أطلقت إذاعة نينار إف إم بثها الإذاعي عام 2010، عبر عددٍ من البرامج المنوّعة، وسرعان ما حجزت لنفسها مساحةً بين الإذاعات الخاصة التي كانت موجودةً في تلك الفترة، حيث غطى إرسالها خلال الأعوام اللاحقة مساحة واسعة من الجغرافيا السورية، وتوزّع مراسلوها في المحافظات، إضافةً إلى مراسلين في مصر والعراق ولبنان، لكن مع بدء الأزمة في سورية، طغت الحالة الإخبارية الميدانية والسياسية على مضمون بعض برامجها، وأفردت مساحاتٍ خاصة من بثها لمتابعة الأحداث الجارية على الأرض ضمن السياق السياسي الأوسع
الأزمة وبعدها
واكبت نينار المُستجدات على رأس الساعة ضمن مواجيز ونشرات الأخبار، ولا سيما أنها احتضنت في مظلتها عدة مواقع إلكترونية من بينها (عربي برس) المعني بالتحليل السياسي، و(عاجل) المختص بالشؤون المحلية، والمركز السوري للتوثيق، لكن، وكما يشرح رئيس تحريرها الإعلامي حازم شحادة في حديث إلى "مُدوّنة وطن": أُغلقت تلك المواقع نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة مع تخفيض في عدد المراسلين وتكثيف المهام في بعض المناصب، على أن يبقى المحتوى الإذاعي المُقدّم ضمن سوية عالية
ويُضيف شحادة: "اليوم نحاول أن يكون شأن المواطن بوصلة، وركيزة تحرك أساسي في العمل، ونحرص على تغطية كل ما يعني الشارع السوري، بدءاً من البرنامج الصباحي (كافيين وشوكولا)، والذي يتضمن حالة مُنوّعة ترفيهية لطيفة لتقديم المعلومة، إلى جانب برنامج يختص بالفلك والأبراج، ولدينا أيضاً البرنامج الخدمي المعيشي اليومي (صلة وصل) مع الإعلامي عمر عيبور، وفيه يستقبل فيه شكاوى الناس وتتم متابعتها وحلها على الهواء مباشرة، علماً أن الحالة الخدمية موجودة في عدة مفاصل أخرى على أثير نينار سواءً في نشرات الأخبار أو في برامج متخصصة ليتم التعاطي مع الحالة الخدمية كقضيةٍ عامة، وعلى الأثير (بالقانون) برنامج قانوني توعوي تُعده وتُقدمه المحامية دعاء الشريف، وبرنامج (استديو نينار) الذي تقدمه الزميلة زينب عيسى ويُعنى بجزء منه بالحالة الفنية السورية، وفي جعبتنا عدة برامج يجري التحضير لها حالياً لتنطلق قريباً، مع الإشارة إلى البرامج الموسمية التي كانت سابقاً، مُضافاً إليها مواجيز الأخبار على رأس الساعة والنشرات الإخبارية الرئيسية"، كذلك تهتم نينار بما يقدم قيم مضافة للمواطن السوري عبر العديد من الأفكار البرامجية التي بُثت سابقاً، ومنها في التخصصات التوعوية والرياضية والثقافية والفنية والمنوعة والترفيهية، عدا عن أنها شاركت وتشارك كراعٍ إعلامي في العديد من النشاطات والفعاليات الاقتصادية والمعارض والمهرجانات.
صحفيون وفنيون
اجتذبت نينار إعلاميين مُحترفين، وكانت محطة لكثيرٍ من الصحفيين والفنيين البارزين، من بينهم الإعلامي الكبير عمر عيبور، والخبيرة في مجال الفلك والأبراج غالية بكفلاوي، إضافة للزميل المهندس باسل محمد، والذي يشغل اليوم منصب المدير العام للإذاعة، يقول عنه رئيس التحرير: "تزامنت إدارة الزميل محمد لنينار مع حالة صعبة جداً مرت على سورية وأرخت بظلالها اقتصادياً على قطاع الشركات العاملة فيها، لكنه استطاع قيادة الإذاعة رغم الصعوبات الكبيرة بل رسم لها سياسة إعلامية نتميز فيها عن بقية الإذاعات، ومع عدم وجود جهة تمويلية داعمة، كان لا بد من جهد شخصي يُضاف لجهده المهني الذي بذله للمحافظة على استمرارية الإذاعة في هذا الظرف الخاص لضمان سوية إعلامية إدارية عالية، وبنفس الوقت المحافظة بأمانة على جهود الزملاء السابقين الذين أسسوا واجتهدوا".
