بدأت اهتماماتها الأدبية مبكراً، وتأثرت كثيراً بالأجواء المحيطة بها، واستفادت من أصحاب الاختصاص في تنمية موهبتها التي أخذت بالنضوج والتميز بشكل واضح، ونجحت بلغة شاعرية جميلة، وكلمات تحمل دلالات عميقة من فرض حضورها في كثير من المناسبات الأدبية.
مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 5 كانون الثاني 2020، تواصلت مع الروائية "فرح وحيد الحويجة" لتحدثنا عن سيرتها وتجربتها الكتابية حيث تقول: «درست المرحلة الإبتدائية في مدرسة "جميلة بوحيرد"، وكانت مدرّستي والدتي المربية "هند الماخوذ"، وأكملت الإعدادية في مدرسة "بلقيس"، وتوقفت عن إكمال دراستي في المرحلة الثانوية نتيجة إغلاق المدارس في "الرقة" بسبب الأحداث، حتى أصبحت في السن المناسب للتقدم إلى الشهادة الثانوية العامة التي حصلت عليها من محافظة "الحسكة"، ثمّ أكملت تعليمي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة "حلب" قسم "اللغة العربية"، وحالياً في السنة الثالثة، وأطمح بعد التخرج دراسة الماجستير لأبقى على ارتباط وطيد مع اللغة العربية التي شكلتني وصنعت مني كائناً جديداً.
عندما يتحالف الموت على الحياة، في الأزمنة السوداء، تتشكل المعجزات، وينفتق الصخر عن ماء وورد، فتولد "حياة أقرب إلى الموت". الروائية الرقاوية "فرح"، هي تشكيل أدبي فني متميز، فهي تمتلك لغة شاعرية بسيطة، ولكن بتركيب لغوي مدهش، وبخيال سريالي خصب، وهذا بدوره جعل خوضها في بحور "الفراهيدي" أمراً يسيراً، وبزمن قياسي كتبت الشعر العامودي وشعر التفعيلة، اللذين لا يبتعدان كثيراً عن موسيقا الشعر النبطي، فهي كاتبة تحلق شاهقة في سماء قادمة
بدأت اهتماماتي الأدبية منذ أن تعلمت الأبجدية بشكل جيد، حيث بدأت بتدوين مذكراتي، ثم بعد وفاة والدي بدأت بكتابة رسائل له أخبره فيها عن كل ما يجري من حولي، واستمر الأمر بي إلى أن بدأت بكتابة القصص القصيرة في الصف السادس، ثم تنامت موهبتي لما كنت أتلقاه من عناية في مسيرتي الدراسية من مدرسي اللغة العربية الذين كانوا من حولي، ومنهم "أحمد الفارس"، "عبدالرزاق الحمد"، و"خليل الشيخ"، فبدأت موهبتي تتطور بشكل ملحوظ، وخاصة بعد أن باشرت بقراءة مؤلفات الأدباء الكبار "جبران خليل جبران"، "أحمد خالد توفيق"، و"نجيب محفوظ"، وتعلمت الأجناس الأدبية والتفريق بينها».
وتضيف بالقول: «كانت الخطوة الأهم في مسيرتي الأدبية هي قدومي إلى مدينة "حلب" التي شكلت نقلة كبيرة لي في مجال الأدب، وخاصة عندما تعرفت على الشاعر "فرهود الأحمد" الذي قام بقولبة موهبتي الشعرية من نثر مقفى، وحولها إلى مقطوعات موسيقية متناسقة، فعلمني الأوزان، وتعلمت كتابة شعر التفعيلة والشعر العمودي بفضله، وشجعني على المشاركة بالعديد من الأمسيات في المراكز الثقافية، وحزت على المركز الثاني في مسابقة اتحاد الكتاب للقصة القصيرة على مستوى "حلب" عام 2017، وكانت القصة عبارة عن أربع صفحات تتحدث عن تأثير الحرب على "سورية"، وتحدثت فيها عن الأضرار التي سببتها "داعش" بمفخخاتها، وكم غررت بالشبان والشابات وأوصلت الكثير منهم إلى طرق مسدودة وأعادتهم نادمين.
