب ارحمنا"، تعبيراً عن التسامح الديني الذي كان يعمُّ مدينة "القدس"، التي احتضنت كافة الديانات السماوية.
أما الحركة الثانية فتنقلنا إلى حالة أكثر درامية، من خلال التصوير الموسيقي لما خلفته الحرب ورائها من ويلات على سكان هذه المدينة. وفي الحركة الثالثة تأخذ إيقاعات "التيمبو" و"البريستو" دوراً موسيقياً لإظهار الحماس، الذي أبداه أبناء "القدس" في إعادة إعمار مدينتهم المقدسة، لتبقى على مرِّ الزمان مدينة للسلام.
ثم تأتي الحركة الرابعة والأخيرة، لتصور من جديد الحروب في "القدس"، وذلك عبر أصوات الأجراس الجنائزية ورفع الأذان، ليختتم السيمفونية بإيقاع سريع، ودمج للآلات الإيقاعية والنفخية والوترية داعياً سكان "القدس" إلى التماسك، والتفاؤل بغدٍ مشرق يعمه السلام والمحبة».
والجدير ذكره أن الفرقة السيمفونية الوطنية السورية تأسست عام /1993/ على يد الفنان الراحل "صلحي الوادي"، وهي تتألف من طلاب وأساتذة المعهد العالي للموسيقى، إضافة إلى خبراء أجانب، وقد حققت هذه الفرقة نجاحاً كبيراً على المستويين المحلي والعالمي، لتكون بذلك سفيراً للثقافة والفن السوريين إلى العالم بأسره.
كما أن لديها العديد من المشاركات العربية والعالمية، وقد حصل بعض أعضائها على جوائز عالمية في العزف والغناء، ويرأس هذه الفرقة منذ عام /2003/م، الأستاذ "ميساك باغبودريان" خريج المعهد العالي للموسيقى عام /1995/، والحاصل على شهادات في قيادة "الأوركسترا" من معهد "فلورنس" الحكومي، وأكاديمية "هانس سوار وسكي" بـ"ميلانو".