أبصرت "قلعة السويداء" التاريخية نور الولادة البنائية منذ أكثر من 130عاماً، كان ذلك في القرن التاسع عشر الميلادي حين بناها العثمانيون آنذاك لتكون مركزاً إدارياً لهم يستطيعون من خلاله القيام بأعمال الرصد والاستكشاف، لتتحول بعد ذلك إلى مركز لقوات الاحتلال الفرنسي لتستخدم للغاية نفسها، ولتسقط على أيدي الثوار بعد محاصرتهم للقوات الفرنسية داخلها.
حصن ومركز للرصد
الباحث الأثري والتاريخي حسن حاطوم تحدث لمدوّنة وطن قائلاً:>> لقد بنيت "قلعة السويداء" في القرن التاسع عشر ميلادي عام 1890من قبل المحتل العثماني، إذ اتخذ منها مركزاً إدارياً ومرصداً لقواته، الهدف منه الرصد والاستكشاف مستفيداً من ارتفاعها وإطلالتها على مدينة السويداء بالكامل، ولهذا تم بناؤها ضمن نقطة مرتفعة عن مدينة السويداء، وبقيت القلعة مركز مراقبة ومرصداً له لحين خروجه منها وذلك في عام 1918 وبعد عامين من خروج العثمانيين منها أي في عام 1920 اتخذتها القوات الفرنسية مركزاً لقواتها وحصناً يتحصنون داخلها لصد هجمات الثوار المتتالية>>.
وأضاف " حاطوم":>> إن تحصن القوات الفرنسية داخلها لم يدم طويلاً جراء محاصرتها من قبل الثوار آنذاك عند انطلاق شرارة الثورة السورية الكبرى، حيث تمكنوا من طرد القوات الفرنسية المحصنة داخلها، بعد أن أحرق الثوار مقراتهم لتتحول إلى معقلٍ للثوار بعد ذلك، ولتبقى القلعة بما تبقى منها بعد الاستقلال أيقونة تاريخية وشاهداً حياً على البطولات التي سطرها الثوار على أسوارها، والتي ما زالت حاضرة إلى يومنا هذا>>.
الترميم جار ولكن!!
وتعد قلعة السويداء واحدة من القلاع الثلاث التي تحتضنها محافظة السويداء "كقلعة صلخد وقلعة شهبا" وحسب ما تذكر المهندسة المعمارية هاجر أنور كيوان، والتي كان مشروع تخرجها عن "قلعة السويداء " فإنّ: <<القلعة لم يبق من معالمها التاريخية سوى سورها الشرقي المحاذي لكلية الفنون الجميلة إضافة لعدد من الغرف القديمة التي بناها العثمانيون "كمهاجع" لقواتهم حينها، والتي لا تزال في حالة بنائية جيدة باستثناء أسقفها التي تم استبدالها بأسقفٍ إسمنتية حديثة جراء الوضع السيئ للأسقف القديمة التي كان يغلب عليها البناء القرميدي الموضوع فوق الخشب>>، وتضيف: <<سور القلعة بناء مزدوج "عثماني - فرنسي" الجزء الأول من السور بناه العثمانيون بالإسمنت الأبيض أو بالأصح الحجارة البيضاء وهي ليست من حجارة المنطقة حيث تم استقدامها من خارج المحافظة، أما الجزء الثاني منه فبناه الفرنسيون بالحجارة "البازلتية"، إضافة لوجود مبنى إداري يعود للفترة العثمانية لم يبق منه سوى بعض المعالم جراء تهدم قسم كبير منه وعدم ترميمه لاحقاً.
وتكشف المهندسة كيوان أن: <<السور الذي بناه العثمانيون حالته البنائية ليست جيدة نتيجة تعرضه للتخريب والهدم في فترات سابقة، وهناك محاولات لترميمه يبدو أنها تعود لأكثر من خمسين عاماً، وهذا يبدو واضحاً من خلال الإضافات الإسمنتية عليه، وحالياً القلعة وبعد الحركة العمرانية الكبيرة التي شهدتها مدينة السويداء، باتت محاطة بالعديد من المباني الحديثة لكونها تقع داخل المخطط التنظيمي، والتي أصبح نسيجها المعماري لا يتناسب على الإطلاق مع النسيج المعماري لهذه الأبنية>>.