قصة تاريخ عريق رسمها الباحث التاريخي "منير الذيب" خلال محاضرته "اللجاة معبر الحضارات" والتي ألقاها في مدرسة الشرائع المحدثة ضمن فعاليات المهرجان الثقافي "من اللجاة الى القدس سلام" بحضور أكثر من 200 شخص من سكان اللجاة الذين جاؤوا من كل مكان.
"الذيب" أخذ سكان اللجاة في رحلة تاريخية طويلة وصلت الى الألف الثاني قبل الميلاد، ليروي قصصاً وحكايات تخلد الحضارات التي تعاقبت على "اللجاة" مؤكدا أن اللجاة عاشت عصورا ذهبية وأنجبت مفكرين وثواراً وأدباء خلدوا اسمها قبل أن تغيب شمسهم.
"ابن كثير" صاحب التفسير الاسلامي، "الضحاك بن أحمد البصيري"، "الحاني" وابنه، القاضي "شرف الدين الأذرعي"، المؤلف "ابن الجيان الأذرعي"، الثائر والمناضل "فايز الغصين"
"منير الذيب" تحدث خلال لقائه مع موقع eDaraa بتاريخ 9/12/2009، عن أهمية هذه المحاضرة وما تحمله بين طياتها من فائدة لأهل "الشرائع" فقال: «أهمية هذه المحاضرة تأتي من كون معظم سكان "اللجاة" وسكان منطقة "الشرائع" هذه البلدة العريقة تاريخيا، لا يعرفون العصور التي مرت على هذه البلدة وأهميتها التاريخية على مر العصور، فاللجاة كانت إحدى ابرز المناطق ثقافيا واجتماعيا منذ آلاف السنين لذا كان لا بد من أن نعرف سكان "اللّجاة" وخاصة الشباب بهذه المعلومات الهامة كي لا ينسوا تاريخهم العريق».
وعن العصور التي مرت بها منطقة "اللّجاة" يضيف: «"اللّجاة" مرت بكافة العصور منذ العصر الحجري وصولا الى البرونزي قبل المسيح بحوالي 1500 سنة ولكل عصر من العصور أبطال خلدتهم قصص التاريخ كالملك "حزائيل" الملك القوي الذي حارب الملك الآشوري آنذاك وأوقفه عند حدود اللجاة حتى هزم، والملك "جندب العربي" ووصلت اللجاة الى العصر اليوناني 1383 قبل الميلاد حيث كانت سورية تخضع لحكم "الاسكندر المقدوني"».
وحول ابرز ما تتميز به "اللّجاة" الى اليوم يقول: «من أبرز الأشياء التي تعبر عن عراقة "اللجاة" الآثار والمعابد والنقوش والآثار المختلفة التي نقشت بالخطين العربي والآرامي، فهذه المنطقة مر بها "بولس الرسول"، وهذا التاريخ طبع في كتاب موجود في المتحف الفرنسي في "فرنسا"، اضافة الى أن "اللّجاة" تحتوي على العديد من الأعشاب التي تستخدم في الأدوية، اضافة الى أن "اللجاة" فيها مملكة "سحر" هذه المملكة الرائعة الجمال ذات المظهر الرائع والبناء الجميل، والعديد من الآثار الخالدة الى اليوم».
وعن الأهمية التجارية لمنطقة اللجاة يقول "الذيب": «كانت منطقة "اللجاة" منذ القدم سوقاً تجارياً كبيراً ففي "الشعارة" والتي تبعد حوالي كيلومترين عن "الشرائع" قلب اللجاة كانت الحمامات القديمة والتي تعد أهم مكان للتبادل التجاري وحتى الفكري والثقافي ومنبع العلاقات الاجتماعية آنذاك، وهنا أشير الى أن الطرق في "اللجاة" شهدت تنظيما حديثا منذ آلاف السنين فقد كانت العربات تسير في اتجاهين متعاكسين كل في مساره دون أي عناء أو إعاقة لحركتها وهذا يدل على أن "اللجاة" منطقة تجارية مميزة».
وفي الحديث عن أبرز الشخصيات التاريخية التي نشأت من اللجاة يقول الدكتور"أحمد حمادي" مدير الثقافة: «"ابن كثير" صاحب التفسير الاسلامي، "الضحاك بن أحمد البصيري"، "الحاني" وابنه، القاضي "شرف الدين الأذرعي"، المؤلف "ابن الجيان الأذرعي"، الثائر والمناضل "فايز الغصين"».
وفي الحديث عن ابرز المراحل التي ظهرت فيها "اللجاة" يقول الحاج "عقل الغصين" أحد ابرز كبار المنطقة: «أقوى المراحل التي ظهرت المنطقة من خلالها مرحلة "ابراهيم محمد علي باشا" الذي فشلت كل محاولاته في السيطرة على المنطقة وخسر كبرى خساراته هنا عندما وقفت صعوبة الطريق الى جانب قوة سكان المنطقة ففر "إبراهيم باشا" هاربا بعد أن خسر حوالي 500 جندي من أصل 600 وبقي من تبقى من المصريين هنا في "حوران" وأطلق عليهم عائلة "المصري" وعملوا أئمة في المساجد الى أن كني بعضهم بـ"الخطيب" وعاشوا الى اليوم بسلام».
ويختتم الحديث الأستاذ "عبد المجيد الغصين" بالحديث عن عائلة الغصين صاحبة الفضل الكبير في صناعة "اللجاة" فيقول: «عائلة الغصين أولى العائلات التي قطنت هذه المنطقة فعاشوا على ضفاف ينابيعها وزرعوا وربوا المواشي الى أن استقروا وبدؤوا ببناء البيوت المصنوعة من الحجر البازلتي الأسود الذي يميز هذه المنطقة، وتزوجوا وبدأ الانتشار الواضح لهذه العائلة التي تفرع منها بعض "الأفخاذ" فكنّوا بكنيات مختلفة».
بقي أن نشير الى أن الشرائع تقع بعد بلدة "الشعارة" الطريق التي تربط "السويداء" بـ"درعا" وهو ما جعل ملامحها تتلون بسواد حجارة "السويداء" وطبيعتها اقرب اليها وهي تبعد حوالي 70 كيلومتراً عن "درعا".