معلم فكري وقومي من معالم "دمشق"، وأول مؤسسة عربية نادت وعملت للوحدة العربية، شهد منذ نشأته الأولى أحداثاً تاريخية حاسمة في حياة الوطن، إنه "النادي العربي" بدمشق.
موقع "eSyria" وللوقوف على أهم محطات هذا النادي النضالية التقى الباحث التاريخي الدمشقي "مروان مراد" ليحدثنا عن بدايات النادي، قائلاً: «تأسس النادي العربي بدمشق عام 1918 مع إعلان قيام حكومة "الأمير فيصل" العربية، بعيد تحرر سورية من الحكم العثماني، وقد عمل النادي منذ أيامه الأولى على تجميع القوى الوطنية والقومية والارتقاء بها وإعداد الشباب العربي الواعي لمسؤوليات الحكم المنشود، وهو قيام الدولة العربية وتوطيد الاستقلال الوطني، وكشف الخطر الصهيوني ومطامعه اللئيمة في أرض "فلسطين" المقدسة».
في السجل الذهبي للنادي العربي برامج "إنعاش الريف"، وبرنامج "كل مواطن خفير" في الإذاعة السورية الذي ساهم في إحكام الحصار الاقتصادي على الكيان الصهيوني، وكان من مظاهر فرحة الشعب السوري بجلاء قوات العدوان الثلاثي عن "بور سعيد" قيام النادي بالاحتفال بافتتاح أسبوع "بور سعيد" على مدرج الجامعة السورية حيث ألقى كلمة النادي المرحوم الدكتور "سعيد فتاح الإمام"
أما عن أبرز المحطات في تاريخ النادي العربي فيضيف الأستاذ "مروان": «كان أبرز المحطات في تاريخ النادي العربي انعقاد المؤتمر السنوي السوري في السابع من حزيران عام 1919 في مقر النادي بدمشق، بحضور الأعضاء المنتخبين عن سورية بحدودها الطبيعية وقد ضم النادي في تلك المرحلة كوكبة من المناضلين القوميين، تحركوا بحس وطني كبير لنشر الوعي بقضية الأمة والحماس للدفاع عنها بصدق وأريحية، لكن النادي ما لبث أن أغلق مع زوال الحكم العربي ودخول المحتل الفرنسي إلى سورية، وتمت ملاحقة أعضائه، وصدرت بحقهم أحكام الإعدام من المجلس الحربي للفرقة الثالثة بدمشق، وباسم الأمة الفرنسية».
يتابع: «أصدر المجلس العسكري الحربي الملتئم بدمشق بتاريخ 9 آب عام 1920 باتفاق الآراء وبعد سماع مقررات وادعاءات المفوض العسكري حكماً على "عبد القادر سكر، شكري الطباع، أحمد قدري، خير الدين الزركلي، توفيق فرج، خليل بكر ظاظا، رياض الصلح، عمر بهلوان، حسني مفرج، سليم عبد الرحمن، عمر شاكر، عادل أرسلان، عثمان قاسم، توفيق اليازجي، بهجت الشهابي، رفيق التميمي، محمد علي التميمي"، وتضمن الحكم عقوبة الإعدام ومصادرة جميع الأملاك».
أما عن التأسيس الثاني للنادي فيقول: «جذوة الوطنية الصادقة لم تخمد بل لم يزدها البطش إلا حماساً واندفاعاً، فتنادت جموع الشباب الواعي من جديد لتوحيد الجهد والطاقات، ومن تلك الروح الوثابة جاء التأسيس الثاني للنادي العربي عام 1937 وكانت أول هيئة إدارية تولت مسؤولية إدارته تتكون من الدكتور "سعيد فتاح الإمام، منير الريس، جميل القربي، عبد الرحمن عيد، جميل العلواني، عز الدين العطار، نسيب السكري".
وكان احتفال النادي بمرور سنة على تأسيسه عام 1938 وما تضمنه برنامج الحفل من خطب حماسية وأناشيد وطنية سبباً في شعور سلطات الاحتلال بخطره، باعتباره موئل وحدة عربية ومنبراً للعمل القومي، فبادرت إلى إغلاقه مع بداية الحرب العالمية الثانية عام 1938، وتعرض أعضاؤه لمختلف أنواع الاضطهاد، والملاحقة الشديدة، وبقي النادي مغلقاً طوال سنوات الحرب، حتى أعيد افتتاحه في العهد الاستقلالي عام 1945».
