لمدينة "حماة" شهرتها بأسواقها التجارية القديمة بالإضافة إلى خاناتها وبيوتها العربية، حيث وجدت الخانات في "حماة" قديماً لكون المدينة مركزاً تجارياً هاماً.
وقد بني في "حماة" وضواحيها عدد كبير من الخانات، منها ما كان مخصصاً لإقامة المسافرين من التجار والحجاج لهم ولخيولهم وجمالهم وبضائعهم، وكان في مدينة "حماة" أكثر من ثلاثين خاناً تهدم قسم منها والباقي تقريباً أربعة وعشرون خاناً ومن أشهر هذه الخانات "خان رستم" باشا، خان أسعد باشا وخان برهان" الموجود في "حي الحاضر".
في الخان يوجد بئر كانت المياه تأتي إليه من "نهر العاصي" أما حالياً فقد جف البئر بعد انخفاض منسوب "نهر العاصي"
موقع eHama قام بزيارة خان "برهان" ورصد حركة الزائرين له وللسوق الذي الحق به وصار معروفاً أيضاً بنفس التسمية.
عن معنى كلمة الخان اللغوي يقول الأستاذ "عبد الله ورار" مدرس لغة عربية: «إن أصل كلمة "خان" فارسي وتعني النزل أو الفندق أو حتى مكان الإقامة، وقد عرفت الخانات منذ القديم وكان يطلق على صاحب الخان "الخاونجي" أي صاحب الخان المسؤول عن إقامة المسافرين فيه مقابل مبلغ من المال كان يدفع لصاحب الخان وكانت تتم المتاجرة فيه عن طريق عرض النزلاء القادمين من مناطق مختلفة في سورية وبشكل خاص من البادية السورية حيث تعرض بضائعهم على التجار الحمويين الذين يقومون بشرائها منهم».
أما مختار المنطقة الشمالية في "حي الحاضر" السيد "بشار الورار" فحدثنا عن ملكية هذا الخان قائلاً: «تعود ملكية هذا الخان إلى السيد "برهان الجيلاني" وستجد هذا الاسم محفور على باب الخان إلى جانب تاريخ إنشاء الخان سنة 1298 هجري يقابله 1876 ميلادي».
وهو ما يؤكده أيضا الدكتور "عبد الله ورار" الذي أضاف قائلاً: «إن جذور عائلة "الكيلاني" تعود للعراق وتحديداً للشيخ "عبد القادر الكيلاني" وأحفاده الذين انتقلوا إلى سورية حيث استقروا في مدينة "حماة"، وإن العائلات المعروفة في مدينة "حماة" في ذلك الوقت هي "الكيلاني- العظم- البرازي».
إلا إن الحاج "محمود نوح" صاحب أحد المحلات في السوق وهو من مواليد 1929 الذي يمتلك دكاناً في هذا السوق كان له رأي آخر حيث قال: «إن من بنى الخان والسوق هم الأتراك خلال فترة احتلالهم سورية وقاموا بإعطائه إلى أسرة "الكيلاني" وكان هذا الخان والسوق معاً فيما مضى يقعان على أطراف طريق حلب القديم».
ويتابع الحاج "نوح": «في الخان يوجد بئر كانت المياه تأتي إليه من "نهر العاصي" أما حالياً فقد جف البئر بعد انخفاض منسوب "نهر العاصي"».
ويضيف السيد "بشار الورار": «إن التسمية الصحيحة هي "الجيلاني" وبسبب طريقة نطق الاسم من قبل المسافرين البدو الذين كانوا ينزلون في هذا الخان صار حرف الجيم يلفظ وكأنه كاف فأصبح معروفا للجميع باسم "الكيلاني».
وهو ما يوافقه فيه الأستاذ "أيمن السوس" مدير دائرة "حماة" القديمة: «إن حرف الكاف لدى الأشقاء في "العراق" يلفظ جيماً».
وعن سبب قيام "برهان الكيلاني" بإنشاء هذا الخان يضيف السيد "بشار ورار": «كانت الفكرة من إنشاء هذا الخان جعله مركزاً أو محطة للمسافرين والتجار ولوسائط نقلهم القديمة مثل (الحصان والجمال.... الخ) بالإضافة إلى وجود مستودعات بهذا الخان ليخزن التجار فيها بضائعهم في فترة وجودهم في مدينة "حماة"».
ويقول الأستاذ "راشد كيلاني" في كتابه "حماة تاريخ وحضارة": «بنى الخان والسوق "علي كيلاني" والد "برهان" وأطلق اسم ابنه على الخان والسوق معاً والذي انتقلت ملكيته له فيما بعد».
وإلى جانب الخان أنشأ "برهان كيلاني" سوقاً عرف باسمه ويوجد على كلا الطرفين لهذا السوق المحلات التي تبيع الأقمشة والملبوسات والأحذية بالإضافة إلى وجود مسجد داخل هذا السوق سمي الأفندي نسبة إلى "برهان كيلاني".
ويتابع الأستاذ "أيمن السوس": «الخان عبارة عن باحة سماوية طولها 24متراً وعرضها 14 متراً يحيط بها المحلات بالكامل ويوجد حالياً في الخان والسوق ما بين 97 إلى 100 محلاً».
وعن الترميمات التي طالته قال "السوس": «قام مجلس بلدية حماة بالتعاون مع مديرية مدينة حماه القديمة بترميم الخان إضافة إلى سوقه، حيث بدأ الترميم في شهر أيار لعام 2006 وانتهى بشهر آذار 2007 وتعتبر أول عملية لترميم للخان والسوق معاً وكانت الفكرة من الترميم تجديد البنية التحتية للخان والسوق معا حيث تم استبدال شبكة الصرف الصحي والكهرباء ورصف الأرض بالحجارة البازلتية السوداء إضافة إلى الرصيف وإضافة السقف الجديد للسوق مع إيجاد فتحات التهوية فيه وإضافة إلى الرواق الخشبي للخان الذي أضفى عليه الناحية الجمالية التراثية».
من الجدير بالذكر أن الممر الجنوبي من الخان يشغل حالياً العديد من المحلات التي تبيع المواد الغذائية وجميع هذه المحلات كانت ملكيتها تعود للسيد "برهان" الذي قام بإعطائها للعاملين فيها بقصد الاستثمار أو عن طريق تأجيرها إلى أصحاب هذه الدكاكين حاليا بالإضافة إلى تنازله عن بعض منها للأوقاف ويوجد في الساحة الداخلية للخان نافورة مياه تم إحداثها مؤخراً بعد عملية الترميم التي شملت الخان من قبل مجلس بلدية "حماه".
المراجع:
حماه تاريخ وحضارة – راشد الكيلاني – مطبعة اليمامة
مباني حماه الأثرية – سميحة الريس – مديرية الثقافة في حماه
دليل حماه السياحي – عبد الرزاق زقزوق – دار الشام للطباعة.