افتتح في "أيام غاليري" معرض تشكيلي من مقتنيات الصالة بعنوان "ثم ماذا؟" وقد أخذ المعرض اسمه من عنوان لأحدى لوحات الفنان الراحل "لؤي كيالي" والتي كانت معروضة في الصالة بل كانت هذه اللوحة تمثل عاصمة المعرض، الذي يتحدث عن فكرة المعاناة والعذاب الإنساني في شقيه الخاص والعام. وحضر افتتاح المعرض نخبة من الفنانين والمثقفين إضافة لوسائل الإعلام.
موقع eSyria حضر الافتتاح الموافق في 11/10/2010 وكان لنا اللقاءات التالية، الفنان الشاب "أسامة دياب" أحد المشاركين في المعرض وصاحب اللوحة الأحدث فيه، عن المعرض ومشاركته يقول: «المعرض جزء من مقتنيات الصالة والتي تدور حول فكرة الفن في الشرق الأوسط، وقررت إدارة الصالة أن تختار مجموعة تمس الهم الفلسطيني كما هو مبيّن من عناوين أو أسماء اللوحات، كنوع من الإكرام لهذه الحالة وتخليداً لها، وتأتي مشاركتي بعمل هو جزء من مجموعة أعمال اشتغل عليها منذ مدة، وأدرس من خلالها الكتلة ككتلة والفراغ، التي تحمل صيغة إنسانية حتى لو ظهر الكائن بصيغة حيوانية، فالصيغة النهائية هي صيغة إنسانية مع الفراغ الذي يشغلنا على المستوى الاجتماعي، السياسي، الديني، أو الاقتصادي، فهذه المجالات هي التي تصنع فرداً قلقاً أو فرداً مستقراً، أو فرداً في حالة من الأزمة، أحببت أن أقدم وجهة نظر في طرح "الموناليزا" وهي عمل أوروبي برؤية شرقية، وبمجرد أن تضع "الموناليزا" الحطة "الشال" على رأسها، هذا يطرح سؤالاً هل هذه الآلية في الصياغة قادرة على تحويل أي شيء مهما كان إلى شيء ثوري؟، وهل يمكن أن يأتي أحد ويتفهم أن هذه الحالة هي حالة مقاومة؟، فمن حق أي إنسان أن يتفهم حالة المقاومة هذه، ويجب أن يتفهم الجميع حالة المقاومة من هذه الزاوية، لأن خدعة الإرهاب ليس لها ما يبررها، فهي صنعت وروجت في العالم من أجل التقليل من أهمية وتجربة الفكر المقاوم».
إن هذا المعرض الذي يحمل عنواناً من عناوينه "فلسطين في الذاكرة"، هذه الذاكرة التي يحاولون أن يمحوها من عقول الشعب الفلسطيني والعربي والضمير العالمي، لذلك أنا أحترم كل فنان كانت له لمسة في هذا المعرض، لأنها أعمال مهمة جداً
د. "صفوان داحول" فنان تشكيلي ومن المشاركين في المعرض تحدث هذه التجربة: «الفكرة من طرح هذه المجموعة في هذا المعرض كونها مقتنيات خاصة، فهناك الكثير من الأعمال لم تشاهد من قبل، وهي كانت تقديماً مهماً لعمل الفنان التشكيلي الراحل "لؤي كيالي" "ثم ماذا؟"، هذا المعرض الجماعي أنا أراه أقرب لأن يكون معرضاً متحفياً فهناك مجموعة من الأعمال معروضة تمتد لنصف قرن من عمل للفنان الراحل "أدهم إسماعيل" 1960 وحتى عمل الفنان "أسامة دياب" 2010، فهذه الخلطة الجميلة التي تنقلك عبر الزمن بين هذين الفنانين، ولكن ما يجمع الأعمال جميعاً هي الأزمة والصراعات وأثرها على الإنسان إضافة لفكرة المأساة الإنسانية التي تصيب المجتمعات، أو عند الفنان بشكل شخصي، لذلك كل الأعمال المعروضة رسمت من الفنانين بسبب معاناة معينة، وهذا هو الجامع العام للمعرض مع اختلاف سنوات إنتاج الأعمال. أما عن العمل الذي أشارك به فهو من مجموعة الأعمال التي عملت عليها قبل عامين، رسمتها وكانت تحية إلى زوجتي الراحلة الفنانة "نوار ناصر"، والتي تتواصل مع فكرة المعرض الحالي ولكن من زاوية رؤية مختلفة، فهي تنطلق هنا من الخاص للارتباط بالمعاناة العامة».
