أقيم في أحد البيوت الدمشقية في المدينة القديمة معرض تشكيلي لأعمال تركيبية قام بتنفيذها مجموعة من الفنانين التشكيليين السوريين بعنوان "في الصمت الفن الآن" وذلك في 2/10/2010، وتميز المعرض بطرح فكرة "من الذاكرة" وتمت المعالجة بطرق حديثة وغير مألوفة للجمهور المتتبع في سورية، فقد اتسمت الأعمال بالشكل العام بجرأة الطرح وعدم التعقيد في التنفيذ، وبالعمق في مواكبة الحداثة عند مجموعة الفنانين المشاركين. وقد حضر المعرض مجموعة من الفنانين والمهتمين.
موقع eSyria حضر الافتتاح وعن هذه التجربة في المكان سجل مجموعة من الآراء كان أولها مع الفنان "محمود ديوب" خريج كلية الفنون الجميلة 2005 قسم التصوير ويقوم بالإعداد لرسالة الماجستير حالياً، والذي تحدث عن مشاركته بقوله: «هذه المرة الأولى التي أشتغل فيها عملاً تركيبياً، والعادة عندي هي أن أعمل معارضاً بالتصوير والنحت. فنحن نعمل عن موضوعة الذكريات في هذه الورشة، وقد اخترت الأحذية موضوعاً، حيث إنها تعيش معنا في ذكريات كثيرة دون أن ننتبه لها، وأحياناً الإنسان يفنى ويموت ويبقى حذاؤه فترة ليحمل شخصيته لأنه يعيش معنا فترات طويلة».
المعرض جميل جداً وفيه شيء من الدهشة، فأفكاره جديدة وغير مألوفة وأكثر ما لفت نظري عمل الفنانة "إيمان الحاصباني" والفنان "فادي الحموي"، فهذا النمط من الأعمال الجميلة والتي قريباً جداً قد تعطينا القدرة لنراها من الداخل أكثر، من خلال مثل هذه النوعية من الأعمال وهذه الثقافة البصرية
أما الفنانة "إيمان الحاصباني" والتي تقول حول مشاركتها: «أحببت أن آخذ من ذاكرة جمعية لمجموعة من النساء ضمن ذاكرتي الخاصة، أردت أن أتكلم من خلال (الكرسي– الشعر– المرآة)، والتي هي عناصر جمالية، وفي ذات الوقت الكرسي مكسور وغير صالح للاستخدام وكذلك المرآة مكسورة أيضاً، والشعر الطويل المرتبط بالمرأة، كل هذا جعل من الحالة مختلفة تماماً، فأصبح تقف بين الجمالية والألم، وبين الجانب الوظيفي وغير الوظيفي، وأنا من خلال هذا الأمر أتكلم عن ذاكرتي المرتبطة بمجموعة كبيرة من النساء، حيث إني كنت أعيش في مجتمع نسائي وتحديداً في طفولتي، المجتمع النسائي الجميل جداً والأنثوي جداً ولكنه في ذات الوقت مؤلم جداً وفيه وجع، ناتج عن الاضطهاد التاريخي، وأتى توظيفي لمقولة أخذتها من رواية "ذاكرة الجسد" لأنها كانت مناسبة جداً لما أعمل عليه للروائية الجزائرية "أحلام مستغانمي" والتي تتكلم عن الذكريات كثيراً».
