تعدّ الأسواق القديمة في مدينة "دير الزور" العصب التجاري للمدينة، كما تشكل نقطة التقاء بين أهل الريف والمدينة، وهي من الآثار القليلة جداً المتبقية من الحقبة العثمانية في المدينة؛ ما دفع مديرية الآثار للحفاظ على هذا الإرث الحضاري.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 كانون الأول 2013 المعمر "مروان خضر" من أهالي "دير الزور" الذي تحدث عن الأسواق القديمة في المنطقة بالقول: «بنيت الأسواق القديمة أواخر فترة الاحتلال العثماني سنة 1865م، وذلك عندما عين خليل بك ثاقب الأورفلي قائم مقام لـ"دير الزور"، حيث أنشأ السرايا القديمة التي تضم حالياً مبنى قيادة الشرطة ومتحف التقاليد الشعبية القديمة والبوابة العثمانية ومقهى السرايا».
بنيت الأسواق القديمة أواخر فترة الاحتلال العثماني سنة 1865م، وذلك عندما عين خليل بك ثاقب الأورفلي قائم مقام لـ"دير الزور"، حيث أنشأ السرايا القديمة التي تضم حالياً مبنى قيادة الشرطة ومتحف التقاليد الشعبية القديمة والبوابة العثمانية ومقهى السرايا
وأضاف: «أول سوق بني ضمن سلسلة الأسواق القديمة هو سوق "الميري" الذي يعني "السوق الحكومي" حيث استخدم القائم مقام أشخاصاً من أورفة من أصحاب المهن ليخططوا وليبنوا أسواق "دير الزور" ونظراً إلى قيمتها الفنية والجمالية والتراثية ولكونها الأثر الوحيد المتبقي للمدينة؛ الذي يعود إلى حقبة الحكم العثماني فقد تم تسجيلها في مديرية الآثار للحفاظ على هذا الإرث الحضاري».
ويشير المهندس المعماري "فادي طعمة" بالقول: «تتميز شبكة الأسواق القديمة بأن تخطيطها "شطرنجي" في الجهة الشرقية للدير العتيق قديماً، وتشكل اليوم جزءاً هاماً من الحياة التجارية في المدينة فهي العصب التجاري للمدينة ونقطة التقاء أبناء الريف فيها، وتشغل الأسواق إضافة إلى الخانات مساحة (11250متراً مربعاً) تقريباً أي ما يعادل 10% من مساحة المركز التجاري الحالي لمدينة "دير الزور"».
ويضيف "الطعمة" بالقول: «إن الطابع العمراني للسوق المقبي غاية في الدقة والتكامل والتنظيم، وتمتد الأسواق باتجاه (شرق - غرب)، (شمال - جنوب) يحدها من الجهة الشرقية حي "عبد العزيز"، ومن الجهة الشمالية السرايا القديمة، ومن الجهة الغربية شارع الجسر الذي يؤدي إلى حي الحويقة، أما من الجهة الجنوبية فيحدها الشارع العام.
تعود ملكية الأسواق القديمة إلى مجلس مدينة "دير الزور"، حيث كان قد صدر قانون استملاك الأسواق عام 1980م، وبقيت المحلات بيد أصحابها الأصليين لكونها المورد الأساسي الذي يعتمدون عليه في رزقهم».
ويشير الباحث "محمد عواد" بالقول: «أصبح لكل سوق اسم خاص به، فمنه ما حمل اسم بعض المدن التي كانت تصل منها البضائع إلى "دير الزور" لوجود علاقات تجارية قوية معها مثل: (سوق بيره جيك، سوق حلب، سوق بغداد، سوق بيروت)، ومنهم من يطلق على السوق اسم المهن التي يعملون بها أصحاب المحال مثل: (سوق التجار، سوق الحدادة، سوق النحاسين، سوق الخشابين، سوق العطارين، سوق خلوف، سوق عكاظ، سوق الحبال، سوق الحدادة، سوق القصابين)، كما تحمل بعض الأسواق اسماً موسمياً من خلال المادة الأكثر شهرة التي تباع فيها مثل: (سوق الصوف، وسوق الحبوب، والكماة، وسوق السمن) كما يضم السوق عدداً من الخانات القديمة "خان براجيك وخان الترك وخان الخشب"».
ويضيف "عواد" بالقول: «يحتل سوق الحدادين مكاناً متميزاً من السوق المقبي" حيث يتميز بأن أغلب العاملين فيه هم أبناء عمومة من "آل العليوي" ويقع في الجهة الغربية لشبكة الأسواق، يحده جنوباً سوق الحبال وشمالاً سوق القصابين أما غرباً فيحده شارع الجسر، يختص هذا السوق بصناعة أدوات الحصاد كالمناجل والفؤوس ولوازم بيت الشعر والأقماع. وأهم الأدوات التي يصنعونها "الجاكوك" (المطرقة)، "الكلبة"، أداة تشبه "مقص الحديد" وهي أنواع عديدة لكل منها استخدامها الخاص، و"المبعج" على وزن مبرد وهو يستخدم لصناعة الفأس وهو عبارة عن نتوء فولاذي تدق عليه قطعة الحديد التي يصنع منها الفأس، و"الملاي" يستخدم في المرحلة الثانية لصناعة الفأس له أنواع و قياسات، و"الكير" يستخدم لإشعال الفحم الحجري».