وضعت فرقة "الشام" المسرحية نقطة الختام، أو كما يقال كانت "مسك الختام" في مهرجان حماة المسرحي الواحد والعشرين من خلال عرضها الذي قدمّته والذي حمل عنوان "مشاجرة" عن نص للكاتب "يوجين يونسكو" ومن إخراج "نضال صواف".

مدونة وطن eSyria حضر العرض والتقى بعدد ممن حضر هذه المسرحية:

حركات الجسد كانت جميلة ومبررة وتحركت بانسيابية على المسرح

الممثل "انطوان شهيد" قال: «كان العرض جميلاً وموفقاً، حقيقة أني كنت قد شاهدته مرّة من قبل في مهرجان "دمشق" المسرحي، وهو مشغول بمصداقية جميلة، كان العرض عبثي بما للكلمة للمعنى، المخرج "نضال صواف" تناول طريقة جديدة في الطرح، العرض يحقق شيء من المتعة والإفادة من ناحية طرح نمط جديد من العروض على خشبة مسرح "حماة"».

انطوان شهيد

وعن أداء الممثلين أضاف "شهيد": «حركات الجسد كانت جميلة ومبررة وتحركت بانسيابية على المسرح».

السيد "محمد شعراني" قال عن العرض: «أول ما يبهرنا في هؤلاء الشباب هو فهمهم لروح النص الذي كتبه "يوجين يونيسكو"، وفهم لجوّ العبث والذي أعطونا روحه، هذه المشاجرة تنشأ من الاختلافات بين الأنا والآخر، أنا على صح فأنت ستكون على خطأ، وأنت تقول أنا على صح فأنت لن تكون حتماً إلا على خطأ، في هذه الاختلافات كانوا يقدمون البراهين بحلول إخراجية كانت على شكل كرات، دخل بينهم الفنّان "أسامة جنيد"، وسحب منهم هذه البراهين وأعطاهم الكرات الرمادية وأخذ يرقص بالكرات الحمراء والخضراء، تبتدئ أواني الزهور بالتكسر بالرغم من تأكيدهم لأكثر من عشرين مرة "انتبه لأواني الزهور"؛ عندما سحبت الأفكار سحب العقل وبدأت الأمور السطحية وبدأت أواني الزهور بالتكسر، دخلت الأنثى وحولتهم لتماثيل، وهذا ما لاحظناه في مشهد إطلاق النار الثلاثي، قدموا عدّة اتجاهات من خلال اختلاف الرقصات ولكننا لا نقبل الآخر، وبالنهاية نفرت منهم جميعاً وتحولوا إلى تماثيل فارغة».

الفنان "أسامة جنيد"

وأضاف "شعراني": «عرض بحرفية عالية، أداء ممثلين على مستوى عالي، مرونة حقيقية لهؤلاء الممثلين يحسدون عليها، ذهنية إخراجية متمكنة، شغلوا المسرح وأمتعوا الجمهور، حقيقة نفخر أن هناك فرق تقدم عروض مسرحية بهذه السوية في سورية».

الفنان "نضال جوهر" قال: «يقال أن هذه النوعية من العروض تحتاج إلى جمهور نخبوي، إلا أنني لا أرى المسألة بهذا الشكل، نحن بحاجة لأن نرتقي بجمهورنا ليفهم هذه النوعية من العروض، "زهير" و"نضال" لعبوها بطريقة أقرب إلى الحس الكوميدي مما جعلها أقرب إلى المتفرج، إيقاع العرض كان مضبوطاً، هذا التجديد مطلوب في المسرح، جمهور "حماة" ذواق وهذا العرض جديد عليه، نتمنى أن نعمل نحن على الارتقاء بالمسرح لهذه السوية».

