بهوائها النقي وبنيانها العمراني الحديث استطاعت "المِزَّة" جذب عدد كبير من الدمشقيين وغير الدمشقيين على حد سواء، لتتحول من قرية صغيرة في الغوطة الغربية إلى إحدى أكبر مناطق دمشق، لذا يطلق عليها "دمشق الجديدة".
تحول منطقة "المزة" من منطقة زراعية خضراء خارج "دمشق" إلى منطقة مؤلفة من أحياء سكنية تشكل الوجه الغربي للمدينة ليس قديماً جداً، تقول الحاجة "رجاء الأيوبي" أحد سكان حي المهاجرين: «أتذكر جيداً "المزة" عندما كنت فتاة صغيرة، كانت عبارة عن أراض خضراء ملأى بحقول الصبار، أما المنطقة المسكونة منها فكانت محدودة جداً، ومكانها يقع بين المزة "شيخ سعد" وأول الاوتستراد الحديث، لقد كنا ذهب إلى هناك من طريق "الربوة" وعند مفرق مشفى الأطفال كنا ندخل إلى المزة، وكان الطريق الواصل بين "ساحة المواساة" و"الشيخ سعد" يصل إلى "مطار المزة" الوحيد في ذلك الوقت، وكنا أحياناً نذهب عبر هذا الطريق لنشاهد الطائرات.
يقال إن المزة تضم ضريح الصحابي الجليل "أسامة بن زيد"، والعالم المعروف "الحافظ المزي"
وأذكر أنه في ستينيات القرن الماضي بدأ شق الاوتستراد الجديد- أو ما يسمى رسمياً "شارع فايز منصور"-، وفي سبعينيات القرن الماضي بدأت المباني تشيد على جانبيه بسرعة نظراً لكونه ذا تنظيم وخدمات جيدة، والاوتستراد قرّب المسافة جداً بين المزة ودمشق».
تقع منطقة "المِزَّة" في الجهة الغربية الجنوبية لمدينة "دمشق" على سفح جبل "المِزَّة" بامتداد نحو الغرب، ويلاحظ في "المِزَّة" الطرز المعمارية الحديثة والمتنوعة، فيوجد فيها الأبراج العالية والمنازل الفاخرة، "eSyria" جال في منطقة "المِزَّة" والتقى السيد "جمال الشيخ" /أستاذ رياضيات متقاعد/ من سكان "مزة شيخ سعد، والذي تحدث عن المِزَّة بالقول:
«أسكن المِزَّة منذ /30/ عاماً، واعتقد أنها من أجمل الأحياء في "دمشق"، فالشوارع عريضة والمباني حديثة نوعاً ما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أقدم المباني الموجودة في المِزَّة قد يعود تاريخ بنائه إلى /50/ عاماً فقط.
أيضاً يمكنك ملاحظة أن المِزَّة عبارة عن أحياء متجاورة، ولكل منها طرازه العمراني الخاص، فيوجد الأبراج السكنية ذات الشقتين في الطابق الواحد، وأخرى ذات الشقق الكثيرة، أيضاً يوجد منازل فاخرة- فلل-، وهكذا يلاحظ بعض المباني ذات /4/ أو /5/ طوابق بشقتين أو شقة واحدة في بعض الشوارع.
هذا بالنسبة للمنازل؛ أيضاً تعج المِزَّة بالحدائق الفسيحة والمساحات الخضراء والمراكز التجارية المنفصلة عن المباني السكنية، وكذلك يوجد فيها عدد من المدن الرياضية "كمدينة الجلاء الرياضية"، وعدد من المشافي الحكومية والخاصة، كما لابد من الإشارة إلى أن "المزة" تضم عدداً من الكليات التابعة لجامعة "دمشق" وكذلك المدينة الجامعية الكبيرة التي تضم مجمعات للسكن الجامعي وملاعب ومكاتب وغيرها..».
تقسم المِزَّة إلى ستة أقسام هي: "مزة شيخ سعد، مزة جبل، مزة "اتوستراد"، مزة فيلات غربية، مزة فيلات شرقية، مزة بساتين الرازي"، وتعد المِزَّة بأحيائها المختلفة الوجه الغربي لدمشق، وتتصل مع "دمشق" بأوتستراد المِزَّة الذي يعد الطريق الرئيس للدخول إليها سواء من "دمشق" أو من خارجها.
أيضاً بسبب اتساعها وعمرانها الحديث والمنظم انتقل عدد لا بأس به من الدوائر الحكومية إلى المِزَّة، وكذا مجموعة من السفارات والقنصليات ونجد أن هناك فروعاً للمصارف الحكومية والخاصة والمراكز الأدبية والفنية وغيرها،
السيد "ممتاز محاسن" مختار حي "مزة فيلات شرقية"- أحد الأحياء الست الرئيسية في المِزَّة"- تحدث عن تاريخ "المزة" بالقول:
«كانت المِزَّة قرية من قرى غوطة دمشق، وازدادت أهميتها في العصر الحديث عندما أقام فيها الفرنسيون مطار المِزَّة العسكري الذي كان المطار الرئيسي قبل إنشاء مطار دمشق الدولي، وخلال فترة الوحدة السورية المصرية تم إنشاء أول مشروع سكني في المِزَّة (مشروع مساكن الوحدة الشعبية) في حي الجلاء، وازدادت حركة البناء في أحياء المِزَّة خلال فترة الستينيات، حيث تم بناء حي المِزَّة جبل وحي الفيلات الشرقية بإشراف مؤسسة الإسكان، كما تم إنشاء "أوتوستراد المِزَّة" في أوائل السبعينيات.
تمتد "المِزَّة" على مساحة /7750/ هكتاراً، تبدأ من "ساحة الأمويين" شرقاً وحتى منطقة السومرية غرباً ومن "جبل المِزَّة" شمالاً إلى منطقة كفرسوسة جنوباً، واعتقد أن تعداد سكانها يصل إلى /90/ ألف نسمة».
وعن سبب تسميّة المِزَّة تحدث المختار "محاسن" بالقول: «يُقال أنّه يوجد عدّة أسباب للتسمية، أولها نسبةَ إلى الصبارة الحلوة التي اشتهرت بها بساتين المِزَّة التي تقع الآن خلف حي "المِزَّة فيلات شرقية" حيثُ إنّ المارة كانوا يأكلون الصبارة ويقولون "مزة" يعني "طيبة".
السبب الثاني يقول إن اسم "المِزَّة"، يوناني في أصله و معناه- الرابية- وبالفعل فأرض المِزَّة مرتفعة عن سوية أراضي دمشق القديمة وهذا ما يلاحظه القادم إلى المزة من ساحة الأمويين، والسبب الأخير يُرجع تسمية المزة إلى الآرامية من "مزونا" ويعني الغلال والمؤونة».
وعن أشهر أعلام "المِزَّة" تحدّث المختار "محاسن" عن بعض الثوّار الذين خرجوا من منطقة "المزة" وشاركوا في الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي أمثال "ديب علي بكري" المشهور بالحجار، و"محمد عيد الظطي" و"إبراهيم الصالحاني"، بالإضافة إلى العديد من المفكرين ورجال الدين والتاريخ، وختم بقوله: «يقال إن المزة تضم ضريح الصحابي الجليل "أسامة بن زيد"، والعالم المعروف "الحافظ المزي"».