هوية خاصة
سعت نينار نحو التميّز عن بقية الإذاعات، واجتهد العاملون فيها ليكون لها هوية خاصة ومكانة عند الجمهور، فكانت -والكلام لـشحادة- من أوائل الإذاعات التي اشتغلت على الاستقصاء الإذاعي، بالاعتماد على كادر كبير يشبه وكالة أنباء بين صحفي ومراسل ومصور ومذيع، حتى أنها اهتمت بالصورة المُرافقة للبث الإذاعي في صفحة فيسبوك الخاصة بها، وفي مختلف وسائل التواصل (تلغرام، انستغرام، يوتيوب)، فجهزت استديوهاتها بعدة كاميرات، بحيث تبث عبر فيسبوك لكن بمعايير تلفزيونية لا تتعارض مع الاحتفاظ بالقالب الإذاعي، كما كانت من أوائل الإذاعات التي دمجت في السكريبت بين النصين الإذاعي والتلفزيوني.
ومن التجارب اللافتة في مشوار نينار، يستحضر رئيس التحرير مشروعاً عملت عليه الإذاعة قبل عامين، عندما اصطحبت كوادرها ومعداتها إلى حلب لتكون المحافظة موضوعاً لكل برامجها تحت عنوان (أسبوع نينار في حلب) لزيادة الحالة التفاعلية زمانياً ومكانياً مع جمهورها، على أن يتم تعميم التجربة على بقية المحافظات
كذلك اهتمت نينار بإثبات حضورها في السوق الإعلامي، وهي -على حد قول شحادة- من الوسائل التي أفردت مساحة واسعة في أروقتها للتدريب الصحفي، حيث استقبلت منذ عام 2013 أعداداً كبيرة من الطلاب والخريجين والراغبين بالتعلّم، وأتاحت لهم تجربة العمل الحقيقي في مختلف المجالات مجاناً (إخراج إذاعي، تقديم، تحرير، إعداد برامج)، ومع أنها ليست الوسيلة الوحيدة التي قدّمت في هذا الميدان لكنها امتازت باستقطاب أعدادٍ كبيرة من المتدربين.
حالة تفاعلية
تهتم الإذاعة برصد آراء المُستمعين، وعلى غرار وسائل الإعلام عامة، استفادت من وسائل التواصل الاجتماعي ومراقبة نسب المشاهدة والوصول والتعليقات، كمؤشرات على اهتمامات الناس وآرائهم، لكنها لم تتوقف عند هذا الحد، يقول شحادة: "نعتمد في معظم برامجنا على الحالة التفاعلية مع الجمهور، ونحاول حل أي شكوى تردنا ولو تحت الهواء بمعنى أننا لا نسعى للاستثمار الإعلامي عبر هموم الناس، وهذا صنع لنا مكانة عندهم، كما نسعى لمعرفة ما يُفضله المستمعون عبر الرصد الذاتي، بمعنى أننا كعاملين أداة قياس بطبيعة الحال، عبر تنقلاتنا وجولاتنا"
في إذاعة نينار التقينا الصحفية ديانا ديبو، والتي وجدت نفسها أقرب للمجال الخدمي، فانضمت إلى أسرة (صلة وصل) مع الإعلامي عمر عيبور كمعدة للبرنامج، تقول للمدوّنة: "العمل في البرامج الخدمية هو المُحبب بالنسبة لي، لأنه يساعد الناس في حل مشكلاتهم وتجاوز شيء من صعوبات الحياة اليومية، وعلى الرقم المخصص نستقبل جميع الشكاوى من مختلف المحافظات السورية، ونتابع كل ما يرد إلينا ونتعامل معه بجدية أيّاً كان (مياه، كهرباء، إنارة، تعبيد طرق)، ونتواصل مع المعنيين على الهواء مباشرة، كما نحترم خصوصية المُتقدّم بالشكوى ولا يريد ذكر اسمه".
بعد هذه التجربة، زاد اهتمامها في المجال الخدمي، فاتجهت نحو التقارير الميدانية الخدمية، حيث تستقبل أيضاً مختلف الشكاوى وتتواصل مع الجهات المعنية ليتم العمل على إيجاد الحلول المناسبة، وهنا تُضيف: "من الضروري جداً تعزيز ثقافة الشكوى عند المواطنين، بحيث تكون المبادرة من جانبهم لتحسين واقعهم، والتدليل على مكامن الخطأ والإهمال، مع الثقة بوجود الحل وإمكانية الإصلاح، عبر التعاون مع بقية الجهات والتواصل مع نينار بوصفها إذاعة تهتم بالحالة الخدمية، وهي تُؤدي دور الوسيط بين المواطن والجهات الرسمية، وتُخصص جزءاً كبيراً من برامجها لهذه الغاية، ولا سيما أن مخلفات ونتائج الحرب، لا تقل سوءاً عن الحرب ذاتها"
ورأت إن العمل في الإذاعة يضع الصحفي في اختبار حقيقي، كونها الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تسمح للمتلقي بإعمال الخيال لتكملة الصورة التي تُقدّم عبر الصوت، لذلك فهي تُقدّر عالياً الجهود المبذولة من الجميع في نينار.
