تعتبر "محطة بغداد" في "حلب" ثاني محطة قطار بعد محطة الشام، حيث تأسست في مطلع القرن العشرين، وبدأ العمل بها فعلياً حينما تم تسيير القطار منها وصولاً إلى "جرابلس" على نهر "الفرات".
eAleppo قلّب ذاكرة الباحث والمحامي "علاء السيد" حول بداية نشوء "محطة بغداد" فيقول: «تم بناء جسر معدني أطلق عليه نفس اسم الجسر الحجري القديم المبني على نهر "قويق" "جسر الصيرفي" الذي يقع بجانبه، حيث بني الجسر المعدني الحامل لسكة القطار قرب معمل العوارض في مدخل محلة الميدان وقد استبدلت دعائمه المعدنية بدعائم إسمنتية لاحقاً.
تشكلت بعد الاستقلال مباشرة المديرية العامة للخط الحديدي الحجازي ثم تحولت في بداية الستينيات إلى المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي ومقرها "دمشق"
كما بني جسر "الشيخ طه" وأشرف على بناء الجسرين المهندسون الألمان، وفي العشرينيات عقد المفوض السامي مع شركة بوزنتي "حلب" اتفاقية لإدارة القسم الموجود على الأراضي السورية من خط سكة حديد بغداد واستمرت هذه الاتفاقية لغاية الثلاثينيات عندما أبرم المفوض السامي اتفاقية ثانية بأن تقوم شركة شام حماة وامتدادها باستثمار هذه الخطوط لمدة خمسة عشر عاماً، وفي حلب تم وصل السكة الحديدية ما بين محطة بغداد ومحطة الشام التي تقع في الجميلية.
حيث قامت الحكومة السورية عندما انتهت الاتفاقية الأخيرة- والكلام "للسيد"- في الأربعينيات بإدارة الخطوط بكوادرها الوطنية، وفي عهد "حسني الزعيم" تم تأميم الخطوط الشمالية التي تشمل الخطوط الحديدية التي تصل بين ميدان "اكبس"، "حلب"، "المسلمية جوبان بك"، "نصيبين"، "تك كوجك"، وإحداث مؤسسة سكة حديد "سورية" في نهاية الأربعينيات».
لكن وفي منتصف خمسينيات القرن المنصرم تم تنازل الشركة عن الامتياز وحول ذلك يقول "السيد": «في خمسينيات القرن الماضي أبرمت اتفاقية بين حكومة الجمهورية السورية وشركة سكة حديد شام حماة وامتداداتها تنازلت بموجبه الشركة عن امتيازاتها في سورية لقاء مبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية، ودمجت الحكومة السورية الخطوط الحديدية الواقعة على أراضيها والتي تعود للشركة العثمانية للخط الحديدي "شام حماة" وامتدادها مع الشركة العثمانية لخط "بغداد" ليكونا مؤسسة واحدة مقرها "حلب" حملت اسم المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية».
وختم قائلاً: «تشكلت بعد الاستقلال مباشرة المديرية العامة للخط الحديدي الحجازي ثم تحولت في بداية الستينيات إلى المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي ومقرها "دمشق"».
وحول اللمحة التاريخية لإنشاء خط القطار تحدث الباحث "فؤاد هلال" نائب رئيس جمعية العاديات فيقول: «كان لكل من الدولة "العثمانية" و"الفرنسية" و"البريطانية" و"الألمانية" مواقف قريبة فمن بعد سيطرة "فرنسا" على قناة "السويس" اهتمت بإنشاء الخطوط الحديدية في "سورية"، لتقوم بعدها "بريطانيا" بالتفكير حول إنشاء خطوط حديدية بديلة لهذه القناة لوصل أوروبا عن طريق "حلب" "ببغداد" و"البصرة" و"الخليج"».
وأضاف "هلال": «وأما بالنسبة لموقف السلطة العثمانية فقد تحمست لإنشاء الخطوط الحديدية نظراً لأهميتها الإستراتيجية والاقتصادية ونتيجة علاقتها مع "ألمانيا" فقد منحتها امتياز إنشاء خط حديدي إلى بغداد والبصرة والكويت وبدأت الشركة العثمانية مع الشركات الألمانية بتنفيذ الخط عن طريق وصله بـ "حلب" وفيها تم تشييد "محطة بغداد" لتكون محطة متميزة في بنائها وسعتها ثم ارتبطت بعدها بـ "القامشلي" وتأخر اتصالها بالشبكة العراقية».
وحول انتقال خط الحديد من الاستثمار الفرنسي إلى "سورية" قال "هلال": «لقد تم إنشاء خط حديد "حلب"- "حماة"- "حمص"- "عكاري" وبقيت الخطوط الحديدية السورية مستثمرة من قبل شركة فرنسية تدعى شركة "شام- حماة" حتى الخمسينيات وقد دشنت خدمات الأتوماتريس من "حلب" إلى "طرابلس" بخمس ساعات وبعدئذ امتد هذا الخط إلى "بيروت" استمرت الشركات الفرنسية في استثمار الخطوط الحديدية السورية وفي مطلع الخمسينيات اشترت الحكومة السورية امتياز هذه الشركات وتجهيزاتها وممتلكاتها وقد سبق إعادة حق استثمار القسم الشمالي المتصل بالشبكتين "التركية" و"العراقية" إلى الحكومة السورية، فأحدثت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والمؤسسة العامة لإنشاء الخطوط الحديدية ومركزهما الرئيسي في مدينة "حلب" لاستثمار هذه الخطوط وتجديدها وتوسيع شبكتها».
وختم "هلال" قائلاً: «بعد الجلاء دعمت الحكومة السورية إنشاء الخطوط الحديدية لأنها أقل أنواع النقل البري كلفة باعتبار القطار يسير على دواليب معدنية وعلى خطوط حديدية لا تهترئ لذلك تكون أسعار النقل عليه أرخص كما أنها أقل استهلاكاً للطاقة واليد العاملة ويشغل مساحة من الأرض أقل مما يشغله طريق السيارات ولا يتأثر بالأجواء الجوية والمناخية وأقل تلويثاً للبيئة وتعادل قدرة خط حديدي واحد قدرة أربع طرق للسيارات».