حين تلتقيها ترى نشاطاً غير مألوف في حركتها وانتباهها مايحرضك على الشعور بالغيرة منها خاصة حين تعلم أن ذلك النشاط يصب في نقل صورة رائعة عن بلدها من خلال توسيع قاعدة الجمهور البريطاني في سورية، ومن خلال التواصل كمترجمة مباشرة في ندواتهم ومنتدياتهم الثقافية.
هي الآنسة "غالية سيفو" مديرة التسويق والتواصل في المجلس الثقافي البريطاني بدمشق.
من الصعب وصف حضور "غالية" في مكان العمل دون التفكير في خشبة الألوان التي تحمل أسرار الرسام و تتحدث عن جهده و شغفه وعمله الدؤوب ليخلق اللوحة. تنتمي "غالية" الى فريق حملها مسؤولية أثبتت عن جدارتها بها حيث تحمل ريشتها كل صباح لتضيف قوس قزح الى مشاريعه, ولتخبر الملأ عن نجاح فريق المجلس الثقافي البريطاني الذي يفخر بما ينجز وتعمل بحكمة و حماسة .. بالتزام واحساس مرهف .. بجدية و مرح , كل تلك الصفات قلما تجتمع في زميل عمل ماجعل من حضوها مصدر فرح و فخر للفريق
eSyria التقى الآنسة "سيفو" بتاريخ 23/1/2010 وكان الحوار التالي:
*كيف ساعدتك دراستك للوصول إلى منصبك الحالي ؟
**درست الترجمة في جامعة دمشق وكما تعلمين، الترجمة بعيدة نوعاً ما عن مجال الإدارة، لكني عملت منذ أن كنت طالبة في الجامعة في مجال التواصل الذي أحببته كثيراً، ولذلك فقد تابعت دراسة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) وتخصصت في مجال التسويق، وبذلك حصلت على معرفة أكاديمية في إدارة الأعمال بمختلف فروعها كالإدارة المالية وإدارة الموارد البشرية مع التركيز على التسويق الذي كان الأساس في الخبرة العملية
*عملك يتطلب الكثير من الكفاءة والتركيز، فكيف تعملين على اتخاذ القرار السليم في الوقت الصحيح؟
**لا يمكن الجزم بأن جميع القرارات التي يتخذها الشخص في عمله يمكن أن تكون دائماً الأسلم وفي الوقت الصحيح، كما ذكرتِ فالكفاءة والتركيز عاملان مهمان في اتخاذ قرارات معينة في الأوقات الحرجة، وطبعاً الخبرة تلعب دوراً كبيراً في هذا المجال حيث يمكن الاستناد إلى قرارات سابقة تتقاطع مع المعطيات الحالية ومن خلال عملي، أمثل الواجهة ضمن المنظمة التي أعمل بها وخارجها، وبالتالي يجب أن أكون مطلعة على كل تفصيلة في عملنا في ظاهرها وباطنها وهذا يساعدني على تحمل مسؤولية أكبر. باختصار، الكفاءة العلمية والعملية والمعرفة التامة بتفاصيل العمل، بالإضافة إلى التعلم من تجارب سابقة تمثل الأرضية التي تبنى عليها قراراتي في كل مرة أكون فيها على المحك.
*مهارة الاتصال تستدعي تعزيزاً وتطويراً لقدرات ذاتية يمتلكها صاحبها، كيف تطورين هذا العمل، وكيف ساعدك ذلك في أجواء ليست عربية؟
**أنا بطبعي إنسانة اجتماعية جداً. أقضي أفضل أوقاتي عندما أقابل أشخاصاً جدداً وأعطي أفضل ما عندي عندما أكون بين الناس، فالبذرة موجودة وإن شاء الله تتم رعايتها وتطويرها بالعودة إلى الخبرة الأكاديمية والعملية والاستفادة من رأي الآخرين.
أما بالنسبة إلى العمل في أجواء غير عربية فلم يكن يوماً عائقاً لي. دراسة الترجمة تقوم على فهم الثقافتين التي تمر اللغة عبرهما لضمان وصول الرسالة إلى الطرف الآخر باستخدام التعبير الصحيح، وكذلك الأمر بالنسبة لبيئة الأعمال الدولية التي تعرفنا عليها أثناء دراسة الماجستير في المعهد العالي لإدارة الأعمال (HIBA) حيث كان مدرسونا أوروبيون، كما درسنا مقررات اختصاص التسويق في "جامعة برشلونة" في اسبانيا وبالتالي عشنا تجربة التعامل والدراسة والعمل ضمن ثقافات مختلفة.