المخرج "نضال صوّاف"

والتقينا أيضاً بالممثل "أسامة جنيد" الذي قال: «مجموعة أفعال الممثلين بهذا النوع من المسرح يجب أن تكون مضبوطة ومدروسة ضمن خط، أغلب هذه الأفعال مرتبطة ببعضها من خلال فعل وردّ الفعل، سبب المشاجرة هي مجموعة أفكار بسيطة وسخيفة وغير ذات قيمة تم طرحها على شكل كرات، ومن ثم يتشاجرون حولها، حتى أن هناك أفكار مهمة لم يكونوا يرونها نهائياً، كذلك دخول الأنثى بكل دلالاتها بالنتيجة تحولت إلى شيء تدور حوله المشاجرة، الشجار هو ناتج عن عدم التواصل على كافة الأصعدة السياسية الاجتماعية الدينية، ويبدأ الشجار بالأشياء التافهة التي من المفترض أن لا ننتبه لها، أما القضايا المهمّة فتزول وتضيع ولا ينتبه لها أحد».

المخرج "نضال صوّاف" قال في سؤال عن حدود التماهي بين النصّ والإخراج: «طبيعة النص والغوص بأفكاره أحياناً تفرض أسلوبية ورؤية له، هذا النص يقدم مقولة لها علاقة بهذا الصراع الذي يفطر عليه الإنسان بصراعه مع نفسه والوجود، والذي يجعله لا يلتفت إلى الأشياء الجميلة، بل يدمر الورود والأزهار، والتماهي في هذا الصراع يجعلنا نتحول إلى بلهاء في هذه الحياة، نتيجة هذا التقديم نخرج إلى أسلوبية، كنت مستمتعا بهذا العمل كمخرج وتفتّح لنا خيال جديد، بالإضافة إلى التمثيل الذي تطلب استخدام طاقة هائلة فيه».

وعن استخدامه للكرات قال: «الكرات أخذت أشكالاً مختلفة في التأويل، فاستخدمت كهاتف وكزجاجات، وأفكار مغلقة، وأفكار خضراء، وأحيانا هي مجرد كرات».

وعن قدرة المتفرج على مجاراة العرض قال "صوّاف": «ليس لدينا فرز بالمسارح وليس لدينا تعدد بألوان المسارح، مازلنا في مرحلة خلق الجمهور لكي يتماهى معنا إلى سنوات قادمة، مازلنا في مرحلة صنع متفرجنا، ليعرفنا فيحضر عروضنا، عندها يمكننا أن نتحول إلى مرحلة متطورة جداً عبره، جمهورنا غير معتاد على هذه النوعيات، هي مغامرة ندخلها لنستمتع، وعندما نستمتع نحن يستمتع الجمهور بالضرورة».

وعن مشاركته في مهرجان "حماة" المسرحي قال المخرج "نضال صوّاف": «نحن أصدقاء مهرجان "حماة" المسرحي وعرضنا فيه من قبل "رجال محترمون"، "هواجس وردية" و"الخادم الأخرس"، وليس غريبا أن نتواجد هنا، كما أنه ليس من الغريب أن تتواجد الفرق المسرحية "الحموية" على خشبات مسارح "دمشق"».

في عمل "نضال صواف"، "مشاجرة".. مشاجرة حقّة، دخلتنا إلى ذواتنا التي لا يمكن أن نؤطرها، ودخلنا معها في لعبة التكرار الجميل والممتع، والذي لا تهدف إلا إلى التوّقع الجميل أيضاً، وهو أمر في منتهى الصعوبة والابتكار. لذلك إذا حسبنا حسنات مهرجان "حماة" المسرحي لهذا العام، فسيكون عمل المخرج "نضال صواف" أكبرها. ولا يمكن أن نقارن بين أي عرض قدم على خشبة المسرح في هذا العام، وبين هذا العرض، مع احترامنا الشديد لكل الجهد المبذول من قبل كل من شارك فيه.

بروشور العمل:

تأليف: "يوجين يونسكو"

سينوغرافيا وإخراج: "زهير البقاعي"- "نضال الصواف".

الممثلون: "علا علي"، "أسامة جنيد"، "نضال الصواف"، "زهير البقاعي".