أكثر من أسبوع مرّ على كارثة الزلزال المدمر، وما تزال اللحظات العصيبة الأولى حاضرة في أذهان أبناء "اللاذقية"، حيث تكاتف معظمهم من أفراد وجمعيات لتخفيف الضرر الحاصل ومساندة ودعم المنكوبين وتأمين كافة الاحتياجات الإغاثية لهم.
استجابة سريعة
المجتمع السوري بادر بكل أطيافه للوقوف على احتياجات المتضررين من الزلزال وتلبيتها، من خلال مبادرات أطلقتها جمعيات أهلية وخيرية وفرق شبابية تطوعية، ومبادرات فردية وذلك في سبيل تقديم يد العون والمساعدة.
خرجت بمساعدة والدتي المريضة وعلى الرغم من أنني عاجز وأستخدم كرسياً ولكن والدتي استطاعت إخراجي وشعرت بأنني قادر على المشي، سقطت ثلاث مرات قبل أن أصل إلى الباب، وحين خروجنا انهار منزلنا ونجونا من الموت تحت الأنقاض، ونحن الآن في مركز إيواء مسبح "الباسل" وتُقدم لنا الرعاية الكافية.. أطالب كافة الجهات بالعمل على الإسراع في تأمين سكن بديل للمتضررين
في جمعية "أيادينا" الخيرية، تتحدث "لينا مصري زادا" عضو مجلس الإدارة عن مبادرة الجمعية في كارثة الزلزال وتقول: «بادرنا كمجلس إدارة ومتطوعين منذ اليوم الأول، وتواصلنا ونسقنا العمل، كانت هناك في البداية حالة رعب ولكننا استطعنا السيطرة عليها، وبدأنا العمل عبر "السوشيال ميديا" ومن خلال علاقاتنا كأفراد، وطلبنا التبرّع بأي شيء ممكن.. نجحنا في جمع التبرعات المالية لشراء الأغطية والأدوية والمواد الغذائية، كما جهزنا 100 حصة من المواد المذكورة، وبالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية توجهنا إلى مركز الإيواء بالملعب البلدي في "جبلة"، وقمنا بتغطية حاجة 100 متضرر في المركز، وتابعنا عملنا في اليوم التالي ووزعنا 100 حصة، وقمنا بتغطية المتضررين في مركز إيواء شاطئ "النخيل" ومدرسة "6 تشرين" وجامع "الرحمن" في "الطابيات"، ومستمرون في العمل حتى عودة آخر متضرر من الزلزال إلى منزله».
دعم نفسي
في الأزمات لا بدّ من إيجاد الحلول لكل الآثار السلبية التي خلفتها تداعيات الأزمة، وهنا تتحدث "فاطمة عمّار" طالبة جامعية متطوعة- مسؤولة الدعم النفسي في جمعية "أيادينا" الخيرية: «نقف يداً واحدة كمتطوعين لنستطيع المساعدة قدر الإمكان، نزلنا على الرغم من الخوف الذي سببه الزلزال إيماناً منا بالعمل الإنساني ومساعدة الآخرين، وقد عملنا وفق خطة الجمعية، ونقوم يومياً بزيارات ميدانية لمعرفة حاجة المتضررين في مراكز الإيواء من غذاء وألبسة وأدوية وغيرها وتغطيتها، كما وضعنا خطة للدعم النفسي للمتضررين في سبيل مساعدتهم على تجاوز هذه الأزمة بعد انتهاء خطط الإغاثة».
عمل جماعي
تعددت مبادرات إيواء المتضررين جراء الزلزال، وكان هناك المبادرات الرسمية والأهلية والفرق التطوعية والمبادرات الفردية.
"أحمد وليد برو" صاحب مسبح "الباسل"، رئيس جمعية سرطان الثدي، أعلن عن مبادرته بافتتاح المسبح كمركز إيواء أمام المتضررين ويقول: «قمت بمبادرة إعلان مسبح "الباسل" وجمعية سرطان الثدي كمركزي إيواء، وهي مبادرة شخصية حيث بلغ عدد المتضررين الذين تمّ إيواؤهم في مركز المسبح ما يزيد على 450 متضرراً وفي الجمعية 7 عائلات، وتمّ نقلهم من أماكن تجمعهم بالتعاون مع جهات عدة، وقامت جمعية "العرين" بتقديم الأغطية والفرش، وساهمت أيضاً مجموعات فردية وشبابية، بالإضافة لجمعية "الفوز" و"المساعي" الخيرية و"إيثار" وفرق تطوعية».
ويضيف: «أكثر ما يواسي في هذه الأزمة هذه المبادرات الخيّرة للمساعدة بالمواد الإغاثية والغذائية والطبية وكل ما يحتاجه المتضررون، يضمّ المركز متضررين من كافة أنحاء "اللاذقية"، ويوجد مطبخ في المسبح حيث نقوم بإعداد الطعام لهم، ولدينا مجموعة من الأطباء والصيادلة تقوم بالإشراف على الحالات الصحية ضمن المركز، وفعّلنا مبادرتنا "حبة دوا" التي نعمل بها في جمعية سرطان الثدي بالمركز لتأمين الدواء للمرضى».
