لم تكن بدايتها سهلة أبداً، بل العكس تماماً فقد عانت "آية علاء الشومري" من الخوف النفسي والرهبة من الكلام والتعبير عن الذات، ما جعلها تسعى لاكتساب مهارات فهم الذات والبرمجة اللغوية العصبية في أحد المعاهد المتخصصة، وما هي إلا أشهر حتى تمكنت من تجاوز مشكلتها، ولتتحول الى التدريب في نفس المجال والمكان، ولتصبح أصغر مدربة في التنمية البشرية، وهي التي لم تكمل بعد عقدها الثاني من العمر.
بيئة داعمة
تتحدث "الشومري" عن نشأتها والمشاكل التي عانت منها، وتشير إلى أنها وبالرغم من نشأتها في كنف أسرة واعية متفهمة ومحبة تعمل على توفير الحياة ومتطلباتها، إلا أنها كانت (الفتاة) تعيش قلقاً ذاتياً سبب لها ضعفاً في الشخصية، وسرعان ما انعكس خوفاً ورهبة في الحديث أمام رفاقها في المدرسة والمجتمع، الأمر الذي ولد عند الأهل قلقاً وخوفاً عليها.
عن تلك التجربة تقول: "تحدث والدي لأحد أصدقائه عن مشكلتي، فنصحه فوراً بأحد مراكز التنمية البشرية في "السويداء" الذي يشجع على التواصل وينمي المهارات والقدرات النفسية والاجتماعية، وبالفعل دخلت إلى المركز واتبعت دورتين، واحدة في دورة البرمجة اللغوية، والثانية في استراتيجية فهم الذات".
وتضيف "آية: "لم أتقبل ذلك في البداية وغادرت المكان، ولكن الأهل والأسرة أصروا على المتابعة، وما هي إلا بضعة أشهر حتى تابعت دورات المهارات التي تجاوزت فيها خمس عشرة دورة تدريبية، وبدأت شخصيتي تتطور نحو الهدوء النفسي المكتسب من علوم تطبيقية وسلوكية ذات مهارات تبعث الثقة بالذات، وهكذا مع الوقت تحول الخوف الذي سيطر علي مدة من الزمن، إلى اكتشاف نفسي، فقد قدم لي المدرب "بشار أبو حمدان" يد المساعدة والمعونة والتوجيه، وعمل على زرع الثقة في نفسي لتجاوز الانكفاء الذاتي، والذي لو تطور لبات مرضاً يصعب التخلص منه بسهولة، ولكن توجيهاته وتعاونه واهتمامه، ولّدت لدي الرغبة في أن أصبح مدربة للتنمية البشرية بالسويداء، وكان ذلك يتطلب خوض مراحل التدريب كمساعدة مدربة بداية، لأكون أصغر مدربة عمراً أقف أمام أفراد يكبرونني بسنوات عدة".
قبل وبعد
في حديثها للمدونة توجه" الشومري" الشكر لكل كوادر المركز ومنهم السيدة "ميرفت أبو زيدان" مديرة "مركز فليبوس للتنمية" والتي كان لها الدور الكبير في توجيه بوصلة تفكيرها نحو عالم التدرب على تعديل سلوك وصعوبة التعلم، كما تقول، وذلك بمساعدة المدربة المتميزة "سها حيدر" التي قدمت لها معلومات في دورات "موتوسوري" الشاملة لمنهج رياض الأطفال.
وتضيف: "المفارقة أنه لم يكن لدي رغبة للتعامل مع الأطفال ، لكن وبعد ممارسة العمل التنموي في بناء القدرات، وجدت أن لكل طفل عالمه الخاص ولابد أن أتقمص شخصيته وأدخل عالمه، حتى أتمكن من الوصول إلى الهدف، وبالفعل وجدت نفسي معالجة ومساعدة مدربة لحالتين من الأطفال، بحيث شكلت الحالة الأولى قناعة بعملي وكانت تعديل سلوك الطفل لكسر عناده، والأهم كانت أم الطفل تعيش حالة مرضية من العصبية في التعامل مع طفلها والطفل كذلك، وحين استوعبت الحالة وجدت الطرق المناسبة لإيجاد الحل، وتم العلاج والتحول خلال مدة قصيرة، والأهم أن هذه الحالة كانت سبباً في استقدام حالة ثانية وكانت هذه المرة فرط نشاط عند الطفل".
تشير "آية الشومري" إلى أنه "وقبل خوضي غمار التنمية كنت لا استطيع التكلم أمام الناس وضعيفة الشخصية والثقة بنفسي، واليوم أصبحت واثقة من خطوات عملي وأتحاور مع أفراد يكبرونني بالسن والتفكير، وبدوري أسعى إلى إثبات إرادة رفض الفشل والتأكيد على النجاح والاستمرار، وسوف أدعم رؤيتي تلك في التخصص الجامعي بعد نيلي الثانوية".
إرادة النجاح
المدرب "بشار أبو حمدان" يتحدث عن حالة "آية الشومري" وذلك بعد أن طلب والدها منه بأن تخضع لدورات التنمية البشرية، فكانت أول دوراتها هي إستراتيجيات فهم الذات، وكيفية التعبير وإستراتيجية البرمجة، ودبلوم البرمجة اللغوية العصبية.
ويشير إلى أن هذه الدورات استمرت بدعم إدارة المركز، حتى أكملت "آية" العديد من الدورات التدريبية التي من شأنها تطوير الشخصية وزرع الثقة في الذات، وها هي اليوم بدأت تحصد ما زرعت بكل ثقة وتميز ، وباتت تطبق المقولة "أوجد لك مكاناً في القمة ففي القاع ازدحام شديد"، واليوم "آية" واحدة ممن يقدمون المشورة في تنمية الأطفال ولديها حالتان، ونتيجة لنجاح الأولى منها كانت سبباً في الثانية لتصبح أصغر مدربة ومتابعة لحالات سلوك الطفل وفرط نشاطه.