أول عمل قمت به كان في منظمة دولية وقد أكسبني ذلك خبرة بالتعامل مع أشخاص كثيرين من خلفيات ثقافية متنوعة جداً، وقد فتحت هذه التجربة عيني على الطرق المختلفة التي يعبر بها الناس عن أنفسهم باختلاف البلدان والثقافات التي جاؤوا منها، وبالتالي سهلت دربي في الأعمال التي قمت بها فيما بعد.
*كيف يخفف التحكم بالانفعالات من ضغط العمل برأيك؟
**نعمل جميعنا في مكتب واحد مفتوح. صحيح أننا نعاني من ضغط العمل وقلة الوقت والضجيج، لكن من جهة أخرى فالمكان يضج بالحياة ويقربنا جميعاً من بعضنا كفريق عمل. كما أنني أعتقد أن انفعالاتنا وعواطفنا هي التي تحدد هويتنا كبشر وتمكننا من التواصل مع بعضنا، وأؤمن بشدة أن اللمسة الشخصية تضيف قيمة كبيرة إلى العمل وتساعد على تقوية العلاقات مع الزملاء والشركاء والعملاء وهو مبدأ أتبعه في كل تعاملاتي.
*هل تفقدين مرونتك أحياناً، مايجعلك تبطئين في السرعة والديناميكية التي اعتدت عليها خصوصاً في الملتقيات والمؤتمرات الكبيرة التي تقيمونها؟
**أبداً! المرونة وسرعة التصرف أهم المهارات اللازمة في الملتقيات والمؤتمرات وأي حدث آخر نقيمه حيث لا يمكن ضمان سير الأمور وفقاً للمخطط ، وعندها يأتي دور الحلول البديلة السريعة مع ضمان الجودة العالية التي تليق بمعايير عملنا الدولي.
*لديك حتماً أفكار بديلة لكل المستجدات الطارئة، كيف ترين تقبل المسؤولين لهذه الأفكار وهل غالباً ماتكون صحيحة؟
**كل شخص من فريق العمل مسؤول عن جزء من العمل وأي مهمة تتم على مستوى عالٍ من التنسيق. وضمن هذا الفريق، أنا الخبيرة في مجال عملي وأقدم النصح فيما يتعلق به كالإعلام والصحافة أو شؤون التصميم والطباعة على سبيل المثال، وطبعاً أكون مسؤولة عن خياراتي. أستفيد كثيراً من خبرة مديرتي المباشرة وفلسفتها في الحياة والعمل ولها دور كبير في تشجيعي على طرح أفكاري ومناقشتها في بيئة عمل آمنة مبنية على الثقة ببعضنا وبقدراتنا وإمكانيتنا.
*بناء على ذلك كيف تساعدك أفكار ورؤى الآخرين على التطوير؟
**أفكار ورؤى من حولي تزيد من وعيي وتغني معارفي. أفكار ورؤى الآخرين مبنية على معارفهم وتجاربهم ومشاركتهم معي تغنيني. دائماً القيمة الفكرية للناتج الجماعي أكبر من الفردي حيث تستحث الأفكار بعضها، وكما قلت عملنا يقوم على عدد من فرق العمل فيها مجموعة مختارة بعناية خبيرة في مختلف المجالات مما يزيد معرفتي.
*من هم الأشخاص المهمين في حياتك والذين كان لهم الدور الأكبر فيما وصلت إليه؟
**لعب والداي دوراً مهماً في حياتي من خلال تربيتهم التي عززت ثقتي بقدراتي وكينونتي ومن خلال التشجيع المستمر. يسعدني أن أسمعهما يتحدثان عني بفخر بين حين وآخر.
لقد زرعا فيّ تقدير العمل الجدي الصادق وحب المعرفة حيث يوجد في منزلنا ما يزيد عن السبعة آلاف كتاب. علمني والدي كل شيء ومرنني على المهارات الأولى بنفسه، وظل يحكي لي الحكايات حتى صرت في المرحلة الثانوية، في حين عززت والدتي تقديري لإنسانيتي وكسر قيود جنسي والتعبير بصراحة عن نفسي بالإضافة إلى احترام الحياة ومحبة الله وتقدير عطاياه، فبالرغم من أننا ست أخوات فقد تمكن والداي من تخصيص وقت لا أعلم من أين أتيا به لتشجيع كل واحدة منا على أن تصبح متميزة بطريقتها على المستوى الشخصي والمهني، وهذا بالتالي أدى إلى إغناء حياتنا من خلال توسيع دائرة المشاركة والتبادل وبالتالي بناء التجربة الفردية على أساس أوسع وأكبر من التجارب الجماعية.
