بدأت مشوارها بعد التخرج مع مجموعة من المخرجين المخضرمين حيث عملت كمخرجة مساعدة ومن ثم مخرجة منفذة وبدأت مشوارها الخاص مع أفلام قصيرة وانتهت قبل أيام من اللمسات الأخيرة لمسلسل للأطفال.
إنها المخرجة السورية "أفين محمد حبش" التي استضفناها عبر الحوار التالي بتاريخ 4/12/2011:
المخرجة "أفين محمد"، تتملكها حالة من القلق والترقب في كل عمل تقوم بإخراجه، هذا القلق يكتسب مشروعيته، ومسوغه الإبداعي، وهذا ما يميز المخرجة الشابة، فهي لا تتهافت على إخراج العروض الدرامية بقصد الظهور المجاني، لهذا ليس لها أعمال كثيرة، لكن الأعمال التي تصدت لإخراجها فيها نكهة إبداعية لأنها انحازت للنص الجميل، وتركت النصوص النمطية التي لا تقدم ولا تؤخر. أتوقع لأفين المخرجة الجادة والمثابرة بصمات جميلة ولفتات مشرقة، لأنها ببساطة تحسب كل خطوة تخطوها، وهذا سر النجاح في خطها الإخراجي، خصوصاً أنها تتلمذت على أيدي كبار الأساتذة وخيرة المخرجين في سورية
** هو حلقات متنوعة تركز على حياة الأطفال بشكل وثائقي ودرامي، ويرصد جوانب تتعلق بنشاط الطفل في البيت والمدرسة والشارع وميوله واهتماماته، ودور الأهل في تنمية شخصية الطفل ومنع انحرافه، والعمل على بناء شخصية متكاملة وناضجة وقادرة على التكيف مع الظروف والمعطيات، وتجاوز الصعوبات في الحياة، وخلال حلقات العمل التي تبلغ خمس عشرة حلقة أبرزت جانباً معيناً، فمثلاً في حلقة "عمالة الأطفال" ثم التركيز على خطورة عمل الطفل وجهل الأهل لمستقبله، وأردت إيصال رسالة واضحة بضرورة إيجاد وعي لتجنب الطفل من هذه البيئة والعمل على الاعتناء به في المدرسة والبيت وتعليمه لكي يكون رجل المستقبل لا نسخة مكررة عن واقع مرير يعيشه الأب. وفي العموم تعتمد جميع الحلقات على دور الأهل في كل مجال من مجالات حياة الطفل ولا سيما الرياضة والموسيقا والمسرح والعنف في برامج الأطفال وتنمية المواهب والإبداعات لديهم.
** رسالتي عبر هذه الحلقات هي صرخة للمجتمع لكي يأخذ دوره، ولا يترك هذا الجيل وبراعم المستقبل تحت رحمة الزمن الذي اختلف عن الماضي ولاسيما مع تطور تقنيات الاتصال والتكنولوجيا، لذلك يجب أن نواكب تطورات العصر وأن يكون لأطفالنا بصمة واضحة، وألا يكونوا بعيدين عن التطور خاصةً أن هناك من يستهدف عقولهم ويحاول تدمير نفوسهم، لذلك على المجتمع أن يكون قريباً من هذا الجيل ويعمل على بنائه بشكل سليم وصحيح.
** الموسيقا المرافقة تتعلق بكل حالة في الأفلام، فعن الحزن والمحن هناك موسيقا قريبة من هذه الأجواء، وعن الفرح هناك موسيقا ترفع المعنويات وكل المقاطع الموسيقية المعتمدة هي مقاطع عالمية معروفة مثل موسيقا نينوى ومقطوعات للموسيقيين الكرديين "فقه تيران ودلشاد"، ووجدت أنها ملائمة للمشهد كصورة الطفل الذي كان حزيناً عندما رمت والدته رسوماته دون قصد وهي تنظف البيت، فهذا يتطلب اختيار موسيقا حزينة لأن هذا الطفل يشعر بحزن على ضياع جهده وإبداعه. كما أن اختيار هذه النماذج من الموسيقا تعود إلى قربها من البيئة السورية، وهي موسيقا شرقية على الأغلب ووقعها على النفس كبير ومؤثر نظراً للعلاقات العميقة بين المجتمعين العربي والكردي على تراب هذه المنطقة.
** لكون هذا العمل هو باكورة أعمالي مع القناة الفضائية التربوية أردت الاعتماد على وجوه جديدة لكي استقطب نسبة عالية من المشاهدين الذين يبحثون دائماً عن وجوه جديدة وأفكار جديدة... وكانت عند حسن ظني حيث أدت الفكرة وترجمة ما كنت أقصده بشكل رائع، وكان هناك تناغم واضح بين السيناريو والتصوير وأداء المشاهد من قبل الأطفال الذين تفاعلوا مع أغلب النصوص والمشاهد وأدوا الأدوار بصورة معبرة تحقق الهدف المطلوب.
*كيف رأيت التعامل مع إدارة القناة الفضائية التربوية؟
** تعاملت إدارة القناة الفضائية التربوية بروح إيجابية مع الفكرة منذ البداية، ودعمت المشروع حتى الإنجاز لكونه مشروعاً غير مطروق وبعيداً عن الكلاسيكي، وهنا أوجه الشكر لمدير القناة الفضائية التربوية الدكتور طالب عمران الذي يستحق كل التقدير لأنه يشجع المهتمين، ويعطي الفرص للخريجين وأصحاب الأفكار، كما أوجه الشكر للأستاذ أحمد حسان ولجميع طاقم العمل الذي لم يبخل بأي جهد لتحقيق أفضل النتائج.
