حرصت المهندستان الزراعيتان "رهف الجرف" و"سماح إبراهيم" على إنجاز مشروع تخرج مميز في كلية الهندسة الزراعية، فاختارتا مادة الزيوليت المستخدمة في السماد الزراعي، لتكون باباً جديداً في تحسين أعلاف الدواجن، اعتماداً على أبحاث في دول عربية وأجنبية، فنفذتا المشروع في مدجنة خاصة، وحصلتا على وزن مثالي للدجاج في أربعين يوماً، وشاركتا في مؤتمر التقانة في "حماة" بمشروعهما الرائد على مستوى القطر.
نقطة البداية
تتحدث المهندسة الزراعية "سماح إبراهيم"،1993، عن المشروع لمدونة وطن قائلة: حرصت مع زميلتي وشريكتي في إنجاز مشروع التخرج، المهندسة "رهف الجرف" على اختيار مشروع يشكل قفزة ضمن المشاريع المميزة، وهذا ما دفعني للاستعانة بخبرة والدي المهندس الزراعي "عدنان ابراهيم" لخبرته البالغة 30 عاماً من العمل خارج القطر في "الكويت"، والذي تلقى دراسته في "العراق"، ونصحني بعدة أفكار منها مادة الزيوليت وهو حجر كلسي من سيلكات الألمنيوم المتوفرة بكثرة في أراضينا السورية، وهو مادة أضيفت بشكل تجريبي لسماد الأراضي الزراعية بالتعاون مع أكساد والمطبقة في حقول القمح في "الحسكة"، وبالعودة للأبحاث العالمية عن طريق غوغل سكولز، وجامعات متعددة اعتمدنا المشروع في خلطة أعلاف الدواجن، وبعد موافقة الجامعة وبإشراف الدكتور "ياسين العريفي" والدكتورة "ميسانا خلوف" الموجودة خارج القطر حالياً، نفذنا المشروع.
مراحل العمل
بدورها تشرح المهندسة الزراعية "رهف الجرف" مراحل تنفيذ المشروع قائلةً: قمنا بتطبيق التجربة في إحدى المداجن الخاصة بالقرب من منطقة "سلمية"، والتي تحوي على 6000 طير، تم انتقاء 60 طيراً بشكل عشوائي، وتوزيعهم على ثلاث مجموعات كل مجموعة فيها 20 طيراً تم عزلهم في جزء من المدجنة نفسها، وإضافة الزيوليت للعلف بعمر 12 يوماً، المجموعة الأولى هي الشاهد، والمجموعة الثانية تمت إضافة زيوليت بنسبة 1%، والمجموعة الثالثة زيوليت بنسبة 2%، حيث كنت أذهب للمدجنة كل أسبوع لخلط المادة بالعلف ولوزن العلف المستهلك ووزن الطيور، وبعد 42 يوماً تم اختيار 6 طيور من المجموعات بشكل عشوائي وقمنا بتشريحهم وذلك لوزن الأعضاء الداخلية (الطحال، والكبد، والقانصة، القلب، السودة) والصدر والفخذ ودراسة ميكرو فلورا الأمعاء وتعداد الجراثيم (القولونية، والبكتيريا اللبنية المفيدة، والسالمونيلا).