أما عن أهم إنجازات النادي فيقول الأستاذ "مروان": «ساند النادي ثورة "الجزائر"، ودعم الثورة الفلسطينية، وفي الذاكرة أيام مجيدة كيوم "فلسطين" الذي كان الأول من شهر رجب من كل عام، وذلك لجمع التبرعات، وكذلك تخليده لذكرى معارك الثورة السورية، وتكريم الشهداء ومنها معركة "القلمون"، حيث أقام النادي نصباً تذكارياً لهذه المعركة على طريق "دمشق- حمص" تخليداً لذكرى الشهيدين "ابراهيم صدقي وفؤاد رسلان"، كما أقام ضريح الشهيد "أحمد مريود" في "دمشق" وكان قد استشهد في هجوم على موكب الجنرال "غورو"، ورثاه مع رفاق شاعر الثورة السورية المرحوم "خير الدين الزركلي"، ونظم النادي حفل أربعين الفقيد البطل "جول جمال" شهيد البحرية السورية إبان العدوان الثلاثي على "مصر"، الذي أقيم في النادي العربي في الثامن من كانون الأول عام 1956، وقد تحدث فيه النخبة من المفكرين والمسؤولين العرب».
يتابع: «في السجل الذهبي للنادي العربي برامج "إنعاش الريف"، وبرنامج "كل مواطن خفير" في الإذاعة السورية الذي ساهم في إحكام الحصار الاقتصادي على الكيان الصهيوني، وكان من مظاهر فرحة الشعب السوري بجلاء قوات العدوان الثلاثي عن "بور سعيد" قيام النادي بالاحتفال بافتتاح أسبوع "بور سعيد" على مدرج الجامعة السورية حيث ألقى كلمة النادي المرحوم الدكتور "سعيد فتاح الإمام"».
أما عن النشاطات الأدبية للنادي فيقول: «أخذ النشاط الأدبي وجهاً مضيئاً من وجوه النادي خلال مسيرته الطويلة إذ وقفت على منبره خيرة المفكرين، المحدثين، الكتاب، الساسة والمجاهدين ومنهم "فوزي القاوقجي، اسماعيل الأزهري رئيس حزب الاستقلال السوداني، علال الفاسي رئيس حزب الاستقلال المغربي، عبد الرحمن عزام باشا، عبد الله العلايلي، فؤاد مفرج من لبنان، ومن فلسطين السادة أحمد الشقري، أكرم زعيتر وعزة دروزة، ومن مصر الدكتور أمين الخولي وزوجته الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ، ومن الأردن الدكتور صبحي أبو غنيمة، ومن سورية العدد الكبير من الشعراء والكتاب والمؤرخين».
السيد "أحمد علي ظاظا" 70 عاماً أحد متابعي نشاطات النادي يقول: «عمل النادي منذ تأسيسه على خدمة قضايا العروبة، فكان أول مؤسسة عربية نادت وسعت للوحدة العربية الشاملة رغم وجود سلطات الانتداب الفرنسي في البلاد، فعلى صعيد الكفاح الوطني واجه سلطات الانتداب الفرنسي منذ دخولها أرض الوطن، ولاسيما عندما نكلت بوعدها في إبرام معاهدة الاستقلال عام 1939، فوضع بعض أعضائه خطة لإسقاط حكومة مجلس المديرين التي ألفها الفرنسيون من المعروفين بولائهم لفرنسا، وكذلك التحضير لحركة مقاومة مسلحة في البلاد، ولكن بسبب خيانة أحد الأفراد من الذين دعوا للعمل في هذه الحركة واتصاله بالسلطة، استطاع الفرنسيون مفاجأة القائمين عليها قبل البدء بالتنفيذ، وقبضوا على عدد منهم وتمكن آخرون من مغادرة البلاد إلى "العراق والأردن"، وقد أحيلوا جميعاً إلى محكمة عسكرية حكمت على بعضهم بالإعدام وعلى آخرين بالسجن لمدة طويلة، حيث صدر حكم الإعدام على كل من "جميل العلواني، والشيخ يوسف السفريني، وحافظ الباشا"، كما حكم بالأشغال الشاقة على كل من "منير الريس، عبد الرحمن عيد، داوود التكريتي" وغيرهم من الأعضاء، ولكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون تنفيذ الحكم».