«الشيخ سعد» تلك القرية الوادعة الصغيرة التي كانت وما زالت تغفو وتنام على كتف تل "الشيخ سعد" وبقايا ريح صخرته المقدسة.
عُرفت الشيخ سعد بالفترة الكنعانية باسم «قرنيم» وذلك في الألف الثالث قبل الميلاد، فيما سُمّيت بالفترة البيزنطية باسم «كاريناس»، حيث أصبحت أسقفية تابعة إلى «ميتروبولتناية» في "بصرى" حاضرة الروم، تبعد القرية عن مركز محافظة درعا 28 كم شمالاً وإلى الجنوب من مدينة نوى بـ 6 كم.
صخرة مقدسة
بدأت دائرة آثار "درعا" أعمال التنقيب في القرية عام 2007، وعثر في موقع "الشيخ سعد" على صخرة مقدسة، تعود حسب التوقعات إلى عهد النبي "أيوب" عليه السلام، أي أنها موجودة قبل عهد "رمسيس الثاني" بحوالي 300 عام تقريباً.
ويبين رئيس دائرة آثار "درعا" الدكتور "محمد خير نصر الله" أن البعثة الأثرية التي أجرت عمليات التنقيب، عثرت في المنطقة على لقية تعود إلى 1300 قبل الميلاد، هي عبارة عن نصب على شكل مسلّة يبلغ الارتفاع الكامل لها 310 سم ومتوسط عرضها 125 سم وسماكتها 62 سم، وهي مؤلفة من قطعتين الأولى بطول 130 سم ومتوسط عرضها 114 سم وسماكتها 50 سم، عليها بعض النقوش والكتابات الهيروغليفية لكنها غير واضحة للعيان كثيراً، وعليها نقش لصورة الفرعون "رمسيس الثاني"، حسب ما أكدّهُ العالم الالماني «أدلوف إيرمان»، الذي اطلع على رسم المسلّة في كتابه «Across the jorden»، وهو عضو جمعية المعبد لمسح حوران وشمال الأردن جغرافياً وأثرياً.
نُصب تذكاري
ويكمل "نصر الله" حديثه للمدونة بالقول: "السطح المنقوش غير مستوٍ إذ تطغى عليه بعض الحفر الطبيعية والمسامات الصخرية، الأمر الذي زاد في تشويه الرسوم، فضلاً عن أن نقوش المسلّة كانت نفذت بطريقة غير منتظمة.
أما القطعة الثانية حسب "نصر الله" فهي بطول 180 سم ومتوسط عرضها 125 سم وبسماكة 62 سم ، وهي مؤلفة من صخرة واحدة، لكنها وجدت مكسورة في زاويتها اليمنى الأمامية.
ويشير إلى أن العديد من الشقوق والحفر الطبيعية في كلتا القطعتين تكاد تتمازج مع النقش الفرعوني لتجعله غير واضح للعيان للوهلة الأولى.
رمز الشمس
يُعتقد أن المسلّة هي بمنزلة نصب أقامه المصريون في عهد "رمسيس الثاني" في القرن 13 قبل الميلاد، وذلك عندما دخلوا المنطقة لملاقاة جيش الحثيين في معركة قادش التي جرت قرب "حمص" .
ويؤكد أمين متحف آثار درعا «وائل كيوان» أن هذة المسلّة الفرعونية تُعد إحدى القطع المهمة والمميزة في المتحف الوطني في "درعا"، وحسب الدراسة والأبحاث فقد كانت المسلّة تعد لدى الفراعنة رمزاً من رموز الشمس المقدسة الهابطة من السماء، وهكذا كان للمسلّة بعد ديني ارتبط بعقيدة الشمس، كما ربط المصريون القدماء المسلّة بنظرية الخلق لديهم، حيث اعتبروا أنها التل الأزلي التي بدأت عليه الخليقة.
ويبين الاثاري «أيهم الزعبي» رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار "درعا"، أن أعمال التنقيب في موقع تل "الشيخ سعد" استمرت في مرحلتها الأولى قرابة الاربعة أشهر ، بدأت من منتصف أيار 2007 وامتدت حتى الثامن عشر من ايلول من العام نفسه.، مضيفاً أنّ أعمال التنقيب الأثرية في الموقع لم تنتهِ ،حيث سيتبعها في وقت ملائم مواسم تنقيب ودراسات اثرية على المكتشفات الموجودة في التل من أساسات أبنية وقطع فخارية وزجاجية ونقود معدنية>