ونتيجة لنشاطي الأدبي المتعدد الوجوه في مدينة "حلب" أصبحت عضواً مؤسساً في صالون "روح الأدبي"، وهو المكان رقم واحد الذي يضم شعراء وكتاب من فئة الشباب».
وتتابع: «أما بالنسبة لنتاجي الأدبي فأنا كاتبة رواية بالمقام الأول، ولي رواية مطبوعة بعنوان "حياة أقرب إلى الموت" عام 2018، وهي من النوع الرومانسي الدرامي الذي يحمل التراجيديا المغرقة في الحب المستحيل، رجلان وامرأة بقلبين قلب معطل وقلب تمّ منحها إياه لتعيش به حباً يجعل منها خائنة، تدور القصة حول الأبطال الثلاثة بشاعرية تامة وإحساس مرهف لتجد نفسك على ارتباط وثيق بهم، حائراً إلى جانب من عليك أن تقف، ولكن في النهاية يتغير كل شيء، تلك الرواية حملت مفهوم الوهم، فأن ترهن حياتك لأجل حقيقة أنت لا تعرف إلا جزءاً منها فإذا اكتشفتها وجدت أنك كنت تؤمن بمحض كذبة.
إضافة إلى ذلك فأنا أكتب القصة وشعر التفعيلة والشعر الشعبي باللهجة الرقاوية والخاطرة، وهذه أبيات من إحدى القصائد العمودية التي كتبتها:
الشعرُ يغريني لأرقصَ حرةً والشعر يرجعني لأصلي الأقدمِ
من نسل طيٍّ والفرات يحفني لا شكّ بوح الضاد يجري في دمي
أجداد أجدادي رووا أشعارهم وسقيتها وحياً يضيء على فمي».
الأديبة "رياض نداف" عنها تقول: «استطاعت "فرح الحويجة" وهي بطراوة سنها أن تدخل الساحة الأدبية بقوة، وأقول ذلك لما تتمتع به من شخصية وثابة، وجريئة تستطيع من خلالها أن تقابل جيشاً من الأدباء، وأذكر مرة أنها في منتدى "رياض الأدبي" استطاعت أن تنقد أديباً قاصاً بِفَهم ونبوغ ودراية الناقد، وهي ليست روائية فقط بل كاتبة قصة قصيرة وشاعرة من الطراز الممتاز، وحين تصعد المنبر تأخذ الروح بإلقائها ولها شخصية محببة وجذابة، "فرح" الإنسانة من الطبيعي أن تتمثل المثاليات لصغر سنها، إلا أنّ العقل يحكمها في مجمل سلوكياتها، فهي استطاعت أن تخلق حبكة متماسكة في روايتها، وتستطيع وبجدارة أن تخلق حبكة حياتها بتعقل وفهم، "فرح" الشابة روح مرحة وشخصية لينة، ولها ردود أفعال ذكية».
بدوره الشاعر "فرهاد الأحمد" الذي واكب نشاطها عنها يقول: «عندما يتحالف الموت على الحياة، في الأزمنة السوداء، تتشكل المعجزات، وينفتق الصخر عن ماء وورد، فتولد "حياة أقرب إلى الموت".
الروائية الرقاوية "فرح"، هي تشكيل أدبي فني متميز، فهي تمتلك لغة شاعرية بسيطة، ولكن بتركيب لغوي مدهش، وبخيال سريالي خصب، وهذا بدوره جعل خوضها في بحور "الفراهيدي" أمراً يسيراً، وبزمن قياسي كتبت الشعر العامودي وشعر التفعيلة، اللذين لا يبتعدان كثيراً عن موسيقا الشعر النبطي، فهي كاتبة تحلق شاهقة في سماء قادمة».
مما يذكر أنّ "فرح وحيد الخوجة" من مواليد "الرقة" 1998، وهي تتابع دراستها في جامعة "حلب".