"أجير بكعكة" هي المقولة العامية التي كانت ومازالت تستخدم في بعض أحياء "دمشق القديمة"، حيث تطلق على الصانع الذي يعمل في إحدى المهن ويكون في بداية دخوله لسوق العمل أو "الكار، الحرفة".

موقع "eDamascus" بتاريخ 5/12/2012 وللوقوف على هذه التسمية وسببها التقى العديد من الأشخاص الدمشقيين الذين لهم اطلاع عليها، وهنا يحدثنا السيد "عبد الغني محمد" أحد المعمرين في حي "القيمرية" بدمشق، فيقول: «"أجير بكعكة" كلمة دمشقية قديمة كانت تستخدم للصانع الجديد في إحدى الحرف أو المهن داخل السور، حيث كانت من المفردات المتداولة بين العامة للإشارة إلى الشاب الذي يعمل تحت إمرة أحد الحرفيين أو المهنيين في كار معين، حيث يستمر "أجير بكعكة" في عمله بتنظيف المحل ومساعدة الصناع الآخرين إلى أن يرتقي إلى مرتبة الصانع بشهادة معلم المهنة وشيخ الكار».

مقولة تطلق على سبيل الاستصغار والتقليل من شأن المرء إذا كان غير جدير بما يناط به من امور ومهام، وحسبه تلك الخرقة التي يدورها على شكل كعكة يجعلها على رأسه كي تساعده على حمل الأثقال لتلبية حاجات الغير

وعن سبب إطلاق هذه التسمية على الصانع يحدثنا الباحث التراثي "منير كيال" فيقول: «مقولة تطلق على سبيل الاستصغار والتقليل من شأن المرء إذا كان غير جدير بما يناط به من امور ومهام، وحسبه تلك الخرقة التي يدورها على شكل كعكة يجعلها على رأسه كي تساعده على حمل الأثقال لتلبية حاجات الغير».

ويتابع حديثه فيقول: «والأجير في السلّم الحرفي أدنى العاملين في الحرفة "الكار"، وقد جرى العرف والتقليد ألا يعمل أجيراً من لم يبلغ سبع سنوات من العمر، وإذا لم يكن ولي الأجير من أهل الحرفة "العاملين فيها" فإنه كان يأتي بابنه إلى معلم بالحرفة ويقول له: "هالولد ابنك وبعهدتك، بدي ياك "إياك" تعلمه صنعة تفيده في شبابه وآخرته، اللحم إلك والعظم إلنا".

فيتقبله المعلم ويمرنه على الخدمة، من كنس ومسح ورش ماء وجلب الأشياء للصانع وخدمته في إطار المصلحة، كإملاء الجرة بالماء وإحضار الطعام وما إلى ذلك، فهو كما يقولون حجر مقداف، والغاية طبعاً من ذلك صقل طباع الأجير وكسر العنجهية في نفسه، حتى يُخلص للحرفة ولا يأخذ به الغرور مأخذه، فيكون من الحرفة وإليها».

وينهي السيد والباحث "منير كيال" حديثه عن "أجير بكعكة" بقوله: «لم يكن للأجير أجر، وقد يدفع وليّه للمعلم مبلغاً من المال حتى يعلمه الحرفة، وهذا ما يعرف باسم "الشرط"، وكل ما يتقاضاه الاجير في نهاية الأسبوع، إنما هو مبلغ رمزي يُعد "شوفة خاطر" أو إكرامية، وتستمر هذه الحالة عند الأجير وقد تمتد حتى سن البلوغ، وقد تقل أو تزيد وهذا الأمر يتوقف على نباهة الأجير وذكائه ودقة ملاحظته، فإذا توافرت في الأجير هذه الأمور والصفات، فإن المعلم يبلغ شيخ الكار "الحرفة" كما يبلغ معلم الحرفة بإمكان ترفيع الأجير إلى مرتبة صانع ويكون ذلك في حفل عام لجميع الأجراء المرشحين إلى مرتبة صانع في الحرفة، وذلك في أحد المنتزهات ووفق تقاليد متوارثة».

فيما يحدثنا السيد "منير أحمد" أحد المعمرين بدمشق القديمة عن ذكرياته وتسميته بأجير بكعكة فيقول: «هذه التسمية تذكرني بذكريات عملي في فرن ومخبز قديم وسط حي "الساروجة"، حيث رافقني والدي إلى أحد المخابز في ذلك الحي، وأخبر معلم المهنة بأن يعلمني مقابل بعض القروش، وكانت المفاجأة الأولى بالنسبة لي أنه يوجد تسمية لهذه المهنة وهي "أجير بكعكة"، حيث مارست العمل بمساعدة العمال وتنظيف المحل إلى أن تعلمت المهنة وتمت ترقيتي لمهنة الصانع بحفلة للصناع أقامها شيخ الكار وكبار الحي في منتزه قريب قرب "دمشق"، حيث سعدت كثيراً لأنني قطعت هذه المرحلة وبدأت من "أجير بكعكة" لأصل إلى رتبة الصانع وأتقن العمل في صناعة الخبز».