كل ما في المسجد الأموي من الناحية الفنية جميل وأجمل ما فيه لوحاته الفسيفسائية الرائعة المعبرة عن حرفية وإبداع الأيدي الماهرة التي صنعتها، لذلك نجد هذه اللوحات منقوشة على كل جدرانه وفوق أبوابه تقريباً، فهي الحزام الفني الرائع الذي تحيط به.

يرجع استخدام الفسيفساء إلى أيام السومريين والرومان، وشهد العصر البيزنطي تطوراً كبيراً في صناعته، وخصوصاً عند إدخال الزجاج والمعادن فيه، وقد استخدموه بشكل كبير في القرن الثالث والرابع الميلادي من خلال تصوير حياة البحر والأسماك والحيوانات.

اللوحات مركبة بخداع بصري فهي ليست مستوية كما يبدو عليها بل مائلة من الأعلى إلى الأسفل، هذا الميلان يحافظ عليها من التفكك، إضافة إلى أنها مصنوعة من زجاج مقاوم للمطر والغبار والحرارة

ولمعرفة أكثر عن الفسيفساء، موقع eSyria بتاريخ 15/11/2009، التقى الدكتور "محمد غسان الجارودي" المشرف العام على الجامع الأموي، والذي حدثنا عن ذلك بقوله: «سورية مشهورة بصناعة الفسيفساء الجميلة وخصوصاً في العهد الروماني والعهد الإسلامي, وجرى الاهتمام بها تحت رعاية السيدة "أسماء الأسد" كالذي عرض في قلعة دمشق, وحالياً تهتم وزارة الأوقاف بهذا الفن، لذلك هي قبلة أنظار زوار المسجد، ونحن الآن نبحث عن العمال المتخصصين لاستكمال الرسومات الفسيفسائية وترميم الذي بحاجة إلى ذلك».

الدكتور "محمد غسان الجارودي"

ثم التقينا السيد "جمال عرب" المشرف الفني للمسجد الأموي، والذي حدثنا عن اللوحات الفسيفساء للجامع بقوله: «الفسيفساء في المسجد موجودة ضمن لوحاته القديمة من أيام "الوليد بن عبد الملك"، وهي نوعان الحجري والزجاجي، وحالياً لا يوجد إلا النوع الثاني "الزجاجي" فيه، وقد كان هناك ورشة تصنعه وترممه لكنها توقفت بسبب وفاة بعضهم ورحيل الآخرين منهم».

ثم أضاف: «إن جميع اللوحات في الجامع مرممة وخاصة القديمة منها والتي تعود إلى أيام الأمويين، فنلاحظ اللوحات الموجودة في الرواق الشرقي، والتي كتب عليها "اسم الملك العادل"، هذه اللوحات لم تؤثر عليها الكوارث التي تعرض لها الجامع من زلازل وحرائق آخرها حريق 1893، ثم جرت عدة ترميمات كان آخرها كان في عهد الرئيس الراحل "حافظ الأسد" وخاصة الفسيفساء الموجود على قبة "النسر" وقاعة الشرف و"قبة الخزنة"».

"قبة الخزنة"

وتابع السيد "عرب" قوله: «الرسوم التي في اللوحات ذكرها "الإدريسي" في كتابه "مروج الذهب" على أنها تمثل الأقاليم الجغرافية الأربعة وهي إقليم "السند والهند والسودان والروم"، أما اللوحات فهي إسلامية خالية من رسوم الحيوانات والطيور, والبعض يفسرها على أنها تصور لغوطة دمشق من انهار وأشجار وقصور، والفسيفساء يعتبر مزيج بين الفن الفارسي والبيزنطي وتواجده ليس مقتصراً على المسجد الأموي بل يتواجد في الكثير من المناطق فهو يعود إلى ما قبل الميلاد كالذي يوجد في"تل ماري، والمتحف الوطني"، وقد فضلت لجنة الترميم التي تشكلت من قبل الرئيس الراحل "حافظ الأسد" الحفاظ على اللوحات القديمة كما هي وإبقائها على وضعها مع الترميم».

وعن كيفية المحافظة على هذه اللوحات من عوامل الجو فقال: «اللوحات مركبة بخداع بصري فهي ليست مستوية كما يبدو عليها بل مائلة من الأعلى إلى الأسفل، هذا الميلان يحافظ عليها من التفكك، إضافة إلى أنها مصنوعة من زجاج مقاوم للمطر والغبار والحرارة» .

أحد جدران الجامع الأموي

ومن زوار الجامع السيد "إياد يعقوب"، الذي قال: «الفسيفساء جميل جداً ويعتبر من الآثار التي يعجب بها السياح والزائرين في الجامع، لذلك هو قبلة أنظار كل الناس، وفي كل مرة آتي بها لزيارة الجامع أرى شيء جديداً في اللوحات الفسيفسائية الموجودة فيه، هذا ما يجعلني ألتقط صوراً عديدة لها، فأنا مهتم جداً ومتابع لهذا الفن الراقي».