المخرج "رولان جعدان" عشق السينما وتعلق بها وهو طفل، واليوم وبعد مسيرة شاقة من الدراسة الأكاديمية حقق ما حلم به ذات يوم حين وضع بصمته الإبداعية في عالم السينما من أوسع أبوابها.
حول بدايات تعلقه بالفن السينمائي تحدث المخرج "رولان" لمدونة وطن eSyria: «بداية تعلقي بالفن كانت عندما أخذني والدي الى إحدى صالات السينما في دمشق وقد كنت وقتها في سن الخامسة حيث شاهدنا الفيلم الهندي المعروف "التوءمان" وعند عودتي من السينما قلت لوالدي سأصنع أعمالاً كهذه فضحك كثيراً وصديقه الذي كان معه، ومع مرور الزمن أصبحت أتابع أفلاماً مصرية وبحكم أننا لم نكن نملك جهاز فيديو كنا ننتظر الأعياد حتى نذهب إلى السينما بعد قبضنا لخرجية العيد وذلك مشياً من "بستان الباشا" في "حلب" إلى "باب الفرج".
أعمالي هي مجرد تجارب فردية وأهميتها تكمن في أنها سينما مستقلة بإمكانيات متواضعة تعبر عن شوقنا للوطن وحبنا ووفائنا له وتكمن أهميتها في أنها تضيف رونقاً جديداً للسينما السورية
بداية "جعدان" الفنية كانت مسرحية حيث كان تلميذاً في الصف الرابع: «كان دوري أن أخرج مسرحية وأجسد دور الإقطاعي الظالم الذي يسرق قوت الفقراء ويقتل الفلاحين ولكن في النهاية يثور الفلاحون ويقتلون الإقطاعي من خلال ضربه ضرباً مبرحاً وقتها على ما أذكر تلقيت ضرباً مبرحاً وحتى بكيت طويلاً لأن الأولاد دخلوا الى الدور وأتقنوه جيداً، هذه الحادثة محفورة في ذاكرتي ولكنها كانت بداية جيدة لي ووقتها صفق والدي لي كثيرا لأن الكل أصبح يسأل ابن من هذا الطفل الذي مثل وأخرج بشكل جيد؟».
بعد انتهاء المرحلة الثانوية بدأ "رولان" الكتابة في مجلة "الفن السابع" المصرية التي كان يملكها الفنان "محمود حميدة" ورئيس تحريرها "محمود الكردوسي" ومن خلالها استطاع خلق علاقات مع الوسط الفني المصري وتكوين صداقات مع سينمائيين مصريين كثر بالإضافة لكتابة الكثير من المقالات في مجال النقد السينمائي في صحف ومجلات عربية كما كتب في جريدة "خبات" الكردية التي كانت تنطق بالعربية وأيضاً في مجلة "كولان العربي" قبل أن يتحول إلى مرحلة الغربة فقال: «انتقلت إلى "تركيا" نهاية العام 1998 وهناك دخلت امتحاناً مع ثمانية آلاف طالب لحجز ثمانية مقاعد في أكاديميات السينما في "اسطنبول" وكان ترتيبي الثامن من بين ثمانية آلاف طالب وكانت بالنسبة إلي مسألة إثبات وجود في مدينة سينمائية عريقة وكان حبي للسينمائي "يلماز كوناي" هو ما دفعني للسفر الى هناك».
وعن انجازاته في بلدان الاغتراب قال: «أصبحت عضو لجنة تحكيم مهرجان "أربيل السينمائي" الثاني
جنباً إلى جنب مع السينمائي الامريكي "جانو" ومدير التصوير الإيراني "بهرام فضلي" والممثلة
الإيرانية الشهيرة "مريم بوباني" والمنتج الكردي التركي المشهور "محمد أكتاش" وغيرهم، كما كتبت لمدة
ثلاث سنوات متتالية في مجلة "الصوت الآخر" كناقد سينمائي، وقمت بإخراج وتقديم برنامج "سينما
الشرق الأوسط" على تلفزيون تركي محلي اسمه "ارجيس" لمدة سنتين من 2002 حتى 2004
وأخرجت برنامج "سكرين" السينمائي على تلفزيون "كردستان" الفضائي لمدة ثلاث سنوات بالتعاون مع
زوجتي كمعدة ومقدمة للبرنامج.
كما حققت ثلاثة أعمال وثائقية في العراق تؤرخ للمدن الكردية هناك باسم "هولير" و"دهوك" و"السليمانية"، بالإضافة الى عمل "الجزيرة البارحة واليوم" الذي حققته في "تركيا" و"مذكرات رجل فاشل" كأول عمل روائي قصير و"خريف في قيصرة".
ومن آخر أعمالي فيلم "43" وهو عمل سينمائي روائي قصير من إنتاج مديرية السينما في "أربيل" وهو في مرحلة العرض في المهرجانات والعمل الآخر وثائقي بعنوان "سراب الوطن" وقد صور بين سورية وتركيا والعراق وهو في طور المونتاج.
وأهم الجوائز التي حصلت عليها جائزة أفضل عمل وثائقي لأفلام الطلبة في اسطنبول في العام 2007 عن الفيلم الوثائقي "الجزيرة البارحة واليوم"».
وفي تقييمه للسينما السورية قال: «السينما السورية تتميز بكونها سينما مؤلف حيث يقوم المخرج بالتأليف والإخراج، برأيي لا يوجد هناك سينما سورية بل هناك أفلام سورية لأن كلمة سينما سورية تحتاج إلى وجود صناعة سينمائية وهذه المقومات غير موجودة، فبلد ينتج من 3 إلى أربعة أفلام في العام لا يستطيع مجاراة سينما بلدان مجاورة مثل إيران التي تنتج حوالي 70 فيلماً سنوياً وحتى لبنان التي تنتج حوالي عشرة أفلام من خلال أعمال وإنتاج مشترك.
ما تمتاز به الافلام السورية هو الهروب إلى الماضي وعدم الغوص في ما يعانيه المواطن السوري وهذا أسس لنوع من الغربة بين المشاهد السوري والسينمائي السوري والحل هو تقديم أعمال تتناول هموم المواطن بالدرجة الاولى وردم الهوة التي بين المشاهد والسينمائي».
وبالنسبة لمهرجان دمشق السينمائي فيرى "جعدان" أنه ما يزال محلياً رغم الصفة الدولية وذلك بسبب قلة الإمكانيات وضعف التنظيم وضعف الصناعة السينمائية في سورية: «يجب على البلد المضيف أن ينتج على الأقل عشرة أفلام حتى يتم انتقاء فيلم منها ليشارك في مهرجانها، وهذا صعب حيث باتت وجوه السينمائيين السوريين في المهرجان مكررة، ولكي ينافس مهرجان دمشق السينمائي المهرجانات العالمية يجب رفع قيمة الجوائز واستضافة ضيوف كبار حتى تجلب الأنظار إليه».
وحول أهمية السينما التي يقوم بإنتاجها في الاغتراب بالنسبة لبلده كرسالة فنية قال: «أعمالي هي مجرد تجارب فردية وأهميتها تكمن في أنها سينما مستقلة بإمكانيات متواضعة تعبر عن شوقنا للوطن وحبنا ووفائنا له وتكمن أهميتها في أنها تضيف رونقاً جديداً للسينما السورية».
يُذكر أنّ المخرج السوري "رولان جعدان" هو من مواليد 1978 مدينة "حلب" وحاصل على الماجستير في الإخراج السينمائي من تركيا بدرجة ممتاز في العام 2006.