يعتبر "يوسف عبد الوهاب" من الراحلين الأجلاء في بلدة "الغارية"، رجل صوفي، صاحب قول ومشورة، كانت الناس تقصده من سورية وخارجها للإفادة من نفاذ بصيرته وبلاغة قوله وحكمته.
موقع eSuweda التقى الشاعر والراوي "نصّار معروف" من بلدة "أم الرمّان" الذي يعدّ صديقاً قديماً للشيخ الجليل "يوسف عبد الوهاب"، ليحدثنا عنه بالقول: «الراحل "يوسف" لم يكن إنساناً عادياً، فكلما زرته وجدته يقرأ، فقد كان كثير الوحدة والتضرع، إضافة إلى كونه عالماً بليغاً، يتوّج علمه بالخشوع والصمت، فلا تراه إلا متأملاً وإن سألته في شيء تراه مجيباً بحلول تدهش بها».
الراحل "يوسف" لم يكن إنساناً عادياً، فكلما زرته وجدته يقرأ، فقد كان كثير الوحدة والتضرع، إضافة إلى كونه عالماً بليغاً، يتوّج علمه بالخشوع والصمت، فلا تراه إلا متأملاً وإن سألته في شيء تراه مجيباً بحلول تدهش بها
وأضاف: «توفي الراحل عام 1983 عن عمر ناهز التسعين عاماً. وأذكر من فضل كلمته وسماحتها عليّ موقفاً حدث، لن أنساه ما حييت، ففي يوم ما امتلكت خيلاً صعبة الترويض والاستجابة، سألت في تربيتها، علمت، فحاولت، لكني فشلت، فجأة أشار علي أحدهم بزيارة الشيخ "يوسف عبد الوهاب"، ففعلت مصطحباً معي الخيل، وفي الطريق أرهقني وصولها، وفاجأني المنظر بعد وقوفها أمام الشيخ، فما إن رأته حتى هدأت وحنت رأسها كحمل وديع، قدم إليها الشيخ، قلت: "عنها..... فقال: "عرفت"، ثم مسح بيده على وجهها وتلا بعضاً من كتاب الله العزيز، فتحولت الخيل من غضوبة إلى كائن مطيع».
وروى "معروف" قصة تناقلتها الألسن لغرابة تصديقها وحقيقة وجودها، بقوله: «كان الجليل الراحل يحزم على ظهره كيساً وزنه 60 كيلوغراماً من "القمح" ويعمل على نقله على الأقدام من "الغارية" عبر الأرض الوعرة إلى بلدة في لبنان، ومعينه في السفر عصاً خشبية لها شعبتين من أعلاها، فكلما تعب وضعها تحت الكيس وسنده بها، ولا يجلس أرضاً إلا للنوم فقط».
وتابع "معروف": «إن الجليل "يوسف عبد الوهاب" من الأتقياء الذين كثر ورعهم، وهذا ما عُرفَ عنه، عدا تواضعه وسماحة محياه عندما تزوره بقصد الزيارة أو المشورة. توفي الشيخ "يوسف" معتصماً عن الزواج، وكم كان في عيشه متقشفاً شديد البأس على نفسه، ويرى دائماً: "أن الرجل الحقيقي بجود فعله وعذب منطقه ورشاد نصحه"».
وجاء في رثاء له للشاعر الراحل "صلاح مزهر": "رفعت شعارنا شيخاً جليلاً/ له في كلّ مكرمة أياد/ لأنك خادم الهادي المفادي/ لتعمل من رضا رب العباد/ لوهابٍ يجيب إذا تنادي/ لعابد ربه حرّ المبادي/ يفوح أريجه من كلِّ واد/ يقيك على المدى أهل العناد".