وتضيف: كانت النتيجة أن المجموعة التي أضيف إلى علفها 1% من الزيوليت سجلت أعلى وزن للطيور، حيث كان الوزن (3320) غراماً ثم تلتها المجموعة التي أضيف إلى خلطتها العلفية زيوليت 2% حيث كان الوزن (3100) غرام، وزيادة وزن كل من الفخذ والصدر والطحال والقلب والقانصة والسودة مقارنة مع مجموعة الشاهد التي أعطت وزن (2700) غرام فقط، ما يعني أن إضافة الزيوليت أدى إلى تحسين معامل استهلاك العلف، وانخفاض تعداد البكتيريا الهوائي العام وانخفاض العدد العام للبكتيريا Coliform والايكولاي في الاثني عشر الصائم، ما يبرز الدور المثبط للزيوليت لخفض عدد البكتيريا الضارة، كما أدى لتحسن ميكرو فلورا الأمعاء حيث زادت عدد البكتيريا المفيدة Lactobacillus، حيث إن وجود هذه البكتيريا له دور إيجابي في تحسين صحة الحيوانات والتقليل من الجراثيم الممرضة النامية في أمعاء حيوانات التجربة، ومن خلال المتابعة الصحية للقطيع ظهرت لدى الطيور إصابة بالأمراض الفيروسية الأنفلونزا، إضافة للكوك سيديا في طيور مجموعة الشاهد، وقد وصل عدد الطيور النافقة في الأسبوع السادس إلى 135 طيراً في اليوم، بينما لم يحصل نفوق في المجموعتين التي أضيف إليهما الزيوليت، حيث ظهرت أعراض انفلونزا طفيفة ولم تسجل أي إصابات بالكوك سيديا، ولم يتغير معدل استهلاك العلف ما يدل على أثر الزيوليت في المناعة والمؤشرات الدموية المتمثلة بعدد كريات الدم الحمراء والبيوكيميائية والخصائص الحسية ومواصفات اللحم الناتج.
خفض النفقات
المربي "محمد زينو" يشير إلى تبنيه مشروع الزيوليت من بحث المهندستين "رهف" و"سماح" عام 2023 في شهر تشرين الثاني وتطبيقه على 300 صوص، حيث كانت المهندسة "رهف الجرف" مشرفة على خلط العلف وخلال 35 يوماً حصلنا على وزن (2800، 3000) غرام.
ويقول: وفرت على نفسي كلفة 10 أيام من استهلاك الأعلاف والمحروقات والأدوية وأجرة عمال، وبلغت نسبة النفوق 1% علماً أنني أضفت مادة الزيوليت لعلف الصوص بعمر 10 أيام، وسأقوم بإعادة هذه المشروع على 10000 طير نظراً لفوائد المشروع في تخفيف أعباء التربية بسبب غلاء الأعلاف والأدوية والمحروقات وأنا بصدد تطبيق المشروع خارج القطر بسبب الثبات الاقتصادي.
بحث متميز
الدكتور "مرعي غضنفر" عميد كلية الهندسة الزراعية بـ"حماة" يقول: كانت النتائج التي توصلت إليها المهندستان "رهف" و"سماح" ضمن المؤشرات الإنتاجية عند تطبيق الأفكار النظرية على إنتاج لحم الفروج مشجعة، وهذا إنجاز يسجل لجميع من شارك من مشرفي الكلية والطلبة بالدرجة الأولى، نأمل أن تتابع هذه الأبحاث وتدرس علمياً بكل أبعادها الصحية والاقتصادية.
ويلفت الدكتور "ياسين العريفي" المشرف على المشروع إلى أهمية مادة الزيوليت في الإنتاج الحيواني والدواجن، وهي تصل لضرورة اعتبارها مادة أساسية ضمن المواد التي يجب توفرها في الخلطات العلفية بشكل أساسي، نتيجة فوائدها الكثيرة من حيث تحسين نوعية اللحم وزيادة كمية البيض وزيادة كميات الحليب عند الأبقار، ما يعود على المربي والمستهلك بالإنتاج الوفير.
ويختم حديثه بالقول: حسب نتائج البحث الذي قامت به المهندسات "رهف الجرف و"سماح إبراهيم" و"رنده السلوم" بإشرافي كوني مختصاً بفيزيولوجيا الحيوان، تبين أن خلط العلف بمادة الزيوليت حسّن من الوزن النهائي للطير، وخفض كمية العلف المستهلك وكذلك معامل التحويل الغذائي، فساهم في رفع الكفاءة الإنتاجية وزيادة ربحية للمربين لتوفره بكثرة وسعره البسيط.