على ضفاف نهر العاصي، وفي منطقة عرفت بطبيعتها الجذابة، بنيت قلعة حماة، لتعبر مع الزمن عن عراقة المدينة وأصالتها.
فمنذ آلاف السنين سكن أهالي المدينة القلعة، وتحصنوا بأسوارها، قبل أن تتسع المدينة ويأخذ السكان في الانتشار بجميع أرجائها، لتبقى هذه القلعة شاهداً على ماضي المدينة ورمزاً لحاضرها.
تعتبر القلعة معلماً تاريخياً هاماً، بالإضافة إلى كونها معلماً سياحياً وترفيهياً يرتادها أهالي المدينة، ولاسيما في أوقات الصيف، فالتنزه بالقلعة في فصل الصيف أصبح يعتبر طقساً اعتاده معظم قاطنوا حماة، للهرب من حر الصيف أولاً، ولكون القلعة تعتبر أيضاً فسحة طبيعية تتيح لهم الهروب من أجواء المدينة الصاخبة إلى الطبيعة
تقع قلعة حماة على الضفة الغربية لنهر العاصي، الذي يحدها شمالاً، في حين يحدها من الشرق منطقة الحاضر الكبير، وأسواق ابن الرشد وسوق الطويل من الجنوب، أما من الشمال فتحدها منطقة المدينة.
مدونة وطن "eSyria" زارت قلعة حماة، والتقت السيد "أيمن المبيض" أحد سكان مدينة "حماة"، والذي تحدث عن القلعة بقوله: «تعتبر القلعة معلماً تاريخياً هاماً، بالإضافة إلى كونها معلماً سياحياً وترفيهياً يرتادها أهالي المدينة، ولاسيما في أوقات الصيف، فالتنزه بالقلعة في فصل الصيف أصبح يعتبر طقساً اعتاده معظم قاطنوا حماة، للهرب من حر الصيف أولاً، ولكون القلعة تعتبر أيضاً فسحة طبيعية تتيح لهم الهروب من أجواء المدينة الصاخبة إلى الطبيعة».
وأضاف "المبيض": «القلعة متنزه طبيعي مجاني، وذلك ساهم في إقبال مختلف الطبقات الاجتماعية عليها، كما أن غنى القلعة بالخدمات، ساهم أيضاً بتوفير الراحة والمتعة لزوارها.
ومن جانب آخر يعتبر موقع القلعة هو التل القديم لمدينة حماة، الذي أجريت فيه تنقيبات أثرية في النصف الأول من القرن العشرين، حيث دلت هذه التنقيبات على أن المدينة تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد».
وتذكر المصادر التاريخية كما يقول رئيس دائرة آثار حماة السيد "عبد القادر فرزات" «أن السلوقيين كانوا أول من بنى حصناً على قمة التل الذي شكل مركز المدينة السلوقية والتي دعيت بوقتها إبفانيا، قبل أن يدخل الرومان حماة ويحتلوا قلعتها، ومن ثم فتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة /18/ هـ.
في الفترة العباسية احتلها القرامطة سنة 291 هـ واستعادها المستكفي العباسي، ثم آلت إلى صالح ابن مرداس الكلابي صاحب حلب، حيث بدأ إعادة أعمار القلعة وتحصينها».
يضيف: «أنه في عام /1157/م، ضرب الزلزال قلعة حماة، حيث رممها وحصن أسوارها "نور الدين الزنكي"، وتولاها الأيوبيون، وبقيت بحوزة الأيوبيين الذين بنوا ما تهدم من أسوارها وأبراجها وأعادوا تحصينها.
ثم هاجم المغول "قلعة حماة" وهدموها سنة /1258/م وأعاد الظاهر بيبرس بناء المدينة وقلعتها، معيداً لها هيبتها، ليأتي فيما بعد العثمانيون، حيث فقدت القلعة أهميتها العسكرية وتعرضت للتخريب فلم يبق من عمارتها شيء».
يتابع: «التنقيبات الأثرية (1932- 1938م) من قبل البعثة الدانمركية، دلت على أن موقع القلعة الحالي كان أول تجمع سكاني فيها، ليأخذ الانتشار السكاني فيما بعد بالتوسع منها إلى منطقتي المدينة وباب الجسر.
كما دلّت التنقيبات على وجود (13) طبقة أثرية، أقدمها من الألف الخامس قبل الميلاد وأحدثها من العصر المملوكي، وقد أكدت المكتشفات في وسطها وجنوبها على مدى تقدم المدينة العمراني والصناعي، بالإضافة لذلك فقد عثر فيها على درج يحتوي في كل من جانبيه على أسد ومذبح من حجر البازلت، وعلى الكثير من الجرار والحلي التي تمثل الحضارات المختلفة المتعاقبة على حماة.
ومن جانب آخر يقول "فرزات" إن ما بقي اليوم من آثار القلعة هو التصفيح الحجري الذي يزنر التل القديم الذي تقوم عليه القلعة، ويُظهر أجزاءها حتى الآن.
فإن القلعة اليوم هي عبارة عن تل ترابي، تم تشجير قمتها، وتحويلها إلى متنزه طبيعي، حيث تقسم القلعة إلى جزء خاص بجلوس العائلات، وقسم لألعاب الأطفال، بالإضافة إلى وجود عدد من الأكشاك لتخديم زوار القلعة، كما تمتلك القلعة إطلالة جذابة تشرف على جميع أحياء حماة نتيجة لتوسطها أحياء المدينة.
كما أصبحت القلعة مركزاً رئيسياً تقام فيه الأمسيات والمهرجانات السنوية، ولعل أشهرها مهرجان ربيع حماة الذي يعرض من خلاله التجار وأصحاب الشركات الصغرى والكبرى منتجاتهم بأسعار أقل من باقي أيام العام».