تنفرد التجربة الحروفية للفنان "أكسم طلاع" ابن "الجولان" المحتل بجملة من الخصائص والمقومات الفنية والتعبيرية تجعلها متميزة عن غيرها من تجارب الفنانين، حيث جاءت تتويجاً لكل ما وقع عليه بصره ولمسته يده قبل نزوحه من قريته عام 1967م.

ويقول الفنان "جمال بوستان" عضو نقابة الفنون الجميلة: «"أكسم طلاع" فنان ابن بيئته هو ذلك الطفل الذي يخربش على تراب شاطئ طبريا حيث كان يسرح بعنزته ولم يكن يخشى جوعاً وعطشاً فالأرض تعطيه كما لو أنها أمه، وهو ما يزال قابعاً في تلك السحارة التي حملته من أرض أحلامه ومرتع طفولته مرغماً وما تزال تلك السحارة تمثل جعبة ذاكرته الخصبة المفعمة بألوان الأرض وقوس قزح حيث يوشي بها لوحاته المطرزة بمفردات ذاكرته التي تقودنا إلى عالم سحري يمتع البصر والبصيرة، إنه فنان مبدع بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات ومعاني».

"أكسم طلاع" فنان ابن بيئته هو ذلك الطفل الذي يخربش على تراب شاطئ طبريا حيث كان يسرح بعنزته ولم يكن يخشى جوعاً وعطشاً فالأرض تعطيه كما لو أنها أمه، وهو ما يزال قابعاً في تلك السحارة التي حملته من أرض أحلامه ومرتع طفولته مرغماً وما تزال تلك السحارة تمثل جعبة ذاكرته الخصبة المفعمة بألوان الأرض وقوس قزح حيث يوشي بها لوحاته المطرزة بمفردات ذاكرته التي تقودنا إلى عالم سحري يمتع البصر والبصيرة، إنه فنان مبدع بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات ومعاني

موقع eQunaytra التقى الفنان "أكسم طلاع" وكان معه الحوار التالي:

الفنان "أكسم طلاع"

  • حدثنا عن بداية علاقتك بالخط العربي؟
  • ** الخط العربي أو الخط تحديداً هو أن تكتب شيئاً على الأرض أو على الورق في أي سن كنت، حيث كانت البداية بممارسة كتابة الخط في المرحلة الدراسية الابتدائية الصف الأول، ولكن قبلها كان هناك محاولات لعب على التراب وكتابة الأحرف بالطين وعلى شادر الخيمة وزجاجة ضوء الكاز جميع هذه التأثيرات كانت عبارة عن خط لكن ليس بمعناه الأدبي أي إنه تأثير غرافيك، ومن خلال الملاحظة والمراقبة والمثابرة أيقنت أنه ممكن أن يكون لدي تجربة في الخط العربي، وبدأت بتطوير مهاراتي من خلال التقليد والمحاكاة والتعلم من كراسات الخط العربي وأشهرها كراس هاشم البغدادي، وفي المدرسة كان يقول المدرس أنت يا "أكسم" خطاط كما أنه كان في أسرتي أخ خطاط ورسام وهذا المناخ شجعني على كتابة الخط العربي وتصميم الألوان إلى أن أصبح الخط لدي شيئا مختلفا، فيه المتعة والرقة.

    من أعمال الفنان "أكسم طلاع"

  • ماذا عن أنواع الخط العربي التي تستخدمها في كتاباتك، وما رأيك بالخط الثلث؟
  • ** لكل نوع من أنواع الخط العربي متعة ودهشة خاصة به ولكن هناك خطوط تميل لها أكثر من غيرها، فأنا أجذب نحو الجمال وأجتهد لأكتشف ألفة الحروف فيما بينها، فيعجبني رقص الخط الديواني وتشكيلاته الرائعة، ورقة وشفافية الخط الفارسي، وجميع الكتابات العامية التي لا تخضع لقواعد، أما بما يخص الخط الثلث فهو شيخ الخطوط وأكثرها دقة وجمالية، فهو يدهش جميع الخطاطين لأنه يحتاج إلى تفكير وتأمل وتعمق في حروفه وتشكيلاته ويجب أن يقرأ الخط الثلث بقراءات روحانية وليس بصرية، فهو يمتاز بالقانون وعلم الهندسة وعلم النفس.

    أثناء تكريمه في "أبو ظبي" 2011م

  • هل برأيك الخط العربي صنعة أم فن من الفنون التشكيلية؟
  • ** الخط بشكل عام هو فن يمتاز بالإبداع والقدرة على خلق فكرة جديدة، وحين يكون تكراره بالعادة والتوظيف فهو يكون أقرب إلى الصنعة ولكن قوام هذه الصنعة هو الذوق، ومع دخول التكنولوجيا الحديثة أصبح الخط العربي صنعة أكثر من أنه فن، ولكن هناك موسيقا خاصة للحرف العربي لا يمكن لأي آلة حديثة وصولها أو الشعور بها، وما يستخدم في وقتنا الحاضر هو على الأغلب صنعة.

