لم تعد قصيدة النثر مولوداً غريباً في بحر الشعر العربي ولم تعد مولوداً يحبو على قدميه ويديه، بل هو ينمو كما تنمو الأجناس الأدبية الأخرى، وقد شب وها هو الآن فتىً ينافس كي يحتل مكانة مرموقة قي ساحة الشعر العربي وها هو غمامة تعد بمطر غزير.
موقع "eDaraa" التقى نخبة من شعراء النثر بتاريخ "30/1/2011"، للتعرف على المكانة التي وصلت إليها قصيدة النثر؛ وبدايةً كانت لنا الوقفة التالية مع الشاعر "خليل النابلسي" ليحدثنا عن أهمية القصيدة النثرية في رفع الحياة الأدبية فقال: «إن الإبداع الحقيقي هو الذي يأتي كيفما يريد، لا كيفما يريد صاحبه، فأعطني شعراً أنسبك شاعراً، فهناك من يعتقد بأن كل ما هو جديد يقوم على معاداة القديم وهذا أمر غير صحيح، كما يعتقد البعض أن كل تحرر من الوزن والقافية يعطي القصيدة أهمية وجمالية وهذا أمر خاطئ، فالخروج عن الوزن والقافية لا يكفي لأن تكون القصيدة جميلة لذلك فأي قطيعة مع الموروث لا تمنع أحداً من أن يكون شاعراً».
تعطي المشاركات الشعرية انطباعاً خاصاً بأن الثقافة ذات طابع حيوي، ومن المؤسف النشاطات المتعلقة بالشعر النثري لا تحظى بالتغطية اللازمة إلا ما ندر، فهناك أصوات شعرية بحاجة إلى تسليط الضوء عليها
ولفت الشاعر "النابلسي" إلى أن «قصيدة النثر قد جاءت في وقت انحسار ذائقة الناس عن الشعر عموماً، نتيجة هيمنة وسائل الإعلام السمعية والبصرية والتي جعلت أمر الخيارات في تذوق الشعر أمراً ضعيفاً، فجاء الشعراء الجدد والناس في جفوة مع الفنون عموماً ليكونوا أقرب إلى الدراما والتلفزيون».
وعن الانتقادات التي عادة ما توجه إلى القصيدة النثرية قال "النابلسي": «الحقيقة تغاير المقولات التي تنتقد القصيدة النثرية بقسوة فهي أنموذج من السهل الممتنع ولا يستطيعها إلا من هو ذو خبرة وكفاية، فصاحبها صياد ماهر يترصد الأفكار والصور الغريبة لتحتمل الجملة الشعرية تأويلات عدة منطلقة من الرموز الخاصة التي تحتاج إلى جهد فكري لتصل إلى ما يرمي إليه الشاعر، فقصيدة النثر حديقة تحمل بين جنباتها أزهاراً من كل لون ورائحة وشكل، ولولا ذلك لمل زوارها وروادها وضجروا، فكما لشعر التفعيلة كثيرون ممن يدافعون عنه، كذلك لشعر النثر».
وعن التعريف بالنثر حدثنا الشاعر "بديع صقور" بالقول: «هو نص جديد كتب لواقع نعيشه، نص يحمل الكثير من المضامين الإنسانية واللغوية وفيه حالة جمالية، فكما يقول "ابن رشد" الشعر حالة إبداع، أي ألا نكرر ما قاله الآخرون لأن لا جدوى من ذلك، فالعصر عليه أن يمتلك ثقافة عالية ومتميزة سواء ثقافة تاريخية أم جغرافية أم اجتماعية أم سياسية، فليكتب الشاعر نصاً متميزاً دون الوقوف عند بعض المقاطع لملاحظة كونها موزونة أم لا».
وتابع "صقور": «حينما أتعامل مع النص بلغة إنسانية جميلة تبعث الفرح في قلب وروح الإنسان، وعندما أبحث عن قضايا الإنسان وواقعه وغربته أكون قد وصلت إلى الحالة الشعرية لمن يقرأ، من هنا أقول ليكن النص كاملاً نابعاً من القلب صادقاً لأقول بأنه شعر جميل أوصلني لما أريد».
أما الشاعر "ابراهيم الجرادي" فقال: «أكدت القصيدة النثرية نفسها من خلال الوسائل السمعية والبصرية والدوريات الأدبية وإقبال الشباب عليها لدوافع نفسية وانسانية واجتماعية، فهناك جيل كامل الآن يتجه نحوها، باعتبارها القصيدة التي لا تلتزم بقيود معينة، هي قصيدة ليست وافدة كلياً على الأدب العربي لأن لها جذوراً في التاريخ العربي، فلكل نص فيها أعرافه وتقاليده ليكون كل شاعر مختلفاً عن الآخر».
الشاعر الفلسطيني "رائد الوحش" قال: «تعطي المشاركات الشعرية انطباعاً خاصاً بأن الثقافة ذات طابع حيوي، ومن المؤسف النشاطات المتعلقة بالشعر النثري لا تحظى بالتغطية اللازمة إلا ما ندر، فهناك أصوات شعرية بحاجة إلى تسليط الضوء عليها».
وذكر الشاعر "عدنان مقداد" أن «اسم القصيدة النثرية قد يتسبب ببعض الإشكاليات النقدية وليست الشعرية، فكثير من الشعراء الآن يكتبونها على خلفيات فلسفية قد تفهم أو لا تفهم، حيث لا توجد تسمية حالية قد تنوب عن اسم القصيدة النثرية».
الجدير بالذكر أن المركز الثقافي العربي بمدينة "طفس" استضاف أول مهرجان للقصيدة النثرية في محافظة درعا، وقد كان بعنوان "مهرجان اليرموك" والذي امتد على تاريخ "29-30/1/2011" تحت رعاية مديرية الثقافة "بدرعا".