يوم "الجرجر" في ريف منطقة "عفرين" هو يوم مميز في حياة الناس ويتضمن تقاليد اجتماعية قديمة.
للحديث حول "يوم الجرجر" وطقوسه قال السيد "صبحي علي" -"عفرين" لموقع eAleppo: «في البداية أود أن أوضح معنى "الجرجر"، "الجرجر" آلة خشبية مؤلفة من صفين من الدواليب المعدنية المسننة تجرها الأحصنة والثيران لدرس (فصل حبات القمح عن القشور والسيقان) الحصيد فوق البيادر، و"يوم الجرجر" مناسبة اجتماعية معروفة وشائعة في الريف تقام في بيادر القرية وهو يوم فرح للمزارعين لأنه يمثل المرحلة الأخيرة في دورة المحاصيل ويشارك فيه شرائح مختلفة من الناس كباراً وصغاراً.
"يوم الجرجر" هو يوم اجتماعي ممتع ويقع في أربعينية الصيف بعد حصد المحصول ونقله للبيادر حيث يشارك فيه الرجال والنساء والأطفال ضمن جو شيق. من أجمل الطقوس الاجتماعية ليوم "الجرجر" هو تناول الطعام بشكل جماعي بين الحضور جميعاً حيث يخصص لذلك وقت الظهيرة فيجلس الجميع سوية وتكون مائدتهم مشتركة، وبالنسبة للأطفال فإنّ عدم ممانعة الكبار لهم بركوب "الجرجر" لبضعة دورات كان يدخل الفرح والسرور لقلوبهم لأن "الجرجر" آلة خطيرة بالنسبة إليهم
لكل قرية كما هو معروف بيدرها الخاص وهو عبارة عن أرض مشتركة وجماعية يضع عليها الفلاحون حصيدهم من محصول القمح والشعير والعدس والحمص والجلبان وغيرها ليقوموا بدرس المحصول بواسطة "الجرجر" في يوم ريفي اجتماعي مهرجاني جميل».
وأضاف: «يختار الريفيون "يوم الجرجر" بعناية وخبرة حتى لا يتلف المحصول ومن الشروط الأساسية لهذا اليوم ألا يكون ندياً بل يوم /شوب/ ليتم البدء بالعمل حيث يقوم أهل كل بيت ومنذ الصباح الباكر بنقل جرجرهم وحصانهم وعُدة عملهم إلى البيدر والعمل ضمن أجواء اجتماعية ممتعة وشيقة.
بعد ربط "الجرجر" بالحصان يركب شخص ذو وزن /على "الجرجر" طبعاً/ لتسهيل عملية درس الحصيد ولكن قبل أن ينطلق الحصان بالجر والدوران حول الحصيد يقوم صاحبه بأمرين أساسيين، الأول هو وضع "الساربوزك" /محلياً/ وهي أداة شبكية مصنوعة من الحديد في فم الحصان لمنعه من أكل الحصيد أثناء درسه وبالتالي البطء في انجاز العمل، والأمر الثاني هو القيام بربط عيني الحصان بقطعة قماشية لمنعه من رؤية ما حوله، وقبل البدء بالعمل يقوم المزارع بربط عيني الحصان وسحبه خلفه والدوران به حول الحصيد حتى يتعود فيتابع الجر والدوران حتى نهاية العمل بشكل تلقائي».
السيد "مصطفى حمو" من "جنديرس" قال: «"يوم الجرجر" هو يوم اجتماعي ممتع ويقع في أربعينية الصيف بعد حصد المحصول ونقله للبيادر حيث يشارك فيه الرجال والنساء والأطفال ضمن جو شيق.
من أجمل الطقوس الاجتماعية ليوم "الجرجر" هو تناول الطعام بشكل جماعي بين الحضور جميعاً حيث يخصص لذلك وقت الظهيرة فيجلس الجميع سوية وتكون مائدتهم مشتركة، وبالنسبة للأطفال فإنّ عدم ممانعة الكبار لهم بركوب "الجرجر" لبضعة دورات كان يدخل الفرح والسرور لقلوبهم لأن "الجرجر" آلة خطيرة بالنسبة إليهم».
وتابع السيد "مصطفى" حديثه: «كان "يوم الجرجر" مناسبة اقتصادية سنوية حيث يجتمع فيه العطارون والباعة الجوالون لإقامة سوق مصغرة في المكان وبيع فاكهة الصيف من عنب وبطيخ وتفاح وغيرها وذلك بمقايضته بالمحصول، ومن أكثر المواد التي كانت تباع في هذا اليوم من قبل هؤلاء الباعة كانت المناخل بمختلف قياساتها حيث كانت النسوة يستعملنها في غربلة حبات المحصول وتنظيفها من الشوائب والقش.
كان "يوم الجرجر" أيضاً مناسبة لقدوم الباعة الجوالين الذين يبيعون مختلف أنواع البضائع للمزارعين خلال السنة بالدين مثل الصابون والأقمشة والملح وأدوات الخياطة والزينة والأدوات المنزلية الأخرى وذلك لتحصيل ديونهم والبدء بفتح صفحة جديدة خلال العام التالي.
وليوم "الجرجر" طقس رياضي من نوع خاص هو "مباريات الديوك" الذي كان يشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً وقانونه هو أنه على صاحب الديك الذي خسر المباراة أن يعطي للآخر كمية من القمح أو الشعير وهذه الكمية المتفق عليها قبل المباراة يتناولها الديك الرابح وتستمر المباريات بين الديكة ليبقى أقواهم سيد ذلك اليوم بلا منازع.
ومن الطقوس الطريقة ليوم "الجرجر" هو مجيء شخص راكب على حصان وخلفه سعدانه /قرده/ وبعد وصوله كان الحاضرون على البيدر يجتمعون من حوله فيقوم السعدان بحركات طريفة ومضحكة بحسب حركات عصا صاحبه وكلامه وبعد الانتهاء من عمله كان الناس يعطونه كميات مختلفة من المحصول، إن مجيء السعدان وصاحبه في "يوم الجرجر" هو من أكثر ما يفرح الأطفال ويسعدهم فكانوا ينتظرونه بفارغ الصبر».