هو واحد من أعلام الفكر السوري، تميز في الكتابة والترجمة، ويسجل له إيمانه بالعمل الجماعي في مجال الأدب، وقد انعكس هذا على بعض الأعمال المشتركة مع عدد من الأدباء.
إنه الأديب "إليان عزيز ديراني" الذي قال عنه الأستاذ "شحادة الخوري" /كاتب ومترجم معروف/: «"إليان" أديب كتب القصة القصيرة والرواية بنجاح بارز، وترجم كتب أدبية عن الفرنسية بنجاح مرموق، عرفته معلماً في المدارس الابتدائية في صيدنايا عام 1931، ووجدت فيه الأخ الذي يعطف على أخوانه لا تقف أمامه عثرة تعوقه عن أداء واجباته ثم جمعتني به الأيام عندما كبرت، فصرنا صديقين متوادين بل تشاركنا في بعض الأعمال الأدبية ككتاب "الحرس الفتي" الذي نقلناه للعربية بجهد مشترك وطبع في مجلدين كبيرين.
أن الواقعية في أدب "إليان ديراني" مستمدة من ناحيتين أولهما أنها تصدر عن تجاربه الشخصية والأحداث التي يراها كما أن الخيال كان له دور محدود فيها، والأمر الثاني أن الكاتب يؤمن بالأدب الهادف لإصلاح المجتمع وأن الإنسانية لابد أن تنتصر
كذلك كنا عضوين في اتحاد الكتاب العرب منذ تأسيسه /1969/، وقبل ذلك في رابطة كتاب العرب التي تأسست /1950/ وقد ترأسها لبضعة سنوات ولم تقتصر جهوده على العمل الأدبي ترجمة بل شمل نشاطه العمل الوطني ضد الانتداب الفرنسي كما شارك بتأسيس المستوصف الخيري بدمشق وبقي يواصل نشاطه فيه حتى النهاية».
موقع "eSyria" زار المهندس "سمير ديراني" –ابن الكاتب إليان- في منزله بمشروع دمر، حيث تحدث بالقول: «ولد والدي في دمشق وتحديداً في منطقة سفل التلة "طالع الفضة" عام /1909/ في أسرة متواضعة كثيرة العدد، تلقى تعليمه للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في "مدرسة الآسية ومعهد اللاييك".
حصل على الشهادة الثانوية السورية والفرنسية عام /1929/ وعين معلماً في مدرسة "صيدنايا" القريبة من دمشق، وكان فيها المعلم والمراقب والمدير بآن معاً تابع دراسته الجامعية فنال شهادتي الأدب العربي والأدب الفرنسي في آن واحد، وكان موضوع أطروحته "التهكم عند أبي العلاء المعري وأناتول فرانس" وقد نوقشت هذه الرسالة من قبل الأساتذة المرحومين "شفيق جبري وسليم الجندي والشيخ عبد القادر المغربي" وبعض من الأساتذة الفرنسيين كان رقم شهادته الجامعية باللغة العربية "9" على مستوى سورية.
عين مدرساً بثانويات دمشق عام 1933، بقي بمهنة التدريس إلى أن قدم استقالته منها عام 1969، حيث عكف على التأليف والترجمة بعد إطلاعه على روائع الأدب العالمي».
هذا عن حياته المهنية، ولكن ماذا عن "إليان" الكاتب والأديب؟، المهندس "سمير" تحدث عن والده الأديب بالقول: «أما الكتابة فقد بدأ بنشر كتاباته عام 1929 حيث ترجم حياة الشعراء الفرنسيين الرومانسيين مع مقاطع من أشعارهم ونشرها في صحيفة "ألف باء" اليومية.
وخلال الثلاثينات لخص كتباً وقصصاً عن الآداب العالمية لكتاب مشهورين ونشرها في مجلة "الإنسانية" كما ألف عدد من القصص القصيرة التي غلب عليها الطابع الرومانسي من حيث الوصف واللغة الممزوجة بالواقعية الثائرة الناقدة.
كان إنتاجه الفكري والأدبي متنوعاً بين 1929-1990 وحافلاً بالترجمة والتأليف في مختلف فنون الأدب "القصة، المقالة، بحث أدبي، تمثيلية، نقد"، بحث في الأدب الهادف الذي ينهض بالشعب ويرقى بالإنسان وقد اتجه به المطاف لأدب الأطفال؛ حيث كان الطفل بنظره إنساناً جديداً في عالم قديم يتطلع إلى فهم كل ما يراه إلى تفسيره وتعليله، وعلى الأدب أن يوجهه للدرب الصحيح، وبذلك يكون الأديب إليان قدم خدمة كبيرة لهذه المرحلة الهامة من حياة الإنسان في عالم المعرفة والتطور.
