بدأ عازف الكمان "مروان غريبة" مسيرته الموسيقية الحافلة بالعطاء والتميز في السبعينيات، واستطاع خلالها أن يبرز كأهم العازفين على هذه الآلة وذاع صيته على مستوى سورية والوطن العربي، بالإضافة إلى عزفه مع كبار الفنانين منهم (صباح فخري ووديع الصافي وفيروز) إلى جانب تأسيس عدد من الفرق الموسيقية في محافظة حمص.
الشغف منذ الصغر
يتحدث الفنان لمدونة "وطن" عن مشواره ونشاطاته الفنية قائلاً: "بدأ شغفي بالموسيقا بدأ منذ سنوات الصغر وتحديداً في عمر الرابعة عشرة، بعد أن أهداني أخي آلة كمان، لكن انطلاقتي الفعلية كانت بعمر السادسة عشرة، حيث شاركت في الحفلات الموسيقية مع المطربين ضمن مدينة حمص.
ويضيف: "أما النقلة النوعية بالنسبة لمسيرتي الفنية كانت عام 1981 وذلك بعد أن وصلني عقد مع الإذاعة الليبية لأدخل حينها الوسط الإذاعي للمرة الأولى، وعزفت النوتة وتعاملت مع موسيقيين محترفين لهم تاريخ في الموسيقا، كان أحدهم أحد العازفين المصريين الذي عمل مع السيدة أم كلثوم، وهذا ما دفعني للاستمرار حتى استطعت الوصول لمراحل متطورة في العزف ولمستويات الموسيقيين المحترفين، ثم عينت بقرار رسمي من الإذاعة الليبية كعازف أول، أي العازف المنفرد أثناء عزف اللحن (صولو يست) وعزفت مع كبار المطربين العرب أمثال (عليا التونسية، نصري شمسي الدين ،فهد بلان).
رحلة مع الكبار
يكمل الفنان "غريبة" حديثه عن مسيرته الفنية الحافلة بالمحطات ويقول: "بعد عودتي من ليبيا عام 1983 تعرفت على الفنان الكبير الراحل "صباح فخري" وعملت معه سبع سنوات أصبحت خلالها عازف الكمان الأول في فرقته، وشاركت معه في أهم الحفلات والمهرجانات وعزفت على أهم المسارح، منها القاعة الملكية للمهرجانات في لندن وفي مدينة كان في فرنسا وفي قاعة بيتهوفن في ألمانيا، كما حصلت على الوسام الذهبي من المغرب" .
ويقول: "من أهم المراحل أيضاً في حياتي الفنية عندما دعيت عام 1996 من الدكتورة "رتيبة الحفني" عميدة المعهد العالي ودار الأوبرا بمصر، لأكون عضواً في لجنة التحكيم الدولية لآلة الكمان في المهرجان الموسيقي السنوي في دار الأوبرا المصرية، وفي عام 1998 تعرفت على الأستاذ الراحل "وديع الصافي" الذي أعجب بعزفي واعتبرني "مايسترو" الفرقة، وطلب مني قيادة فرقته الموسيقية خلال جولاتي معه من بيروت إلى مصر إلى أميركا وفي أهم مسارحها، ومنها مسرح MGM في مدينة لاس فيغاس والتي تجاوز الحضور فيها عشرة آلاف متفرج".
ويعدد الفنان "غريبة" بعض الفنانين الكبار الذين عمل منهم "جورج وسوف، عازار حبيب، سمير يزبك، عليا التونسية".
ويضيف "غريبة": "كان للفنان الراحل "سمير عماري" تأثير مهم في مسيرتي الفنية، والذي كان موسوعة في الموشحات والأدوار والقصائد، ومرجعاً في الأوزان الإيقاعية، ما أكسبني خبرة كبيرة في هذين المجالين وأقصد الموشحات والأدوار، وعلم الإيقاعات والأوزان.
ذكريات
يستذكر الفنان "مروان غريبة" في حديثه، حفلة موسيقية تضمنت العزف فقط على مسرح دار الثقافة عام 1992 في الذكرى الأولى لوفاة موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" ، وكانت المرة الأولى التي يقدم فيها برنامجاً موسيقياً بحتاً ولمدة ساعة من الزمن من دون غناء، كما دُعي من الشاعر اللبناني "هنري زغيب" للمشاركة في الذكرى العشرين لوفاة "عاصي الرحباني" في بيروت، حيث قدم بعض القطع الموسيقية للأخوين رحباني.