آفاق عمل
وتحدثت المحررة زينب العيسى، عن تجربة عملها في الإذاعة قائلة: بدأت عملي في نينار منذ عامين في المجال الخدمي، تحديداً في برنامجي (صلة وصل) و(الشاهد)، إضافة إلى عملي في التحرير وإعداد الملفات المُنوّعة ضمن نشرات الأخبار، ومن ثم انتقلت إلى المجال الفني (فعاليات فنية، مواقع تصوير، حوارات)، وتضيف للمدوّنة: "رغبتي في التجريب تدفعني دائماً للتعلّم والعمل في مختلف ميادين الإعلام، ومع إعدادي وتقديمي لبرنامج (استديو نينار) أُتيح لي التعرّف على شخصيات وتجارب ومواهب لا حصر لها، فمع أن البرنامج الذي بدأ خلال شهر رمضان كان معنياً بالدراما والفنانين، لكنه تحوّل لاحقاً إلى ما يشبه المطبخ، بما فيه من مواضيع فنية وثقافية ومجتمعية، وتوسّع بحيث يسلط الضوء على ما يشغل الناس ويُثير اهتمامهم، عبر تقديم المعلومة الصحيحة والفكرة الهادفة."
وعن علاقتها بالإذاعة، قالت: "نينار بيتي الثاني، وأنا ممتنة لها وللتجربة التي أعيش تفاصيلها مع الزملاء، هذا المكان فتح لي آفاقاً واسعة للعمل واكتساب الخبرة، وأعطاني الحافز والرغبة للبحث في كل ما يُضيف قيمة للتجربة الصحفية، وأكّد فكرتي في أن على الإعلامي إتقان كل ما يستطيع مما يستجد في مهنته"، مضيفة: رغم التعب والجهد الملازمين للعمل اليومي، لكنها تستمتع بعملها وتُؤديه بحب ومسؤولية على أمل أن يجد صدى وقبولاً عند الناس، ولا سيما أن الراديو اليوم يختزل مع التطور المُتلاحق في التقنيات، عدة وسائل إعلام عبر السوشال ميديا والكتابة والتفاعل والصورة، ما يجعل العمل في الإذاعة ساحة واسعة للتجريب وإثبات النفس.
صدى إيجابي
المحامي والباحث في مجال مكافحة جرائم المعلوماتية فادي الرحال، كان ضيفاً أكثر من مرة في برنامج (بالقانون) على أثير نينار، للحديث عن مواضيع مختلفة، من بينها جرائم انتهاك الخصوصية، والحماية القانونية المتعلقة بشركات أمن المعلومات، وصف مشاركته بالممتعة، ولا سيما أن البرنامج يُقدّم وجهة نظر القانون بشكل توعوي إرشادي، يتناسب ومختلف الشرائح المجتمعية.
يقول للمدوّنة أيضاً: "الزميلة مُعدة البرنامج ومُقدّمته المحامية دعاء الشريف، تُجيد اختيار مواضيعها، بحيث يجد المُستمع نفسه معنياً وراغباً بالاطلاع على النص القانوني، كما أنها توجّه أسئلة تضمن الإحاطة بمختلف التفاصيل، حتى يتكون لدى المُتابع في النتيجة فكرة شاملة عن القضية المطروحة وأبعادها القانونية، حتى أنني لاحظت وجود متابعة كبيرة للبرنامج وهذه تُحسب للإذاعة، لأن البعض لا يهتم بالشأن القانوني إلا إذا تعرض لمشكلة ما".
"الرحال" أثنى على جهود الإذاعة في استمرار البرنامج عدة مواسم، ما يعني إدراكاً لأهمية نشر الوعي القانوني برأيه، مُشيراً إلى أنه ومن خلال ممارسته لمهنة المحاماة يجد صدى للبرامج الإذاعية القانونية في الواقع، فالناس يسمعون الفكرة والمعلومة ويتناقلونها، ما يُشكل باللاشعور شكلاً من الوقاية، أي إن المواطن لم يعد جاهلاً بالقوانين التي تنظم حياته بل أصبح على دراية بما يتوجب عليه فعله فيما لو تعرض لموقف معين، بعد أن كانت كلمة (لا أعرف) هي أول ما يُقال عند الوقوع في مشكلة، ولأن الراديو اليوم مرتبط بالسوشال ميديا، فالنتائج ملحوظة بوضوح على حد قوله.