كما أنني أحظى بوجود جندي نصف مجهول في حياتي يدفعني دائماً نحو الأفضل ويشجعني على تحدي نفسي وظروفي في كل مرة تراودني فيها شكوك أو تواجهني مشكلة. يثق بي أكثر من نفسي وهذا يمنحني طاقة إضافية.
*هل تعرفينا على تجربتك في الملتقيات الأخيرة التي عملتم عليها في الريادة الثقافية ورسم خريطة التبادل الثقافي بين بريطانية وسورية؟
**يثير اهتمامي في إستراتيجية عمل المجلس الثقافي البريطاني نهج التبادل بين الثقافات المختلفة. فالمجلس في سورية مثلاً لا يأتي بعدد من الرواد الثقافيين من بريطانيا إلى سورية ليحاضروا عن تجربتهم، بل يجمع خيرة الرواد الثقافيين من العالم ليتحدثوا مع بعضهم ويشاركوا أفكارهم وآراءهم والتحديات التي تواجههم ويعرضوا اقتراحاتهم وتوصياتهم. وعندما قرر المجلس الثقافي البريطاني في العالم أن يرسم خارطة للعلاقات الثقافية اختار ثلاثة بلدان وهي اليابان وجورجيا وسورية. وعندما أطلقنا المشروع جمعنا عدداً من الشركاء والجهات التي نعمل معها وبحثنا الموضوع على الطاولة. ما أحبه في أسلوب عملنا هو الوضوح والانفتاح.
*هل تعتقدين أن عملك الحالي هو هدفك الأخير؟
** لا فالطريق ما يزال في أوله والأهداف كثيرة.
في مكان عملها بالمركز التقينا السيدة "اليزابيت وايت" مديرة المجلس البريطاني حيث قالت عن "غالية":
«انضمت غالية إلى الفريق في وقت كان فيه المجلس الثقافي البريطاني يعمل على توسيع عملنا في مجال التواصل والتعريف أكثر بعملنا في تعزيز العلاقات الثقافية بين بريطانية وسورية، وجلبت معها إلى المجلس الثقافي البريطاني نهجاً جديداً ومعرفة عميقة بالمجال، بالإضافة إلى التزامها وحماستها. ومنذ انضمت إلى الفريق في السنة الماضية أنجزت الكثير فيما يتعلق بتوسيع قاعدة جمهورنا وفي جعل تواصلنا معه أكثر مهنية، بالإضافة إلى ابتكار مناسبات غير عادية وناجحة جداً قام بها المجلس الثقافي البريطاني في دمشق وحلب. نقدر ونثمن عالياًً أفكارها الخلاقة ونهجها الجدي. من الصعب أن تجد هاتين الصفتين معاً في شخص واحد».
سألنا أيضاً الآنسة "ألمى سالم" مدير مساعد، كيف ترى "غالية " في العمل فقالت:« من الصعب وصف حضور "غالية" في مكان العمل دون التفكير في خشبة الألوان التي تحمل أسرار الرسام و تتحدث عن جهده و شغفه وعمله الدؤوب ليخلق اللوحة. تنتمي "غالية" الى فريق حملها مسؤولية أثبتت عن جدارتها بها حيث تحمل ريشتها كل صباح لتضيف قوس قزح الى مشاريعه, ولتخبر الملأ عن نجاح فريق المجلس الثقافي البريطاني الذي يفخر بما ينجز وتعمل بحكمة و حماسة .. بالتزام واحساس مرهف .. بجدية و مرح , كل تلك الصفات قلما تجتمع في زميل عمل ماجعل من حضوها مصدر فرح و فخر للفريق».
يذكر أن "غالية سيفو":
- مواليد دمشق 1979
بكالوريوس في الترجمة من جامعة التعليم المفتوح 2005
ماجستير في ادارة الأعمال من المعهد العالي لإدارة الأعمال HIBA اختصاص التسويق - الدفعة الأولى 2007