يُقال "إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، وإذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنساناً".. مقولة وجدت تطبيقها لدى "جمعية مكتبة الأطفال العمومية" التي تم افتتاحها في دار الأسد للثقافة في "اللاذقية"، والتي تعدُّ أول مكتبة للأطفال تم افتتاحها في "سورية"، ولم تتوقف عن تقديم خدماتها حتى بأقسى الظروف التي مرّت بها البلاد.
تأسيس وأهداف
عن بدايات المكتبة تحدثنا "فاطمة شحرور" المدير التنفيذي للمكتبة: «تم افتتاح جمعية مكتبة الأطفال العمومية في 1 تموز 2007 وكانت أول مكتبة عامة تفاعلية خاصة بالأطفال في "سورية"، وكان الافتتاح في دار الأسد للثقافة في اللاذقية، ليتم افتتاح فرعٍ ثانٍ للمكتبة في ضاحية "بسنادا" عام 2019، ونعمل على افتتاح العديد من الفروع في عدّة محافظات».
تم افتتاح جمعية مكتبة الأطفال العمومية في 1 تموز 2007 وكانت أول مكتبة عامة تفاعلية خاصة بالأطفال في "سورية"، وكان الافتتاح في دار الأسد للثقافة في اللاذقية، ليتم افتتاح فرعٍ ثانٍ للمكتبة في ضاحية "بسنادا" عام 2019، ونعمل على افتتاح العديد من الفروع في عدّة محافظات
وكون المكتبة تهتم بالأطفال كان لا بدّ من وجود أهداف أساسية تخدم رفع مستوى الأطفال الثقافي، وعن هذه الأهداف تقول "شحرور": «هدفنا وضع مصادر التعلم الورقية والإلكترونية بمتناول الجميع، وتوفير الخدمات الثقافية والترفيهية التعليمية للأطفال واليافعين والكبار حالياً، وإنشاء المكتبات العامة والمتنقلة، وإصدار المنشورات المتعلقة بتربية وثقافة الطفل بما يتماشى مع سياسة المكتبة، فضلاً عن خلق جيل من المهتمين والباحثين في مجال الطفولة من خلال التدريبات والورشات التدريبية والمحاضرات التي تقدمها المكتبة، وإقامة أول معرض للكتاب خاص بالأطفال في سورية عام 2018 و2019 ليتوقف عامين بسبب جائحة كورونا، لنعاود افتتاحه هذا العام».
أقسام المكتبة
تضم المكتبة عدّة أقسام تتماشى وعمر الطفل الزائر للمكتبة، فحسب "شحرور": «يوجد في المكتبة ركن الطفولة المبكرة، ويضم ألعاباً تفاعلية وقصصاً مصورة تتناسب مع هذا العمر، إضافة إلى ألعاب ومكعبات اسفنجية آمنة بالنسبة للطفل، وقسم الطفولة المتوسطة ويتضمن مجموعة منوعة من الموسوعات والقصص الغنية بالمعلومات والتي تفيد في زيادة ثقافة الطفل وتشبع فضول المعرفة لديه في هذه المرحلة العمرية، ويوجد قسم المطالعة لليافعين يتضمن روايات وكتباً عالمية وعربية وقصص الخيال العلمي المناسبة لهذا العمر، كما يوجد قسم للكبار وهو مخصص لأهالي الأطفال يتضمن كتباً خاصة بالتربية والصحة النفسية والتعليم ليقضوا وقتهم بالقراءة أثناء انتظار الأطفال لإنهاء نشاطهم، ولا تغفل المكتبة عن رياضة العقل فخصصت ركناً للشطرنج والعلوم، وهناك مسرح للدمى وغرفة للسينما تقدم أفلاماً مخصصة للأطفال ذات محتوى هادف، إضافة إلى قسم الحواسيب المتصلة بالانترنت والتي تساعد الأطفال في البحث عن المعلومات التي يحتاجونها لإتمام أبحاثهم في موضوع معين».
