لم ينتظر أهالي مدينة وبلدة" السّيال "حاضنة مملكة" ماري" التاريخية، ( 120 كم شرق دير الزور ) التوجه الحكومي بُعيد تحريرها من الإرهاب لتأهيل مرافقهما الخدميّة، فكان للمبادرات الأهلية قصب السبق في تأهيل قطاعات الكهرباء والمياه والأبنيّة التعليميّة وصولاً للمساجد، لتُشكّل هذه المبادرات رافعةً لأي تدخل حكومي، بل وتّواكبه بالمساعدة أثناء العمل.
مبادرات بالجملة
يقول رئيس مجلس المدينة " سامي الجدّي " في حديثه للمدونة: " مختلف القطاعات الخدميّة جرى تأهيلها عبر العمل الأهلي وبأموال الخيرّين من أبنائه، فجرى تأهيل الشبكة الكهربائية من توترٍ عالٍ ومنخفض، وغيرها من لوازم، تم تركيب 18 محولة باستطاعات ( 100 - 200 - 400 k.v) وتأهيل شبكة التوتر العالي والمنخفض، وبقية لوازمها وجاوزت كُلفتها مالياً 300 مليون ليرة، وتمت صيانة 4 مدارس لمرحلتي التعليم الأساسي، شملت ( أبواب ونوافذ وتمديدات صحية .. إلخ ) بكلفة 15 مليون ليرة، ولتحقيق الاستقرار التعليمي عملَ الأهالي على تأمين وسيلة نقل للمعلمين من خارج مدينتهم، إضافةً لمساكن لمن يرغب بالاستقرار فيها، وكل ذلك بشكل مجاني" .
ويضيف " الجدّي ": " قمنا وعلى نفقة الأهالي بتجهيز المركز الصحي، والذي بات جاهزاً على أمل أن تُبادر مديرية صحة "دير الزور" لافتتاحه لتوفير الخدمات الصحيّة، وقد بلغت كلفة أعمال التأهيل قرابة 6 مليون ليرة، والأمر تم كذلك لصالة التجارة الداخلية، التي جُهزت للافتتاح، علماً أن صاحب المبنى منحه مجاناً لعامين، ناهيك أيضاً عن محطة المياه التي أُهلت وجرت صيانة لشبكة مياهها وتزويدها بمحولة كهربائية وكلفت أعمالها
29 مليون ليرة، إضافةً للوحدة الإرشادية والتي تضم كذلك مبنى البلدية وكلفتها 3 مليون ليرة، وضمن تلك المبادرات تمت أعمال صيانة وتجهيز كامل ( أثاث، أحهزة تكييف، كهرباء، صحيّة، سجاد وفرش ) شملت 9 من مساجد المدينّة".
وللبلدة حصتها
" السيّال " منطقة واحدة، قُسّمت إدارياً لمدينة وبلدة، الأولى حيث فرض وجود آثار مملكة " ماري " هذا التوصيف دون اعتبار لعدد السكان ( 11 ألف نسمة تعداد قُبيل الأحداث، حالياً 7 آلاف)، فيما بلدتها كان تعدادها 16 ألف نسمة، حالياً 3 آلاف، عن العمل الشعبي فيها قال رئيس مجلسها " راغب الفريح ": " سُجّلت عمليات تأهيل في بلدتنا للكثير من المرافق التي تمس حياة المواطنين مباشرة، إذ تم بتبرعات من أبنائها المغتربين في الخارج، لاسيما بدول" الخليج العربي" حيث تمت عمليات تأهيل القطاع الكهربائي من مد شبكات التوتر ( عالي ومنخفض )، وتزويدها محولات عدد 6، بكلفة للواحدة منها بلغت 17 مليون ليرة، فيما أسهمت شركة كهرباء "دير الزور" ب4، كما جرى تأهيل محطة المياه وتزويدها بمحولة كهرباء إضافةً لمولدة ومضخات بقيمة 8 ملايين، وأعمال صيانة وإصلاح لخزاناتها ".
وحسب " الفريح " فقد طال العمل الشعبي بمبادراته مدارس البلدة، حيث تم تأهيل مدرستي (سيال الوسط، سيال الغربي )، وهما موضوعتان بالخدمة لطلبة مرحلة التعليم الأساسي، فيما بقيت مدرستان تنتظران التأهيل، وكان لدور العبادة أيضاً نصيبها في هذه الأعمال، وبلغ التأهيل الكامل ل10 مساجد من فرشها بالسجاد، وتزويدها بالمراوح وأجهزة التكييف والبرادات، وأعمال الإنارة والدهان للجدران والتمديدات الصحيّة، ووصل إجمالي التكلفة قرابة 10 مليون ليرة".
جهود الخيرّين
معروف أن النسبة الأكبر من العمالة الخليجيّة من أهالي محافظة" ديرالزور" هم من أبناء مدينة" البوكمال" وأريافها، هؤلاء يعملون في دول الخليج منذ سنوات طويلة، وهم لم ينسوا الأرض التي ولدوا بها يقول " محمد عبود العوض " مختار مدينة " السّيال ": " كان لتبرعات أبناء ( السّيالين - مدينة وبلدة ) دورٌ كبيرٌ في إعادة خدماتها الرئيسيّة، وساهم المتواجدون من السكان في مساعدة الجهات الحكوميّة أثناء الأعمال التي قدموها لنا، سواء بإسهاماتها بمد الكهرباء أو تنظيف المدارس والشوارع، وغيرها من أعمال، حقيقةً ماقدمه أبناءنا المغتربين تُرفع له القبعات، وهذا بلا شك ينُّم عن غيرة ومحبة لأهلهم ورغبة بتقديم المزيد من المساعدات لمواكبة أي تدخل حكومي محلي، ما تحقق ليس بالأمر القليل، فهؤلاء بمساهماتهم تكفّلوا أيضاً بأجور نقل وإيصال المعدات لمواقع العمل، وعلى الأرض هنالك من أهالي المنطقة من تابع على الأرض وواكب لحظة بلحظة لتسهيل العمل، الكثير من الأهالي عادوا، ومع توفر المزيد من الخدمات سيعود من تبقى، وما نأمله من الجهات الحكوميّة الآن، الإسراع بتأهيل وتشغيل قطاع الري السابع الذي يروي مساحات شاسعة من أراضينا الزراعيّة وقرى أخرى مجاورة، علمنا أن موقع هذا القطاع جرى تسليمه للمباشرة به، وهذا القطاع سيكون له دور كبير في عودة المزيد من معالم الحياة بالمنطقتين والجوار ".
يقول مدير محطة كهرباء الجلاء "محمد عايد العريف" والمواكب لمجمل أعمال التأهيل الشعبيّة ل" eSyria " : " من عاد إلى " السّيال " المدينة والبلدة بعد تحريرهما يُدرك حتماً حجم ما تحقق بفعل العمل الأهلي، ماجرى لا شبيه له بمحافظة "دير الزور" أو ربما في "سوريّة" ككل، وهو يأتي على طريق التكامل مابين واجب المواطنين والواجب الحكومي، دائماً نُردد عبارة بأن لا نضع كل الحمل على جهات القطاع العام، طالما لدينا القدرة أن نفعل شيئاً، وهذا ما كان من قِبلْ أبناءنا".
" العريف " وهو من أبناء " السّيال " بيّنَ بأن هنالك تواصل دائم مع المغتربين يقوم به وجهاء المنطقة في سبيل رصد المزيد من تدخلات العمل الأعلي بهدف تفعيل قطاعات أخرى يمكن لهذا النوع من العمل الولوج إليها.