الإصرارُ والتحدي والتشجيعُ والمساندة، كلها ظروف مكّنت السيدة "هدى هيثم محمد" من الانطلاق في تحقيق مشروع عمرها، وحلم أصدقائها وزملاء مدرستها الخاصة بالصم والبكم، فكانت جمعية "لغتي إشارتي" التي انطلقت نحو هدفٍ واضحٍ وصريح في الدّمج بين السّامعين والصّم من الأطفال والكبار.
قصة نجاح فريدة
فقدت حاستي السّمع والنّطق إثر إصابتها بارتفاع درجة الحرارة وهي في سن الثالثة، وبدأت مسيرة حياة اختلفت عن أقرانها، وكان النّجاح هو العنوان الذي اجتهدت في رسم حروفه العريضة، وشاركته مع رفاق دربها.
كان للقائي بسيدة الياسمين "أسماء الأسد" ثماراً وفيرة، بما حصلت عليه من دعم كبير لتأسيس جمعية "لغتي إشارتي" للدمج بين السّامعين والصّم من الأطفال والكبار، فكانت الانطلاقة قبل عامين، وأقمنا عدة دورات لنشر لغة الإشارة، فبلغت أربع عشرة دورة ضمن الجمعية، وعشر دورات بالتعاون مع جهات أخرى، فتوسعت شريحة المترجمين للغة الإشارة، وزاد عددهم، ولم يقتصر اهتمام جمعيتنا بالصم البكم إنما استقبلنا متدربين من الأصحاء، وحرصنا على التّنويع في الإعداد للدورات لدينا، فكان منها دورات الحاسوب والإنكليزي والحساب الذّهني والرّسم والرّياضة وتطبيق الشّعر المستعار وتصفيفه، وكذلك دورات مكعب الرّوبك، ودورات الروبوتيك، وقد شاركنا في مسابقاته وحصلنا على جائزة في مسابقة المحافظات على مستوى "سورية"، والآن بدأنا بدورة مترجم فوري للغة الإشارة، ولاحقاً لدينا دورة مترجم فوري للغة الإشارة الإنكليزية
عن البداية تقول "هدى هيثم محمد" لمدونة وطن eSyria :«التحقت بروضة "مساكن برزة" الخاصة بالصم والبكم ومن ثم التحقت بمدرسة "باب مصلى" المعنيّة أيضأ بالصم والبكم، إلى أن وصلت الصف العاشر حيث تزوجت من "صالح بصل" الشاب الأصم، رفيق الطفولة والدّراسة فكان المشجع الأول والأكبر لي في متابعة تعليمي بما لمسه لدي من نشاط وطموح، فحصلت على الشهادة الثانوية، ودخلت جامعة "دمشق" كلية الآداب قسم علم اجتماع، وهنا التقيت بشكل مباشر وعالم النّاطقين السّامعين، تملكني الخوف في البداية إلا إنني لم أسمح لهذا الخوف النيل من عزيمتي، وأخذت بمد جسور التّواصل مع زملائي في الجامعة وحققت تقدماً كبيراً معهم وتمكنت -بوجودهم إلى جانبي مشجعين وداعمين، وبمساندة والدتي ومساعدتها- من النّجاح في سنوات دراستي الأربع متخطيةً حاجتي لمترجم لغة الإشارة الذي لم يكن متاحاً أبداً حيناها، وتخرجت لأكون أول طالبة صماء تحصل على شهادة جامعية في "سورية"، وكذلك أول صماء تحصل على الماجستير في (الإرشاد الاجتماعي) بتقدير 98% مع مرتبة الشرف، بعد أن تجاوزت الخوف الذي عاودني مع اقبالي على متابعة تحصيلي للدراسات العليا، وبتشجيع أكبر من زوجي والأهل، وقد كان لمناقشة رسالتي في الماجستير وقع آخر وذلك بما حظيتُ به من محبة الأساتذة وتقديرهم لجهودي في السعي لتحصيلي العلمي، وفي هذه المرحلة ترافقتُ ومترجمة لغة إشارة. لقد تمكنت خلال فترة دراستي الجامعية من تعليم بعض الزّملاء والأصدقاء (وبرغبة منهم) لغة الإشارة، أطمح لتحصيل الدّكتوراه، ولي حلم أكبر أرجو تحقيقه وهو أن أحجز لنفسي كرسياً في مجلس الشعب أجعله منبراً لدعم فئتي.. فئة المعاقين من الصم والبكم والمكفوفين ومن لديهم إعاقة حركية».
