حب الأرض والزراعة ورغبتها بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضار وتأمين دخل إضافي لإعالة أسرتها دفع السيدة محاسن إبراهيم لتأسيس مشروعها لإنتاج السماد العضوي في أرضها بقرية الصويري بريف حمص الغربي.
الفكرة والتطبيق
تحدثت السيدة محاسن إبراهيم "أم لثلاثة أطفال" عن مشروعها الخاص بإنتاج مادة "الفيرم كومبوست" كسماد عضوي حيوي للمحاصيل الزراعية كبديل عن الأسمدة الأخرى التي ارتفعت أسعارها كثيراً قائلة: إنها خططت لمشروع إنتاج زراعي يكون ضمن أرضها في القرية لكن المشكلة كانت في فقر التربة بالعناصر الغذائية اللازمة لنجاح عملية الزراعة وحاجتها للسماد الكيماوي وتضيف: لم أرغب في استعمال السماد الكيماوي، فقمت بالبحث عبر النت عن أفضل طرق التسميد الطبيعي والتقيت بأحد المزارعين الذي جلب لي دود السماد لإنتاج السماد الطبيعي للمزروعات وتفاجأت بأنها مستخدمة في مزارع ضخمة في عدة دول عربية فتبلورت عند ذلك فكرتها في تأسيس مشروع لدود السماد أو ما يعرف بالـ"فيرمي كمبوست".
وتتابع إبراهيم حديثها: إن المشروع يعتمد على تحويل مخلفات المحاصيل والحيوانات لأسمدة عضوية عن طريق تقديمها كغذاء للديدان حيث يمكن للجميع إنتاج السماد العضوي بنفسه عبر الاستعانة بديدان الأرض عبر عملية تدوير النفايات الطبيعية وتحويلها لمادة ذات قيمة هي (الفيرمي كومبوست).
وحول خصوصية العمل أشارت محاسن إلى أنها تعتمد على ديدان تشبه بالشكل ديدان الأرض العادية لكن لها خصائصها البيولوجية، وتقوم بهضم النفايات الطبيعية بعد تحليلها بواسطة جهازها الهضمي وتفككها وتخرجها على شكل حبيبات صغيرة نسميها مصبوبات دودية غنية بالنشاط الميكروبي وبمنظمات نمو النبات".
وأضافت: "هذه المصبوبات محصنة بسمات مقاومة الآفات ومليئة بالعناصر المغذية للنبات وتحسن وتخصب التربة، فهي تحوي أضعاف مضاعفة من النتروجين والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور أضعاف تلك الموجودة التربة السطحية".
وفيما يتعلق بزراعة الديدان في البيئة، أوضحت محاسن أن "لها خمسة مبادئ أساسية تحتاجها، وهي: بيئة معيشية نسميها فرشة، مصدر للغذاء، رطوبة كافية، تهوية، وحماية من الحرارة العالية والمتدنية".
خطوات العمل
وتحدثت محاسن للمدونة حول خطوات إنتاج هذا السماد، قائلة: "نزرع الديدان في أحواض يسهل العمل فيها، وأنسب قياس للحوض الذي نزرع فيه الديدان هو عرض متر وارتفاع 40 سم ولا أهمية للطول، ويصب أسفل الحوض مع ميول لجهة واحدة، وذلك لتصريف مياه الري الزائدة عن حاجة البيئة".
ولفتت محاسن إلى أنه "يمكن استخدام أي أحواض توفر الشروط المذكورة مثل هياكل البراميل أو الصناديق أو يمكن تشكيلها على شكل أكوام".
وبينت محاسن أن أنواع الغذاء الواجب تقديمها للديدان فهناك أطعمة مسموحة وأطعمة ممنوعة، المسموحة هي روث الحيوانات العاشبة بعد أن تخضع لعملية تخمير، ومخلفات المطبخ من خضار وفواكه، وأعشاب الحديقة وأوراق الأشجار والكارتون الخالي من الحبر والصبغات، بينما الأطعمة الممنوعة هي البصل والثوم والدهون والشحوم والبروتين العالي والتي تحوي الشمع والصمغيات، حيث نقوم بجمع المخلفات في الحوض بنسب متفاوتة، ونقوم بترطيبها وزراعة الديدان فيها".
وعن آخر المراحل، وهي الفرز، بينت محاسن: "نتوقف عن وضع الطعام للديدان في الحوض لمدة لا تقل عن 25 يوماً، ونقسم الحوض ونضع طعاماً جديداً ونوفر ترطيباً للبيئة الجديدة، فينتقل الدود عليها، ونحتاج فترة 45 يوماً كي تنتقل معظم الديدان للبيئة الجديدة، فننقل ما نسميه (الدبال) إلى غرفة تهويتها جيدة ليجف السماد وتسهل غربلته، حتى نحصل على منتج (الفيرمي كومبوست).
وأضافت: "إنتاج السماد يتطلب وجود مالٍ يقل عن سبعة كيلو ديدان في المتر الواحد، وذلك حسب نوع هذه الديدان، أما التكاثر وإنتاج السماد معاً يتطلب وضع كيلو أو أقل من الديدان في المتر الواحد".
الذهب الأسود
وأكدت السيدة محاسن أن "المشروع انتشر بشكل واسع وبات مصدر رزق لما يقارب 200 عائلة تعمل به، بالإضافة إلى الطلب الكبير من المزارعين على تخصيب أراضيهم بهذا السماد، خصوصاً وأن سعر هذا السماد غير مرتفع الثمن، ويسمى الذهب الأسود نتيجة الإقبال الكبير عليه وفوائده الكبيرة على الزراعات المختلفة كما أنه يحقق ربحاً مالياً جيداً مقارنة بتكاليف إنتاجه.
من جانبه، بين المزارع ياسر سيلمان من ريف حمص الغربي أنه ومنذ استخدام هذا السماد العضوي في أرضه المزروعة بالخضار، فقد كانت النتائج مبهرة وجيدة جداً من حيث كمية الإنتاج وقوة جسم النباتات، والأهم في الأمر أنه نظيف وصديق للبيئة ومن خيراتها في الوقت نفسه، وشجع جميع المزارعين على تجربة هذا المنتج الطبيعي والاستفادة منه في دعم محاصيلهم الزراعية".
وعن خصائص هذا السماد، قال المهندس الزراعي محمد إبراهيم أن اختلاط السماد بنسب محددة مع التربة يزيد خصوبتها ويحفظ خصائصها في ظل التغيرات المناخية كالبرد الشديد وتجمد التربة كما يحتفظ بالمعادن ويقلل كمية الري بنسبة 40٪ ويوفر تغذية متوازنة كاملة بالفيتامينات الأساسية ومحفزات النمو، ويزيد من مناعة النبات ضد الأمراض. وأضاف إبراهيم: إن الأسمدة العضوية يزيد إنتاجية النبات ومدة الصلاحية ويزيد من كمية الفيتامينات والسكريات الضرورية للإنسان كما يوفر منتجات طبيعية خالية من المواد الكيماوية المضرة بصحة الإنسان.