  • لوحاتك تجمع بين الخط العربي والتصوير الزيتي، كيف تحقق ذلك؟
  • ** الخط هو تجريد لكن في تصوير شيء ما يكون تحت سقف الأدب فهو إيصال فكرة أو معلومة، والصورة التي يقدمها الخط تحت سقف الأدب هي الصورة التي نأمل أن تكون فحين نكتب كلمة بحر نمد حرف الراء لأننا نأمل بأن يكون صورة لبحر واسع، لذلك اتجهت لإدخال الألوان في أغلب اللوحات كأي عمل فني تصويري واكتشفت في كل لون دلالته ورسالته حيث وجدت نفسي في لوحة الخط والتصوير فهي عالم جديد أعيش فيه وأتمتع جداً بعالمه.

    * كيف تبني لوحتك الفنية؟

    ** أنا أعمل بشكل عفوي حيث ابدأ بالتسويد والتمرين لأنني أشعر بمتعة رائعة عند تشكيل الحروف الأولية وبعد مسافة من التجربة تبدأ صحوة العقل من خلال الحذف والإضافة حتى تستقر اللوحة وحتى لو استقرت يبقى خطاب العقل، وأفضل لعمل أي لوحة وجود المكان النفسي النظيف البعيد عن المؤثرات السلبية، أي العزلة التي هي مصفاة النفس، وأغلب الأعمال في المرسم حيث أجد نفسي فيه دائماً.

  • ما الدلائل الفكرية للألوان الموجودة في لوحاتك، وما أكثر الألوان استخداماً؟
  • ** الألوان التي استخدمها في لوحاتي تدل على البيئة والمجتمع الذي عشت فيه في "الجولان" ومن ثم في مخيمات النازحين بعد النزوح فأنا استخدم الألوان الترابية الحيادية ويعود سبب ذلك إلى تأثري بما عانيت بطفولتي من الاحتلال الإسرائيلي، وأكثر الألوان استخداماً اللون البني والأصفر الذي يرمز للمكان الغائب والاغتراب عن بلدي والجمع ما بين اللون البني وإشراقة اللون الأصفر يدل على الأمل والصفاء والبساطة التي تتميز بها بيئة "الجولان".

  • كيف ترى واقع الخط العربي في "سورية"؟
  • ** "سورية" تهتم بالخط العربي اهتماماً بالغاً مقارنة بالدول الأخرى، ولكن بمكانة "سورية" الحضارية والثقافية هناك تقصير بالخط والخطاطين، وكل ما أنجز من قبل الخطاطين هو جهد فردي وما قدم لهم لا يوازي ما قدموه من مال ومثابرة وجهد، ويوجد لدينا في "سورية" خطاطون يشكلون علامات فارقة على مستوى العالم، لذلك أرجو اهتماما أكبر بالخطاطين.

  • أين "الجولان" في لوحاتك؟
  • ** المفردة الصغيرة من "الجولان" هي الطفولة التي علمتني أنني أنتمي إلى العرب، و"الجولان" ليس مكانا بل ثقافة واسعة استمد منها كتاباتي وغنى المكان يعطيك غنى بالعلم والمعرفة، و"الجولان" في تفكيري وفي لوحاتي وفي كل حرف ارسمه.

    والجدير بالذكر أن الفنان "أكسم طلاع" من مواليد قرية "شكوم" في "الجولان" المحتل عام 1963م، وهو خطاط ومصمم غرافيكي- عضو الاتحاد العام للفنانين التشكيليين- عضو في اتحاد الصحفيين في "سورية"، له أربعة معارض فردية: معرض في المركز الثقافي العربي أبو رمانة عام 2000م ومعرض آخر عام 2004م، معرض في صالة "فري هاند" عام 2009م، معرض في صالة "ناي آرت كافي"- "اللاذقية" عام 2010م.

    شارك في العديد من المعارض الجماعية: المعرض السنوي لوزارة الثقافة في 2002-2003-2004-2005-2006م، معرض الكرامة الدوري السنوي، ملتقى دار الثقافة "دروشة" 2004م، ملتقى زفاف "لوحة وفيلم وثائقي" "الجولان" 2006م، عمل على تصميم العديد من أغلفة الكتب والشعارات والمجلات، شارك في المعارض السنوية للفنانين الصحفيين "دمشق" من عام 2000 لغاية 2007م، كما شارك في مهرجان "دمشق" للثقافة والتراث 2005م، معرض جماعي في "تدمر" عام 2009م، ملتقى "القدس" الدولي في "دمشق" 2009م، ملتقى "الشارقة" وورشة عمل 2010م، خريف "فري هاند" في "دمشق" عام 2010م، معرض الفنون الإسلامية في "بكين" عام 2010م، معرض "طهران" الدولي عام 2010م، تجارب حروفية "دمشق" 2010م، المعرض السنوي وزارة الثقافة- "دمشق" عام 2010م.

    حصل على شهادة تقدير من "بينالي الشارقة" عام 2008م، وشهادة تقدير ملتقى "الدالية" الدولي 2008م، وجائزة "البردة" 2011م في "أبو ظبي".