الفنان "محمد علي" خريج كلية الفنون الجميلة 2005، والذي وضع نفسه في خزانة، وأقفل أبوابها وأخذ يسترق النظر والسمع على الجمهور، وبعد قليل أخذ يطرق الأبواب للفت الانتباه، يقول: «أنا أشارك دائماً مع "All art now" وفي هذا المشروع عملنا على الذكريات واستحضارها، وكان مشروعي هو كيف أننا نخلق ذكريات آنية من خلال المراقبة، وكيف يتكون لديك عالم مختلف بوجود الآخر، وعندما يذهب ويغادرك يصبح نوع من الذكرى، وأنا أكون بمثابة الكاميرا التي أصور بها الناس الذين يأتون وينظرون إلي عبر الخزانة، ففي البداية لا يكون هناك أحد وعندما يأتي أحدهم أراقبه من خلال الخزانة وأكون بذلك ذاكرة آنية، هذه الخزانة أنا خلقتها وهي ليست سجناً بل هي عالم خاص أعيش فيه، فهذا العالم الذي صنعته والذي من خلاله أرى الناس في الخارج بطريقتي الخاصة، والعمل اسمه "لف ودوران"».
لكن الفنان "فادي الحموي" خريج جديد في كلية الفنون الجميلة دفعة 2009 -2010 قسم التصوير تحدث عن مشاركته بالقول: «أنا عملت سابقاً مع "All art now"، عملت على موضوع الذكريات ببساطة، فكل منا لديه طفولة، أنا بالنسبة لي لا أتذكر تفاصيلها ولكنها بالتأكيد هي جزء من حياتي، وعندما كبرت ظهرت تأثيراتها بطريقة لا أدركها، وهذه الذكريات عندما تمر تكون حالة ومضت، فهي حالة مثل الوهم، وبالنسبة لي هي تقف بين الحقيقة والخيال.
أنا أخذت عنصراً بسيطاً جداً من طفولتي وهي لهاية الأطفال، رسمتها بشكل "أوب آرت"، والتي تتم بخداع النظر بأن ترسم الصورة على الحائط وعلى الحافة وعلى الأرض، ومن نقطة واحدة تراها متكاملة بشكل كامل، فهذه هي نقطة الحقيقة، ولكنك عندما تدخل الغرفة (مكان العمل) تراها مشوهة كثيراً، فهذا هو الوهم والحقيقة التي أتحدث عنها، والعنصر الذي اخترته "اللهاية" باللون الزهر كتعبير عن حرمان طفولي من شيء أجهله، وكتعبير عن الأنثى بشكل أو بآخر، ويحيط بالشكل خيوط غير مرئية يجب أن تدخل الغرفة وتدقق كثيراً كي تراها، وهي تعبير عن الفكرة السابقة وهي أن ترى نقطة واحدة صحيحة، وهذا هو الاكتشاف الذي يكتشفه المشاهد وهو خارج».
"طارق حاج يعقوب" أحد زوار المعرض يقول: «المعرض جميل جداً وفيه شيء من الدهشة، فأفكاره جديدة وغير مألوفة وأكثر ما لفت نظري عمل الفنانة "إيمان الحاصباني" والفنان "فادي الحموي"، فهذا النمط من الأعمال الجميلة والتي قريباً جداً قد تعطينا القدرة لنراها من الداخل أكثر، من خلال مثل هذه النوعية من الأعمال وهذه الثقافة البصرية».
أما "عبير البخاري" مؤسِّسة "All art now" ومسؤولة عن إدارتها وعن الجانب التنظيمي للمعرض تقول: «هذه المؤسسة اسمها "All art now" هي موجودة فعلياً منذ 2005، نحن مؤسسة للشباب، فيها مجموعة من الفنانين الذين يعملون بالفن المعاصر، ونقدم معهم عروضاً بشكل دوري تقريباً، فكل فنان يقدم العرض الخاص به، وأحياناً يكون المشروع تحت عنوان معين ويتكلم عن فكرة معينة، فهذا المشروع مثلاً يتحدث عن الذكريات وعلاقتها بالفنانين سواء بذكرياتهم الشخصية أو الذكريات بشكل عام».
والجدير ذكره أن هذا المعرض يشارك فيه أيضاً الفنانين "نسرين البخاري" و"رزان محسن"، واعتذر عن المشاركة الفنان "عرفان خليفة"، ويستمر المعرض حتى 30/10/2010.