لم يبقَ من القصر الأبيض المْطل على بادية السويداء من شرفة تلته البركانية، سوى الأطلال التي تحكي قصة بناء هذا المعلم الأثري بعمارته الفريدة والتي اختلف المؤرخون في تحديد زمن بنائه.

فن معماري فريد

في حديثه عن تاريخ القصر الأبيض يرى الباحث الأثري "حسن حاطوم" لمدونة وطن eSyria" أن آراء الباحثين الأثرين تتعدد حول تاريخ بناء هذا القصر، إذ جزم الباحث "د.دوسو" أن الولادة البنائية لهذا القصر تعود إلى القرن الرابع الميلادي، لكن ما أتى به الباحثان "سوفاجيه وهرتزفيلد" من معلومات تاريخية حول هذا القصر كانت مخالفة تماماً معلوماته، إذ يؤكدان أن بناء هذا القصر يعود للقرنين السابع والثامن الميلادي، ولتبقى هذه المعلومات مخزنة في ذاكرة التاريخ لحين مجيء الباحث الألماني "هاينزيه" عام 1974 كباحث وزائر لهذا القصر ليخرج إلينا بمعلومة تاريخية مفادها أ هذا القصر لا يعود إلى عصر أي من الخلفاء الأمويين باستثناء "عبد الملك بن مروان".

عمارة سورية

ويتابع حاطوم حديثه: خلال الدراسة المعمارية لهذا البناء أكد الباحث الألماني أنه من غير الممكن أن يكون من أرسى الدعائم البنائية لهذا القصر غير عربي، فهو نموذج لفن العمارة السورية، وقد تم الاقتداء بطرازه المعماري الجميل، لبناء القصور الأموية الأخرى. ويشير إلى أن القصر القابع وحيداً الآن في وسط بادية هجرها أهلها منذ مئات السنين، يغلب عليه الشكل المربع، حجارته بازلتية منحوتة من الحجم الصغير، بينما بنيت الأبواب والسواكف والنوافذ من الحجارة ذات الأحجام المتوسطة والكبيرة، والمتجول في أروقة هذا القصر لابد أن تكتحل عيناه أيضاً بتلك الأبراج المستديرة، لتحاكيها من الجهة الجنوبية للقصر أبراج نصف دائرية.

من أطلال القصر

أطلال شامخة

الباحثة لينا الصفدي

من جهتها تتحدث الباحثة الأثرية "لينا الصفدي" عن مكونات القصر، فبوابة القصر الرئيسية ما زالت شامخة ويبلغ عرضها نحو 4 أمتار، وهي تصل ما بين منتصف ضلع القصر الشرقي وساحته الداخلية، مزينة بساكف مزخرف بأشكال نباتية وهندسية وحيوانية، ويتضمن القصر ضمن داخله العديد من الأبنية التي استحدثت في عصور لاحقة، وعلى الأغلب أنه تم استخدامها للسكن وللأغراض العسكرية خلافاً للعديد من الأبنية المشابهة له شكلاً وموقعاً، واستمر في تأدية الغرض منه حتى بعد إقامة “القصور الصحراوية” العائدة للعصر الأموي، أما باحة القصر لم تكن بحاجة إلى تبليط في أكثر أجزائها كونه يغلب صبة بركانية واحدة على مساحة تزيد على ثلاثة أرباع الباحة.

وتضيف: "الباحث الألماني قام في تسعينيات القرن الماضي بدراسة أطلال هذا القصر، إلا أن الدراسة لم تنشر كونه توفي بعد إجراء هذه الدراسة بفترة بسيطة، ويتضمن متحف السويداء بعض القطع الحجرية المزخرفة منحوت عليها كتابات عربية، إضافة لبعض الأواني المتنوعة المصنوعة من الفخار المدهون والخزف الملون والزجاج والنحاس والنقود المختلفة.

الباحث حسن حاطوم