أهم ما كان يميزه إيمانه بالعمل الجماعي؛ ليس في حياته العملية والاجتماعية فحسب بل في الحقل الأدبي وهذا ما دفعه لتأسيس أول جمعية أدبية في سورية "جمعية التعاون الفكري" عام /1930/ ضمت مثقفين شباب منهم "نادر الكزبري، يوسف حزي، نسيب سعيد، سليم قساطلي، وغيرهم.."».
أسس عام 1932 جمعية أدبية "ندوة المأمون" ضمت أدباء شباب "نسيب الإختيار، علي حلقي، فؤاد الشايب، حكمة هاشم، نسيب سعيد، عبد الهادي هاشم"، كان لهذه الجمعية نشاطا أدبياً واسعاً ومناقشات اجتماعية وفكرية، لكن نشاطها توقف بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وقام خلالها مع عدد من أصدقاءه ومنهم "خالد علي، خالد قوطرش، كامل عياد، أمينة عارف، جميل صليبا، إبراهيم كيلاني"، بإصدار سلسلة قصصية عرفت بأحسن القصص وصدر عنها ثماني مجموعات وتوقفت عن الصدور بسبب الأعباء والتكاليف المادية التي لم يستطيعوا تحملها.
وتحت شعار "الأدب في خدمة الحياة" أسس مع عدد من الكتاب "رابطة الكتاب السوريين" تحولت بعد أربع سنوات "لرابطة الكتاب العرب" حيث تم انتخابه أميناً عاماً لها لدورتين متتاليتين وعرف من أعضائها "صلاح دهني، شوقي بغدادي، حنا مينة، مواهب كيالي، اسكندر لوقا، حسيب كيالي، شحادة الخوري، إحسان سركيس" وقد حلت هذه الرابطة عام /1959/.
دفعه إيمانه بالعمل الإنساني لتأسيس جمعية خيرية تعنى بالفقراء والمساكين هو وعدد من الأطباء منهم "أنسطاس شاهين، أنجلوس أوغلي، إيدوار هواويني" سميت "جمعية المستوصف الخيري" عام /1946/ وما زالت لهذا اليوم تقدم خدماتها لكل الناس دون استثناء.
من أهم القصص التي ألفها "في بولونيا وهنغاريا، درب على القمة، السهم الأخضر"، أما مؤلفاته للأطفال "الجنيات العشر، الأرنب الصغير، سارق النار، السوسنة الصغيرة الوردية".
أما أهم القصص المترجمة "قصة الحياة بين الناس، الحرس الفتي، الشمس في المرج تحت النير"، كما كان له كتاب فرنسي للتدريس بعنوان "الطريقة الحديثة للقراءة" ألفه مع عدد من زملائه.
نشر "إليان ديراني" كتاباته في عدد من الصحف "الصباح الدمشقية" العدد /55/ عام /1943/، و"النصر" اليومية عام /1956/ ومجلة الطريق العدد /3/ عام /1941/ وفي مجلة "المعلم العربي".
كتب عنه الكثيرين من الأدباء منهم الأستاذ "شاكر مصطفى" الذي قال: «أن الواقعية في أدب "إليان ديراني" مستمدة من ناحيتين أولهما أنها تصدر عن تجاربه الشخصية والأحداث التي يراها كما أن الخيال كان له دور محدود فيها، والأمر الثاني أن الكاتب يؤمن بالأدب الهادف لإصلاح المجتمع وأن الإنسانية لابد أن تنتصر».
ويتابع السيد "سمير" حديثه: «كان والدي شخصا إدارياً ناجحاً وكانت القراءة والكتابة من أهم الأمور في حياته سافر للعديد من الدول لحضور مهرجانات الشباب العالمية والمشاركة بها.
كان من أحب الأمور إليه بعد إنهاء عمله اليومي والعودة للمنزل؛ أن يأخذ قيلولة بعد الظهر وبعدها كان يحب الجلوس على شرفة المنزل وهو بلباسه الأنيق ليشرب فنجان قهوته المميز وخلال فترة الصيف كان يسافر إلى "بلودان، ومعلولا، وصيدنايا" لقضاء إجازة الصيف ويستمتع بأغاني "أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب".
والده السيد "عزيز ديراني" كان شخصاً متعلماً يدرس الناس بالمدارس الليلية للأيتام، ووالدته السيدة "مريم قديس"، تزوج السيد "إليان" من السيدة "ماري قطينة" أول امرأة تحصل على شهادة قابلة من فرنسا أنجب منها "سمير وعايدة وعطاف".
توفي في /6/ تشرين الأول 1991، عن عمر ناهز /84/ عاماً، تاركاً آثاراً أدبية مترجمة ومؤلفة مختلفة في مواضيعها، لم يسعفه الوقت على نشرها كاملة».