ويككل "غريبة": "نلت الكثير من شهادات التقدير والأوسمة، أذكر منها شهادة تقدير من نقابة الفنانين في سورية، وشهادة تقدير من دار الأوبرا في مصر والوسام الذهبي من المغرب، والكثير من الشهادات من الأندية مثل نادي دار الفنون الذي انتسبت إليه عام 1976 والذي ساهم في تعزيز ملكاتي الفنية بفضل الأستاذ المرحوم "زيد حسن آغا" الذي كان يرأس النادي آنذاك، بالإضافة إلى المنظمات الأهلية ومن أهمها مشروع مدى الثقافي الذي أقام لي حفل تكريم جميلاً في المركز الثقافي بحمص.. ولا أنسى حفل التكريم الضخم الذى أقامته نقابة الفنانين في الجمهوريه العربيه السورية، وكان حينها الفنان الراحل "زهير رمضان" نقيباً للفنانين، حيث قدم لي درع المهرجان واعتبر هذه المناسبة من المناسبات المهمة في حياتي الفنية، فمن الجميل أن يكرم الفنان في بلده وهو على قيد الحياة".
واقع الموسيقا
يشير الفنان "غريبة" للمدونة إلى أن: "الشغف بآلة الكمان نشأ منذ الصغر وكبر هذا الحب بعد التعمق فيها واكتشاف عوالم لم أعرفها سابقاً وهي الآلة الأكثر تعبيراً عن مكنونات المؤلف الموسيقي، مؤكداً أنه "يجب على العازف أن يتمرن بشكل يومي ولعدة ساعات حتى يبقى محافظاً على لياقته بالعزف".
أما واقع الموسيقا الحالي فيراه غير مرضٍ، والأغنية الحالية تسير في مسار هابط وتعبر عن الفن الرخيص مع الإشارة إلى وجود ومضات جميلة على حد وصفه.
ويقول: "نحاول قدر الإمكان أن نحافظ على تراثنا الموسيقي الجميل، وأن نتمسك بمسار الغناء الأصيل الذي يبرز هويتنا الأصيلة، ويجب على الإعلام أن يلعب دوره عبر التركيز على الفن الجاد، ونشر الوعي الموسيقي والتركيز على مسألة التذوق الموسيقي الجميل.
ويلفت "غريبة" إلى أهمية وإبراز ذلك من خلال تدريس التربية الموسيقية في المناهج التعليمية خاصة في الصفوف الأولى، وهذا سيساهم في زرع الفن الأصيل والجاد وتنمية التذوق الموسيقي لدى الأجيال الشابة، وإبراز هويتنا الموسيقية العربية الأصيلة والمحافظة عليها.
ويؤكد الفنان مروان غريبة إلى أنه عضو في نقابة الفنانين منذ عام 1987 وحتى الآن، وانتخب عضواً في مجلس فرع حمص لنقابة الفنانين عام 2020 وترأس فرقة نقابة الفنانين فرع حمص منذ عشر سنوات حتى اليوم، كما وترأس فرقة نقابة المعلمين وقدم عروضاً للفرقة في مدينة حمص والتي توقفت بسبب الأحداث والحرب الهمجية التي شنت على بلدنا الحبيب سورية.
عطاء كبير
مدير مشروع (مدى) الثقافي في حمص "رامز الحسين"، يتحدث للمدونة عن الدور الفني الذي قام به الفنان "مروان غريبة" بشكل كبير خلال سنوات طويلة ماضية.
ويضيف "الحسين": إن "مروان" صديق مشروع (مدى) الدائم من البدايات، وبدأ التعاون معه ضمن حلقة منارات التي ركزت على تكريم الشخصيات المؤثرة والمبدعين السوريين، وكانت الحلقة الأولى عنه عبر فيلم لمدة 45 دقيقة بالإضافة الى تكريمه في أمسية خاصة في المركز الثقافي بحمص وبمشاركة عازفين مميزين".
ويلفت مدير مشروع مدى للمدونة إلى أن "للفنان مروان دوراً كبيراً في تنشيط الحركة الفنية بحمص ويعد من أهم العازفين في الوطن العربي، ومن الأمور المميزة أنه يعطي الروح للأغاني، وحتى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ فإنه يعطيها سحراً إضافياً ويجعلها تظهر بشكل أجمل، كما له بصمة مميزة تجعلك تعرف أنه خلف أي مقطوعة لمجرد سماعة مطلعها، وهذا شيء صعب أن يصله أي فنان عازف إلا بعد تجربة طويلة".
وينوه "الحسين" إلى "الإحساس العالي بالأغاني التي يعزفها الفنان "مروان غريبة"، مع كل الحالة الساحرة والطاقة الإيجابية التي يبثها في المكان من خلال تعامله اللطيف مع الجميع".