على مراحل
يمر كل مشروع خلال مسيرته بالكثير من العقبات كما يمر بالنجاحات وهكذا كان حال جمعية مكتبة الأطفال العمومية، وعن أهم المحطات التي مرّت بها تقول "شحرور": «مرّت جمعية مكتبة الأطفال العمومية منذ عام 2007 بالعديد من المحطات وواجهت الكثير من العقبات، لكن تعاون الفريق ومحبتهم لها ساعدها على الاستمرار في تقديم خدماتها للأطفال، وكانت فترة الحرب من أصعب المراحل، إلا أن عمل الفريق الذي قدّم خدماته بشكل تطوعي ومجاني، واعتماد المكتبة على التمويل الذاتي من الأنشطة التي كانت تقدمها بأجور رمزية ساعدها على الاستمرار، ومن أهم المشاريع التي قدمتها المكتبة والتي كانت السباقة فيها كان معرض الكتاب للأطفال عام 2018 ليُقام معرض مماثل له في العام التالي في "دمشق"، ومشروع المدرسة المسائية الذي كان يستهدف أطفال الأسر الوافدة التي اضطرت إلى ترك منازلها بسبب الحرب والاستقرار في المدينة الرياضية، وكان الهدف منه إبقاء الأطفال على تواصل مع الدراسة عبر الأنشطة والألعاب التفاعلية التعليمية التي قدمها متطوعو الجمعية لهم، لتتولى التربية متابعة المشروع فيما بعد، وكان أيضاً مشروع "فاصلة" الذي يستهدف مركز الأحداث في "اللاذقية"، حيث عمل المتطوعون على تقديم أنشطة مفيدة وجلسات توعية للأحداث هناك في محاولة لتعليمهم مهارات جديدة تساعدهم بعد خروجهم من المركز، ولم تؤثر جائحة كورونا في ما تقدمه المكتبة بل قدمت مبادرات متنوعة لتشجيع الأطفال على مواظبة القراءة منها "كتابك على بابك"، حيث نعمل على إيصال الكتب إلى منزل كل طفل يريد القراءة، وكان من الأنشطة الدورية والأساسية في المكتبة نشاط قراءة القصة، الذي استمر عن طريق تصوير القصة ونشرها على صفحتنا على الفيس بوك، وكان لتعاون الأهل والثقة التي بنيناها معهم الدور الأكبر في استمرارية المكتبة من خلال مواظبتهم على زيارة أطفالهم للمكتبة الأمر الذي كان الحافز لنا للاستمرارية».
آلية العمل
وعن استقبال الأطفال وتوجيههم داخل المكتبة تقول: « دالمكتبة متاحة لجميع الأطفال من كل الأعمار، وكل ما وجود فيها من كتب وألعاب تعليمية ومصادر تعلم متاحة للجميع، ولكن يجب على الزائر أن يحصل على بطاقة برسم اشتراك سنوي رمزي ليتمكن عن طريقها من استعارة الألعاب التعليمية ضمن المكتبة، واستعارة القصص لخارج المكتبة، وبعد دخول الطفل يتم إرشاده للقسم الذي يتناسب مع عمره ويتم إطلاعه على موجودات القسم ليختار ما يريده».
ضمت المكتبة منذ افتتاحها مجموعة كبيرة من الكتب، أما اليوم ففيها أكثر من 10 آلاف كتاب، فهي تتبع سياسة تزويد دورية عن طريق معارض مديرية الثقافة أو الجهات الخاصة التي تقيم معارض، وفي كثير من الأحيان يكون هناك تبرعات من قبل رواد المكتبة السابقين الذين أصبحوا في المرحلة الجامعية، أما التمويل فهو ذاتي عن طريق الأنشطة التي تقدمها المكتبة بأسعار رمزية ومناسبة، مع العلم أن الأنشطة والبرامج التدريبية التي يتم تقديمها تكون مدروسة بحيث تحقق الفائدة للطفل.