مع أصوات التراتيل، وعبق البخور تحتفل الطوائف المسيحية في العالم كله وفي سورية بشكل خاص بعيد رقاد السيدة العذراء.
العيد الذي يصادف الخامس عشر من آب من كل عام، يعيد الألق لسورية التي تضم في أرجاءها، أيقونة السيدة العذراء العجائبية في كنيسة السيدة باللاذقية، والتي تعود للقرن الرابع الميلادي، وزنار السيدة العذراء في حمص.
بالنسبة لي يعود هذا العيد كل عام حاملاً في طياته الفرح، فهو يوم نعود ونلتقي مع الأحبة ويتم من خلال التشاركية في السهرانية، والصلاة، والحصول على نعمة المحبة بين المؤمنين، فعيد الرقاد هو عيد زرع الأمل والمحبة والتسامح صفات السيدة العذراء
الأب "اسبيريدون فياض" راعي كنيسة رئيسي الملائكة "ميخائيل وجبرائيل" تحدث لموقع eLatakia عن معنى الرقاد في المفهوم المسيحي قائلاً: «في الديانة المسيحية لا يوجد ما يطلق عليه اسم الموت، وخاصة بعد موت وقيامة المسيح بعد ثلاثة أيام، حيث حَطم الموت، لذلك أصبح يطلق على يوم وفاة الشخص يوم الرقاد.
ونعبر في يوم الرقاد عن نوم الشخص لفترة طويلة، ولكنه سيقوم ثانية، فالرقاد لا يعني الموت والفناء، وهذا ما قاله المسيح عندما قال عن وفاة لعازر "لقد رقد لعازر، والذي يحمل في طياته أنه سينهض ثانية، ومن هذا المنطلق فإن الاحتفال بعيد القديسين والشهداء يكون في يوم رقادهم واستشهادهم، لأنه يوم ميلادهم في ملكوت السماوات».
وعن عيد رقاد العذراء ومكانتها في الكنيسة يضيف الأب "فياض": «تحتل السيدة العذراء مكانة مهمة في تاريخ الكنيسة وحياة المسيحية، فنتيجة طاعتها وفضيلتها فقد اختارها الرب لتكون والدة المسيح، وهي قبلت هذا الاختيار، أن يأتي منها السيد المسيح، وكما نحتفل في يوم البشارة نحتفل بيوم رقاد العذراء مريم.
وحسب التقليد، اجتمع الرسل الموجودين في أرجاء المسكونة، للمشاركة في هذا الوداع والذي تم في قرية الجسمانية، في فلسطين، حيث نقوم بالتذكار في الخامس عشر من آب حيث يسبق هذا اليوم صوم لمدة خمسة عشر يوماً، يسمى صوم السيدة العذراء ويتم الاختتام بالاحتفال بعيد رقادها والذي هو تعبير عن انتقال من حياة إلى حياة لا يوجد فيها لا ألم ولا تعب ولا حزن».
ويضيف الأب "فياض" حول طقس توزيع الزيت في الكنيسة: «هو بركة من قنديل العذراء الموجود في كنيسة السيدة العذراء والتي تعتبر من أهم الكنائس في اللاذقية وأقدمها وهي التي ذكرت في وثائق وشهادات تعود للقرن الرابع الميلادي وتؤكد وجود كنيسة السيدة بالإضافة إلى وجود الأيقونة العجائبية، الموجودة والتي قدمت مجموعة من العجائب الموثقة والمؤرخة وتصنع المعجزات فمن هذا المنطلق فإن القنديل الموجود يؤخذ الزيت منه ويضاف إلى كمية كبيرة من الزيت ويتم توزيعه على المؤمنين، كبرك لمنازلهم».
أما الآنسة "هلا نصار" التي حضرت الصلاة فتقول عن معنى العيد بالنسبة لها: «نحتفل بهذا اليوم يوم رقاد السيدة العذراء لانتقالها بالجسد، ويعني لي الكثير لأن العذراء تحتل مكانة مهمة في حياتنا، المستمدة من دالتها عند ابنها يسوع المسيح، وهي الشفيعة في الكنيسة التي نطلب منها أن تتشفع فينا ونحن نحتفل في رقادها وميلاده لأنها ارتضت أن تكون والدته، وهي لم تفكر فيما سيقول الناس عن حبلها من غير زواج، وتأتي أهمية رقادها من كونها انتقلت بالجسد، ولم يبق منها إلا الزنار "الموجود في كنيسة أم الزنار في مدينة حمص، ويقال في التقليد الكنسي أن العذراء عرفت قبل ثلاثة أيام بوفاتها، وكان الرسل يبشرون بالمسيحيين في العالم فحدث يوم الرقاد عاصفة كبيرة جمعت الرسل في مكان رقاد العذراء، ليقوموا بشعائر الرقاد».
وتضيف "نصار" حول الدلالات في أيقونة الرقاد: «نلاحظ في أيقونة الرقاد يدي رجل يقال أنه رجل يهودي حاول أن يقلب نعش العذراء أثناء قيام الرسل بالشعائر الدينية، فقطع الله يديه وهما موجودتان في أسفل الأيقونة، وأيضاً نلاحظ فيها أن المسيح يستقبل روح العذراء على هيئة طفل يرتدي كفن أبيض اللون، لأن العذراء بطهارتها تمثل الطفولة والبراءة».
وعن معنى العيد بالنسبة لسمعان الريم فيقول: «بشكل عام ننتظر عيد الرقاد كل عام لأنه يحمل في تفاصيله ذاكرتنا التي نتناقلها عن الأعاجيب التي قامت بها الأيقونة العجائبية في كنيسة السيدة باللاذقية، فنقوم بالتقديس منها والحصول على الزيت المقدس، بالإضافة إلى مشاركتنا في مساعدة بعضنا وتحديدا فيما يخصص النساء المسنات، فعيد الرقاد يتجاوز معناه الديني ويصل إلى المضمون الإنساني، لان والدة الإله هي أم لكل البشر ولذلك نحتفل بانتقالها إلى مملكة الآب في السماء، إلى مكانها الطبيعي إلى جوار ربنا يسوع المسيح حيث لا ألم ولا تعب الأرض».
أما "ريما اروس" فتقول: «بالنسبة لي يعود هذا العيد كل عام حاملاً في طياته الفرح، فهو يوم نعود ونلتقي مع الأحبة ويتم من خلال التشاركية في السهرانية، والصلاة، والحصول على نعمة المحبة بين المؤمنين، فعيد الرقاد هو عيد زرع الأمل والمحبة والتسامح صفات السيدة العذراء».
وحول الأيقونة العجابية في كنيسة السيدة تقول السيدة "لمياء عاصي": «تحوي الكنيسة على أيقونة عجائبية، قامت بأعمال عجائبية من شفاء لأمراض عديدة، وهي موجودة في الشاغورة المخصصة لها من كنيسة السيدة العذراء، حيث يتبارك الناس من مختلف مناطق المحافظة بالأيقونة ومن باقي المحافظات يأمون للتقديس في هذا اليوم المبارك، الذي تعيد فيه الكنيسة، والأيقونة قديمة جداً تعود إلى مئات السنين ولا تزال تشع نوراً».