** شاهدت أفلاماً أخرى تتعلق بعوالم الطفل لذلك أردت إنتاج أفكار جديدة تحاكي هذه الفئة العمرية التي تبدأ منها الحياة، ومن هنا لم أعتمد على الصورة فقط بل لجأت إلى النص لتحقيق تجانس بين الصورة والنص، لأن الطفل يحتاج إلى الكلمة... وهنا كانت الكلمة تحمل رسائل توجيه له وللأهل، وكيف نختار ما يناسب الطفل، على خلاف بعض المحطات التي تعرض مواد عنف وقتل وإجرام ترسخ صورا سلبية في أذهان الأطفال، وقد حاولت كثيراً قلب هذا المفهوم بالاعتماد عن الجانب السلبي والتوجه إلى الجانب الإيجابي وتعزيزه في ذهن الطفل وشخصيته، إضافة إلى دور الأسرة للسير في هذا الاتجاه وتجنب العادات السلبية.
** فيلم "موقف خاص" و"اسأل مجرب" و"يبقى الحب"، يتناول"موقف خاص" نظرة الرجل الدونية للمرأة من خلال تهافت عدد من الرجال لمساعدة امرأة جميلة تعرضت لكسر في كعب حذائها، فترك عددٌ من الرجال أعمالهم، وبادروا لإيجاد حلول لها، وهذا يظهر مدى رغبة الرجل في كسب ود المرأة لأغراض غير مألوفة.
أما فلم "اسأل مجرب" فيعتمد على عفوية الرجل التي قد تزعج الآخرين في بعض الأحيان، كقصة الرجل الذي يصر على الطبيب ليشرب خلاصة عشبة (الميرمية) بعد أن شعر بألم في معدته، قد يكون ذلك مفيداً له حسب الرجل، لكن الإصرار سبب إحراجاً للطبيب، رغم ذلك تعامل بإيجابية مع عفوية الرجل الذي يظن في خطوته أنه يساعد ولا يحرج.
في حين يتناول فيلم "ويبقى الحب" قصة حب بين شاب وفتاة، وتفاجأ الشاب بأن الفتاة لها سوابق وعلاقة غير صحيحة مع الآخرين، تشرح الفتاة تاريخها للشاب قبل أن يتم الزواج، وفي الوقت نفسه تعترف ان حبها له صادق وعميق، لذلك تريد معاقبة نفسها وتاريخها الأسود بالانتحار، فتشرب مادة الكلور للانتقام من نفسها وسلوكياتها الخاطئة وعندما تصل إلى المشفى في حالة الغيبوبة، تندهش بوجود حبيبها إلى جانبها ليعبر عن حبه وصدقه في العلاقة.
** الأفلام القصيرة معروفة بقلة كلفتها المالية، ويمكن إيصال الرسالة بشكل واضح وصريح وبإيجاز رغم أن ذلك عملية صعبة تتطلب التركيز والتكثيف في طرح الفكرة خلال دقائق قليلة.
** أحياناً التكثيف يحقق النتيجة المرجوة، وهذا يتعلق بأسلوب الكاتب وطريقة عمل المخرج، وأحياناً التكثيف لا يحقق الفكرة المطلوبة عندما تكون الأطراف كثيرة والموضوع متشعب.
** تعاملت مع المخرج "محمد شيخ نجيب" في العمل التاريخي "قمر بني هاشم" كأول مشاركة لي في ميدان الإخراج في سورية، استفدت من ملاحظاته أثناء العمل ومن خبرته الكبيرة وتجربته الواسعة.
**لا شك بأن خبرتهم في التعامل مع الأدوات الإخراجية "التعامل مع النص، زوايا الكاميرا، الإضاءة، مواقع التصوير، توجيه الممثل.." كل هذه الأشياء جعلتني أبدأ مشواري الإخراجي وحدي، أعتقد بأنه ينبغي على أي فنان أن يكتسب الخبرة، ويتعلم جيداً عند المخضرمين في بداية مشواره لأن ميدان العمل أهم من كل سنوات الدراسة.
** المخرج العالمي "يلماز غوني"، نظراً لأسلوبه الشيق في عرض الأفكار وترجمتها كصورة عبر أحداث مترابطة وهادفة، كما اهتم بأعمال المخرجة الإيرانية "سميرة مخمل باف" والمخرج السوري "هيثم حقي" الذي اعتبره مدرسة في عالم الإخراج.
* ما مشاريعك القادمة؟
** الآن أتجه نحو الأعمال الوثائقية التي أرى أنها تحقق لي الهدف بوضوح، وتوصل الرسالة لشرائح مجتمعنا بكل أطيافه.
وفي رأي للكاتب والناقد "عمر كوجري" قال: «المخرجة "أفين محمد"، تتملكها حالة من القلق والترقب في كل عمل تقوم بإخراجه، هذا القلق يكتسب مشروعيته، ومسوغه الإبداعي، وهذا ما يميز المخرجة الشابة، فهي لا تتهافت على إخراج العروض الدرامية بقصد الظهور المجاني، لهذا ليس لها أعمال كثيرة، لكن الأعمال التي تصدت لإخراجها فيها نكهة إبداعية لأنها انحازت للنص الجميل، وتركت النصوص النمطية التي لا تقدم ولا تؤخر. أتوقع لأفين المخرجة الجادة والمثابرة بصمات جميلة ولفتات مشرقة، لأنها ببساطة تحسب كل خطوة تخطوها، وهذا سر النجاح في خطها الإخراجي، خصوصاً أنها تتلمذت على أيدي كبار الأساتذة وخيرة المخرجين في سورية».