ومضة مشروع
تتابع هدى وتقول: «كان للقائي بسيدة الياسمين "أسماء الأسد" ثماراً وفيرة، بما حصلت عليه من دعم كبير لتأسيس جمعية "لغتي إشارتي" للدمج بين السّامعين والصّم من الأطفال والكبار، فكانت الانطلاقة قبل عامين، وأقمنا عدة دورات لنشر لغة الإشارة، فبلغت أربع عشرة دورة ضمن الجمعية، وعشر دورات بالتعاون مع جهات أخرى، فتوسعت شريحة المترجمين للغة الإشارة، وزاد عددهم، ولم يقتصر اهتمام جمعيتنا بالصم البكم إنما استقبلنا متدربين من الأصحاء، وحرصنا على التّنويع في الإعداد للدورات لدينا، فكان منها دورات الحاسوب والإنكليزي والحساب الذّهني والرّسم والرّياضة وتطبيق الشّعر المستعار وتصفيفه، وكذلك دورات مكعب الرّوبك، ودورات الروبوتيك، وقد شاركنا في مسابقاته وحصلنا على جائزة في مسابقة المحافظات على مستوى "سورية"، والآن بدأنا بدورة مترجم فوري للغة الإشارة، ولاحقاً لدينا دورة مترجم فوري للغة الإشارة الإنكليزية»
مشاركون فاعلون
مترجمة لغة الإشارة الفورية، وترجمانة الصّم والبكم المحلفة في محاكم دمشق وريفها "أناهيدا طنطا"، لم تفوت فرصة مشاركة طلابها في تأسيس جمعية "لغتي وإشاراتي"، وتكون واحدة من هذه العائلة في أعمالها ونشاطاتها وهي التي عاشت وعلى مدى خمسة وعشرين عاماً تقريباً مع هؤلاء الأشخاص المتميزين باختلافهم، والمبدعين بعطائهم، وهم من أحبّت عالمهم الخاص وشفافيته مع أولى لحظات لقائها بهم، فعرفت الكثير عن حياتهم ومشاكلهم وأخذت العهد على نفسها بأن تكون يد عونٍ لهم، فتعلمت لغة إشارتهم، وفي عام 2000 تقدمت بأوراقها لمحاكم "دمشق وريفها" لوظيفة خبراء لغة إشارة، وكان لها ذلك فكانت صوتهم هناك، وتابعت الإلمام بنمنمات هذا العالم وعوالمه، فالتحقت بدورات في "الأردن" تهتم بأغلب شؤونهم من تخطيط سمع، وتقويم نطقي ولغوي وكذلك دورات تدريب مدربين في "بيروت" وغيرها كما حصلت على دبلوم (الإعاقة السّمعيّة) في جامعة "مؤتة" بالتعاون مع جامعة "القلمون".
من رحم المعاناة
بدورها تجتهد أمينة صندوق الجمعية "آلاء سقباني" في المشاركة بأعمال الجمعية ونشاطاتها، وهي التي عاشت ضمن عائلة كلها صم، وعاشت المعاناة الكبيرة في تسيير أحوال المعيشة والتّواصل، ومن يمّ هذه المعانة أحست بحجم مسؤوليتها تجاه أهلها، فقررت اقتحام مجتمع السامعين وتعلمت قراءة الشّفاه والكتابة، بالإضافة إلى كونها الآن طالبة في السنة الثانية في كلية رياض الأطفال، ومعلمة مترجم لغة إشارة لكل المواد وكل الصّفوف، وزوجة الشاب "أيمن الحمامي" رفيق مدرسة الصم والبكم وخريج المعهد التّقاني للحاسوب، والمتقن مع زوجته للغة إشارة الاتحاد العالمي للصم.