السيدة "نجلاء الجزائري" من المهتمين بالفن التشكيلي تقول: «إن تقف أمام لوحة جداريه وعمرها نصف قرن ولفنان عظيم مثل الفنان "لؤي كيالي" فهذه في منتهى الروعة أشعر بنفسي كأني أدخل معبداً قديماً، هناك مجموعة من الأعمال أشاهدها لأول مرة في حياتي، وهناك أعمال قد نسيها أصحابها فمنذ قليل وبشكل عابر سمعت الأستاذ "غسان السباعي" يقول إنه كاد أن ينسى عمله المعروض، والسيدة "ليلى نصير" عاد بها الزمان إلى منتصف الستينيات إلى لحظة ولادة لوحتها المشاركة ولاحظت درجة تأثرها، وهناك من هجر أسلوبه القديم كالفنان "نذير نبعة"».
أما الفنان التشكيلي "علي الكفري" أحد زوار المعرض فقد عبر: «إن هذا المعرض الذي يحمل عنواناً من عناوينه "فلسطين في الذاكرة"، هذه الذاكرة التي يحاولون أن يمحوها من عقول الشعب الفلسطيني والعربي والضمير العالمي، لذلك أنا أحترم كل فنان كانت له لمسة في هذا المعرض، لأنها أعمال مهمة جداً».
أما السيد "خالد سماوي" مقتني الأعمال والذي عبّر عن عدم رغبته في الحديث للصحافة ووسائل الإعلام انطلاقاً من وجهة نظر تقول بأن الأعمال تتحدث عن نفسها بشكل جلي.
وكان التعريف بالمعرض وفكرته قد سجلت على جدار جانب لوحة "ثم ماذا؟" وجاء فيها: «يسلط معرض "ثم ماذا؟" الضوء على الروح التي نجدها ربما في لوحة الفنان التشكيلي السوري الراحل "لؤي كيالي"، والتي تحمل هذا الاسم "ثم ماذا؟"، والتي صارت عنواناً لهذا المعرض. في اللوحات السبعة عشر التي تمثل أعمالاً لبعض أبرز فناني الشرق الأوسط قد نعثر على الروح ذاتها مبثوثة بين لوحة "كيالي" وبقية الأعمال.
أعمال المعرض تمثل جزءاً يسيراً من المجموعة الفنية الخاصة لـ"خالد سماوي"، التي تضم أكثر من ثلاثة آلاف عمل فني، بين حديث وتقليدي ومعاصر، من مختلف أنحاء العالم،إنها تحمل سمة العالمية إلى جانب تأثيرها الخاص في المشهد الفني في الشرق الأوسط. أعمال تغطي خمسين عاماً من عمر اللوحة التشكيلية العربية، وهي تظهر كيف حضرت هموم المجتمع عنصراً رئيسياً وهماً من هموم اللوحة العربية. إنها مرة أخرى روح التواصل بين اللوحة والمجتمع الذي تنتمي إليه.
عندما أبدع الفنان الرائد "لؤي كيالي" تحفته الفنية "ثم ماذا؟" تحولت على الفور إلى واحدة من أشهر الرموز في الثقافة البصرية العربية، هل كان ذلك بسبب ذلك التعبير المدهش عن عذاب وألم المشردين عن وطنهم؟، أم بسبب ذلك الإحساس الفردي والعميق بالمأساة؟، الذي أصبح نبوءة "كيالي" بتتمة الحكاية، بالمستقبل الذي راح يرسم إلى اليوم مأساة المنطقة برمتها، فـ"كيالي" رسم "ثم ماذا؟" قبل نكسة 1967 بعامين، فكانت بحق تلك النبوءة للأحداث المأساوية التي عاشتها المنطقة في ما بعد».
والجدير ذكره أن الأعمال المقدمة في المعرض هي للفنانين "لؤي كيالي، أدهم إسماعيل، نعيم إسماعيل، ليلى نصير، نذير نبعة، غسان سباعي، صفوان داحول، مصطفى علي، أسعد عرابي، ريما سلمون، عمار البيك، عبد الكريم مجدل البيك، أسماء الفيومي، إدوارد شهدا" من سورية، "سامية الحلبي، أسامة دياب" من "فلسطين"، "آيكا تويلوغلو" من "تركيا".