من وحي الكارثة
جريح الحرب "محمد زكزك" وهو أحد الناجين من الزلزال، وعلى الرغم من أنه يجلس على كرسي متحرك إلا أن مشيئة الله منحته ولادة أخرى، فيقول: «خرجت بمساعدة والدتي المريضة وعلى الرغم من أنني عاجز وأستخدم كرسياً ولكن والدتي استطاعت إخراجي وشعرت بأنني قادر على المشي، سقطت ثلاث مرات قبل أن أصل إلى الباب، وحين خروجنا انهار منزلنا ونجونا من الموت تحت الأنقاض، ونحن الآن في مركز إيواء مسبح "الباسل" وتُقدم لنا الرعاية الكافية.. أطالب كافة الجهات بالعمل على الإسراع في تأمين سكن بديل للمتضررين».
حبة دواء
الصيدلانية "سارا جلعود" تبرّعت بمجموعة من الأدوية لإحدى الجمعيات الخيرية مساهمة منها بدعم متضرري الزلزال تتحدث قائلة: «هي مساهمة بسيطة أمام حجم الوجع والألم الذي سببه الزلزال، كنت على اطلاع بعمل جمعية "إيثار" الخيرية فبادرت بالتبرّع بمجموعة من أدوية الضغط والسكري لهم لتوزيعها على المرضى المحتاجين في مقرّ الجمعية أو مراكز الإيواء، تأثرت نفسياً وهذا لا يساوي شيئاً أمام حجم الكارثة وعدد المتضررين، ومبادرتي هي لتخفيف بعض آلام الناس ولنكون يداً واحدة ونقدم المساعدة، فقد أثبت أبناء سورية محبتهم وقدرتهم بالتغلب على كل الصعوبات من خلال المبادرات التي يقومون بها».
مطبخ ميداني
في أحد أحياء "اللاذقية" تمّ إنشاء مطبخ ميداني للمتضررين من الزلزال، "غزوان حاتم محمد" من القائمين على المبادرة يقول: «نحن مجموعة من الشباب في منطقة "بوقا"، يبلغ عددنا ستة أشخاص قررنا العمل بشكل ميداني وأطلقنا مبادرة مطبخ ميداني، قمنا في اليوم الأول بتجهيز 500 حصة، تطورت إلى 2000 حصة، نستهدف بمطبخنا "اللاذقية" مدينة وريفاً، ويتم توزيع 1000 حصة على مراكز إيواء في المدينة و1000 حصة إلى الريف، حيث تمّ اليوم إرسالها إلى "الحفة" و"اسطامو" و"الحارة" و"حبيت" و"ربيعة"، ومراكز الإيواء في الملعب البلدي وناديي "تشرين" و"حطين" والجوامع، ونقوم بإرسال الطعام إلى كل مكان نعلم به، دعمنا ذاتي كما أن هناك الكثير من الأصدقاء والمعارف والأقارب يقومون بدعمنا بشكل يومي وتأمين مستلزمات واحتياجات العمل».
قلب واحد
الدكتور "موفق صوفي" عضو مكتب تنفيذي لشؤون الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والدفاع المدني، وعضو لجنة الإغاثة في محافظة "اللاذقية" تحدث عن الاستجابة لتداعيات الزلزال: «كانت هناك فزعة من الأهل والمؤسسات والمنظمات المحلية والأهلية والمؤسسات الحكومية التي كان لها اليد العليا في مساعدة ومساندة أهلنا المنكوبين استجابة لتداعيات الزلزال، كما كان للقطاع الخاص دور في الأعمال كافة، فضلاً عن المبادرات الإنسانية من الجمعيات الأهلية والفرق التطوعية والمبادرات الفردية التي تعمل يداً واحدة وقلباً واحداً بالتنسيق معنا، وتوجيههم إلى الأماكن المناسبة ليتم تغطية المتضررين كافة، وعلى الرغم من إمكاناتنا البسيطة أمام وقع الكارثة إلا أننا استطعنا العمل بكل الجهود، وتمّ إنهاء عمليات البحث تحت الأنقاض، ونعمل في لجنة الإغاثة وفق خطة مدروسة لتقديم الخدمات للمتضررين، وتوزيع المساعدات التي تمّ تسلمها من الدول الشقيقة والصديقة بالتعاون مع مؤسسة الأمانة السورية للتنمية ومؤسسة العرين الموجودتين في اللجنة».
يذكر أن فرق الإنقاذ العاملة في المحافظة أنهت أعمال البحث عن ضحايا تحت أنقاض المباني المنهارة، وبلغ عدد الضحايا جراء الزلزال حتى اليوم 805 حالات وفاة، و1131 مصاباً مع وجود 103 أبنية منهارة كلياً و247 بناء آيلاً للسقوط، و142 ألف مواطن متضرر، وبلغ عدد مراكز الإيواء في المحافظة 47 مركزاً