"قصاص الأثر" أو "تتبع الأثر" موهبة تخلق في الإنسان، استخدمها عشائر وأبناء حوران قديماً معتمدين على الذكاء الفطري والفطنة ودقة الملاحظة لتتبع آثار حلالهم والحيوانات الشرسة والفرائس، ولمعرفه بعض الجرائم والتائهين في البراري وحقول العشائر.
الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين" قال لمدونة وطن eSyria بتاريخ 9/12/2012: «ارتبطت "قيافة الأثر" أو تتبع الأثر منذ القدم عند أهل البادية، فقد اشتهر أبناء العشائر والبادية بهذا العلم دون غيرهم من الأمم ولهم في ذلك مهارة عجيبة، معتمدين على الذكاء الفطري والفطنة، ودقة الملاحظة، والشخص الذي يتقصى الأثر يهوى التعرف على آثار أقدام الآخرين، وخصوصاً في البراري والرمال الناعمة، إضافة إلى الاستعانة به من قبل أهل القرى والعشائر البعيدة للبحث عن إبلهم ومواشيهم التائهة في البراري وحقول القبائل والعشائر».
يتمتع متتبع الأثر بالعديد من الصفات الخاصة منها ما حباه الله بها ومنها ما اكتسبه من الطبيعة، ومنها ما تعلمه من الذين سبقوه في هذه المهنة، أهمها فراسة العقل وصفاء الذهن، تساندها خبرة طويلة، والإلمام بالفروق بين الأثر، وقوة الملاحظة، بالإضافة للخيال الواسع، والصبر واللياقة البدنية العالية
تتبع الأثر هي موهبة تخلق في الإنسان وليست فقط معلومات يرثها الإنسان وهنا يضيف السيد "هشام حرفوش" أحد المهتمين بالتراث: «قصاص الأثر أو تتبع الأثر هي موهبة تخلق في الإنسان وليست فقط معلومات يرثها الإنسان أباً عن جد، والقصاص شخص موهوب يعرف اتباع اثر كل ما يدب على الأرض من حيوانات أو انسان، ويمتلك قدرات غير عادية أذهلت عقول العارفين، وحارت معها أجهزة التقنيات الحديثة في رصد ما يمكن رصده، وأعيت هذه الظاهرة الكثيرين، عبر القدرة على اقتفاء الأثر مهما صعب مكانه وطال زمانه أو كان مصدره إنساناً أو حيواناً أو حتى حشرة، حيث كان القصاص يميز قدم الرجل الشيخ والمرأة والشاب والأعمى».
ويقول الباحث في التراث "محمد فتحي المقداد": «صاحب السلطة قديماً كان يستخدم ويستعين بقصاص الأثر الذي يتمتع بقوة الملاحظة والبصيرة، لمعرفة بعض الجرائم مثل السرقة أو القتل أو غيرها من الجرائم، حيث يستطيع قصاص الأثر اتباع آثار الخيل والأغنام والحمير والجمال والبغال وغيرها من الدواب، كما يستطيع تتبع أثر الإنسان والسيارات، والمشهور عنه أيضا أنه حين كان يرى أثراً في مكان ما لا ينساه، وعندما يراه بعد ذلك في مكان آخر يعرف أن هذا الأثر هو أثر من كان يطلبه ولو كان بعد مدة طويلة من الزمن».
ويتابع: «أسباب عديدة ساعدت قصاص الأثر على نجاح مهمته في قص الأثر منها قلة السكان في البراري ما سهل ملاحظة أي أثر جديد فوقها، كما يسهل ذلك على القصاص تتبع الأثر لمسافات بعيدة إذ من السهل أن تترك حركة الإنسان أثراً على الأرض، إذ إن البدوي حذر ودائم الانتباه لما يدور حوله، وتتبع البدوي آثار الحيوانات المختلفة المفترسة كالذئاب والضباع، من أجل القضاء عليها لأنها تشكل خطراً على البدو ومواشيهم».
السيد "حسين الشمري" أحد المهتمين بالتراث قال: «يتمتع متتبع الأثر بالعديد من الصفات الخاصة منها ما حباه الله بها ومنها ما اكتسبه من الطبيعة، ومنها ما تعلمه من الذين سبقوه في هذه المهنة، أهمها فراسة العقل وصفاء الذهن، تساندها خبرة طويلة، والإلمام بالفروق بين الأثر، وقوة الملاحظة، بالإضافة للخيال الواسع، والصبر واللياقة البدنية العالية».
ويتابع :«يستطيع قصاص الأثر أن يعرف شخصية صاحب الأثر المقصوص، فإن كان إنساناً عرف هل هو امرأة أم رجل، وهل هو أعرج أو نحيف أو طويل أو قصير، وهل هو أعمى أو بصير، وان كانت امرأة عرف هل هي حامل وفي اي شهر تقريباً، ويعين الجهة التي جاء منها صاحب الأثر، كما يعين الجهة التي اتجه إليها بعد ذهابه، وقصاص الأثر لديه معرفة باتجاه الرياح، ولذلك يتعرف على رسم القدم والأثر على الرمال، أما في الطريق الجبلي فيتم الدوران أكثر من مرة حول المكان لتتبع الأثر، ومن ثم معرفة الاتجاه إن كان صعوداً نحو الجبل أو العودة من طريق آخر».