يعتبر "سبيل المدرسة الشعيبية" من السبلان القديمة في مدينة "حلب" وهو ما زال يؤمن الماء للمارة ولأبناء الأسواق الحلبية القديمة المجاورة.
موقع eAleppo سأل بعض المواطنين في الأسواق المجاورة عن هذا السبيل وأهميته فقال أولاً السيد "صبحي صوراني" 67 سنة: «هذا السبيل قديم جداً بحسب معرفتي وهو جزء من شبكة كبيرة من القساطل والسبلان التي كانت تغذي مدينة "حلب" القديمة وزوارها.
يقع "سبيل المدرسة الشعيبية" في "محلة العقبة" بمواجهة الداخل من "باب إنطاكية". تشتمل "المدرسة الشعيبية" على باحة في غربيها حوض ماء ينفذ منه الماء إلى القسطل الذي على بابه والذي يقول عنه "الغزي" بأنّ أهل المحلة أحدثوه، ولكنني أعتقد أنه بُني في الأصل مكان "قسطل الشعيبين" الذي أنشأه "نور الدين الزنكي" والذي ذكره المؤرخ "ابن شداد" وقد حُوّل الحوض خلف السبيل إلى موضأ
إنّ وجود هذا السبيل في هذا الموقع مهم للغاية فمن جهة هو يقع بالقرب من مدخل "باب إنطاكية" الذي يدخل منه جميع الزوار والسياح والمواطنين إلى أسواق المدينة وإلى "قلعة حلب" ومن جهة ثانية فهو مبنيٌّ في مكان ملاصق لجامع الشعيبية أو "التوتة" وهو أول جامع بناه المسلمون في "حلب" بحسب معلوماتي».
"سبيل المدرسة الشعيبية" ما زال يقدم الماء للمارة على الرغم من مرور مئات السنين على إنشائه ويتميز ماؤه بالبرودة وتفوح منه رائحة التراث والعراقة».
السيد "هاشم صطيف" قال: «أنا لا أعرف التاريخ الفعلي لإنشاء هذا السبيل ولكن وجوده كجزء من مبنى "جامع الشعيبية" العريق دليل على قدمه فالمعروف أنّ هذا الجامع هو أول جامع بناه المسلمون في "حلب" بعد دخولهم إليها.
تكمن أهمية هذا السبيل في عدة نواح، أولاً هو ما زال يقوم بوظيفته الأصلية وهي تقديم مياه الشرب للناس وثانياً هو أحد المعالم التاريخية المهمة التي تجذب إليها السياح العرب والأجانب والسياح السوريين والمحليين وثالثاً إنّ هذا السبيل وجامعه هما قبلة للباحثين في تاريخ "حلب" والطلبة الجامعيين المتخصصين في الآثار والتاريخ حيث يأتيه سنوياً العشرات منهم للكتابة عنه وتصويره باعتباره من أقدم قساطل مدينة "حلب" كما قلت».
الدكتورة "لمياء الجاسر"* تقول عن تاريخ السبيل وطابعه العمراني: «يقع "سبيل المدرسة الشعيبية" في "محلة العقبة" بمواجهة الداخل من "باب إنطاكية".
تشتمل "المدرسة الشعيبية" على باحة في غربيها حوض ماء ينفذ منه الماء إلى القسطل الذي على بابه والذي يقول عنه "الغزي" بأنّ أهل المحلة أحدثوه، ولكنني أعتقد أنه بُني في الأصل مكان "قسطل الشعيبين" الذي أنشأه "نور الدين الزنكي" والذي ذكره المؤرخ "ابن شداد" وقد حُوّل الحوض خلف السبيل إلى موضأ».
وحول واجهته تقول الدكتورة "لمياء": «تتكون الواجهة من قوس كبير مدبب سد فراغه بألواح خشبية وقاعدة القسطل مكون من حجر واحد يزيد طوله على ثلاثة أمتار وسقفه منخفض بحيث يمكن رؤية الكورنيش خلفه، سُيّج القسطل بسياج حديدي، وفي الزاوية الجنوبية الغربية للبناء يوجد انكسار عُقد فوقه بثلاثة مقرنصات تساعد على إلغاء هذا الانكسار والانتقال إلى حرف البناء وهي مقرنصات كبيرة من النوع الذي استعمل في العهد الزنكي وفي الزاوية الجنوبية الغربية للقسطل انكسار آخر يتلاشى بواسطة مقرنصات إلا أنها هنا أصغر حجماً ومن النوع الذي شاع استعماله في العهد العثماني».
وحول المدرسة تقول الدكتورة المرحومة "نجوى عثمان" في كتابها "الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب" الصادر ضمن برنامج التعاون الإقليمي السوري- التركي ما يلي: «عندما دخل المسلمون إلى "حلب" من "باب إنطاكية" في العام 16 هجرية و637 ميلادية وضعوا أتراسهم داخل الباب وأدّو صلاة الشكر لله تعالى فبُني في ذلك المكان مسجد دعي "مسجد الأتراس" ثم حمل اسم شيخه "علي بن عبد الحميد الغضائري" فسمي "مسجد الغضائري" كما عرف بمسجد "التوتة" ربما لوجود شجرة توت في صحنه أو قربه، وبعدما دخل "نور الدين الزنكي" إلى "حلب" أمر بهدم المسجد وإعادة بنائه مدرسةً في العام 1150 م وعين الفقيه الأندلسي "شعيب بن أبي الحسن" مدرساً فيها فعرفت بالمدرسة الشعيبية».