تُطلق الجمعية الفلكية السورية خلال أيام ثاني أكبر مرصد فلكي عربياً، والوحيد المجاني عالمياً، بحيث يُمكن لكل من يرغب وفي أي مكان في سورية، البحث والدراسة ومشاركة أعضاء الجمعية مختلف أشكال الرصد ومراقبة النجوم والكواكب عبر موقع خاص على الإنترنت.
هذا ما أكده رئيس الجمعية الدكتور محمد العصيري في حوار مع "مدوّنة وطن"، لافتاً إلى أن المرصد/ التلسكوب، المصنّع بخبرات سوريّة، سيشكّل أرضيّة داعمة لجهات وقطاعات محليّة عديدة عبر شقين الأول تكنولوجي، والثاني يتعلق بالطاقات الشابة التي قامت بتصنيعه، وهو ليس نهاية المطاف في مشوار الجمعية بل خطوة أولى باتجاه إنجازات أكبر أهمها "وكالة فضاء عربية سورية" و"قمر صناعي سوري"، يمكن من خلال ذلك توفير مبالغ كبيرة جداً، تُصرف على استئجار قنوات البث الفضائية وشراء الصور الفضائية وغيرها.
بدأ الحديث عن بناء التلسكوب عام 2009 مع تحوّل جمعية هواة الفلك إلى الجمعية الفلكية السورية، يشرح العصيري: كنّا بحاجة إلى معدات وتجهيزات متطورة لنتنافس ونتواصل مع دول العالم بمستوى علميّ مناسب، لذلك وقعنا عقداً مع الشركة الهولندية "استروفوكس" لبناء مرصد فلكي في سورية، لكن مع بدء الأزمة وفرض العقوبات الظالمة علينا، حُرمت الجمعية من المرصد رغم أن جزءاً كبيراً من ثمنه كان مدفوعاً، إلى أن تقدمنا عام 2018 بطلب للانضمام إلى الاتحاد الدولي للفلك، كان علينا تنفيذ مئات الشروط، من بينها وجود مرصد فلكي متطور، جاء ردنا بتوضيح ما حصل، وإظهار مدى التأثير السلبي للعقوبات في المسيرة العلمية في سورية، في النتيجة دخلنا الاتحاد كأول جمعية عربية إلى جانب 91 دولة، ومجموعة وكالات منها "وكالة الفضاء ناسا، وكالة الفضاء إيسا، الوكالة الروسية روسكوسموف"، ليتكرر سيناريو التواصل مع شركات عالمية لبناء المرصد، ورفضها التعاون بسبب العقوبات.
لاحقاً تجاوزت الجمعية كل هذا، ببناء المرصد الفلكي بأيدٍ سوريّة، وفي حين أراد البعض حرمان السوريين من خطوة علمية جادة، استطاع أبناء البلد توفيرها مجاناً للجميع. يضيف العصيري للمدونة: المرصد الأكبر عربياً موجود في دولة الإمارات، بالنسبة لنا غايتنا أبعد وأهم من فكرة "الأول والثاني"، نستهدف بداية شريحة الهواة ومحبي علوم الفضاء والفلك، والذين يهتمون عادة بـ"رصد هلال رمضان والأشهر القمرية، متابعة حركة الشمس لتحديد مواقيت الصلاة، المناخ، نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون" وما شابه، أما الشريحة الثانية فهم المختصون المعنيون على سبيل المثال بدراسة النجوم النابضة والكواكب خارج المجموعة الشمسية وغيرها، نحاول التقريب بين الشريحتين عبر طرح مواضيع جذابة كـ"الهطل الشهابي، اقتران الكواكب أو مشاهدتها بحجمها الكبير، حياة رواد الفضاء، التواصل مع محطة الفضاء الدولية".
وبيّن العصيري أن شريحة الهواة لعالم الفلك أكبر من التوقعات، إذ إن الجمعية تستقبل يومياً مئات الضيوف والنشاطات والفعاليات عدا عن زيارات المدارس والجامعات، البعض من هؤلاء يستمرون ليصبحوا أعضاءً، علماً أن الجمعية افتتحت فروعاً في المحافظات، ووصل عدد أعضائها إلى 3 آلاف عضو، منهم 350 عضواً فاعلين.
يقول رئيس الجمعية أيضاً: في البداية توقعنا ألّا يتقبل المجتمع السوري علوم الفضاء والفلك، لكونها أقرب للرفاهية ومُكلفة في الوقت نفسه، لكننا فوجئنا بالعكس، وحين دخلنا الاتحاد الدولي للفلك اشترط على الجمعية القيام بنشاط يضم حوالي 200 مشارك، فقمنا برصد الخسوف الكلي للقمر بمشاركة آلاف السوريين الذين تجمعوا في منطقة البرامكة مع خطر القذائف في تلك المرحلة، أطلقنا على تلك المناسبة "العرس الفلكي"، كان حدثاً رائعاً، ولو فُتح المجال للتخصص في علوم الفضاء والفلك، سيكون لدينا المئات من الطلاب الراغبين بالدراسة والاطلاع.
يُذكر أنّ اللقاء مع رئيس الجمعية الفلكية السورية الدكتور محمد العصيري، أُجري بتاريخ 2021/3/8.