جاءت فكرة تخصيص معهد عال للترجمة في جامعة دمشق انطلاقاً من هدف تأهيل المترجمين بمختلف الاختصاصات في الترجمة على غرار معظم جامعات العالم، عبر ماجستيرات التأهيل والتخصص الموجهة لسوق العمل، حيث عمل المعهد ومنذ تأسيسه للنأي بهذه المهمة من خلال الكوادر الكفوءة والتجهيزات اللازمة.

منحى مهني

الدكتور "فؤاد خوري" عميد المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية يبين في حديثه للمدونة أهمية إحداث وتخصيص معهد عالٍ للترجمة في جامعة دمشق، على غرار معظم الجامعات في العالم التي تفصل معاهد ومدارس الترجمة عن مؤسسات ومراكز تعليم اللغات.

يشير "خوري" إلى أن المعهد العالي للترجمة أسهم ومنذ ١٨ عاماً بتأهيل الكوادر القديرة المتخصصة في الترجمة بكل أشكالها، متخذين المنحى المهني الذي تتسم به ماجستيرات التأهيل والتخصص الموجهة لسوق العمل، والتي يدرّسها أساتذة متخصصون وخبراء في هذه المهنة على أكمل وجه، حيث تخرج في المعهد لغاية اليوم ما يقارب الألفين من المترجمين في كل الاختصاصات، وهم يعملون في ميدان الترجمة بأنواعها، في سورية وفي العالم العربي، وعلى المستوى الدولي.

الدكتور فؤاد خوري عميد المعهد

دورات تدريب

الدكتورة نيرمين التفرة نائب العميد والأستاذ باسم الشيحاوي

ويوضح الدكتور "خوري" أنه ومنذ عام 2020 تمت إعادة تفعيل الدورات التدريبية وورشات العمل لمدد قصيرة للقطاعين العام والخاص وزارة الإعلام - وكالة سانا - وزارة التنمية الإدارية، وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وأيضا الأفراد لتأهيل المترجمين في مجال ترجمة المؤتمرات والترجمة المحلّفة والترجمة السمع بصرية وغيرها، لتوفير خدمات الترجمة بأشكالها للقطاعات المختلفة العامة والخاصة، وذلك في إطار ممارسة العمل المهني وبالتنسيق مع مديرية التفرغ العلمي بجامعة دمشق، حيث تميز المعهد عن المعاهد والمدارس في القطر وفي العالم العربي بمناهجه وكوادره وتجهيزاته المتطورة، التي لا نظير لها في الشرق الأوسط (كبائن الترجمة الفورية - تجهيزات الترجمة على الشاشة والدوبلاج – الصف الإلكتروني - مصادر الإنترنت وغيرها).

أما فيما يخص الخطط المستقبلية فيشير "خوري" إلى أنه يتم العمل على تحقيق عدد من الإنجازات خلال الفترة القريبة، ومنها تطوير الخطة الدرسية لكي تتلاءم مع متطلبات العصر والمهنة، وافتتاح لغات جديدة غير الإنكليزية والفرنسية حسب حاجة سوق العمل وتوافر الكوادر التدريسية، وافتتاح خط الدراسات العليا (الأكاديمية) من ماجستير ودكتوراه لرفد الجامعة والمعهد بالكوادر اللازمة لمتابعة مهمته في المستقبل، فضلاً عن العمل للحصول على الاعتمادية من الجمعية الدولية للمترجمين، وتوسيع الدورات التدريبية وورشات العمل لتشمل كل فروع الترجمة، وإبرام العقود مع القنوات الفضائية لتنفيذ أعمال الترجمة على الشاشة والدوبلاج في مجال الدراما والوثائقي وغيرها، وإنشاء مركز للترجمة المحلفة ضمن مكتب ممارسة المهنة يخدم الطلبة ويقدم لهم الخدمة الجيدة وبأسعار تنافسية، إضافة إلى العمل على إعادة تفعيل الاتفاقيات السابقة مع الدول العربية والأجنبية الصديقة في ميدان تبادل وتطوير الخبرات والمناهج والتجهيزات.

الطالبة دانية البزرة وإحدى قاعات المعهد

تأهيل تخصصي

الدكتورة "نيرمين النفرة" نائب عميد المعهد تقدم شرحاً عن أقسام المعهد والذي يضم ثلاثة أقسام، هي الترجمة الفورية والسمع بصرية والتحريرية، وهو معهد ماجستير تأهيل تخصص وليس أكاديمياً مدته سنتان، الأولى فيها مجموع الاختصاصات، والسنة الثانية يكون فيه ثلاثة اختصاصات، وكل ماجستير لوحده، حيث يدرس الطلاب هذه الاختصاصات والحضور إلزامي من أجل عملية التدريب؛ لأن المعهد مبني على التدريب العملي وليس النظري، وهناك امتحان قبول في المعهد يشمل امتحاناً كتابياً باللغة العربية واللغة الإنكليزية أو الفرنسية حسب لغة الطالب، ويتم إجراء مقابلات شفهية للناجحين لتقييم مدى خبرتهم في الترجمة ومستوى لغتهم، وبعد ذلك يتم تقييمهم ويدخلون على اختصاصهم.

بناء قدرات

بدوره الأستاذ في قسم الترجمة الفورية "باسم الشيحاوي" يوضح في حديثه أن القسم أُحدث مع تأسيس المعهد، والمهم إعداد طلاب الماجستير المتخصصين في هذا المجال، من خلال تزويدهم بمهارات متعددة وصقل المهارات الموجودة لديهم، وإكسابهم مجموعة أخرى من الأدوات التي تساعدهم في تحسين قدراتهم على الترجمة الشفوية، وهناك الأدوات التي يتم استخدامها سواء تجهيزات أو مقارنات أو منهجيات يتعلم عليها الطلاب، ومجموع هذه الممارسات هو الذي يخلق هذه الحالة، ويشكل في نهاية المطاف قدرات المترجم الفوري الذي سيدخل لسوق العمل بعد التخرج.

ويتابع "الشيحاوي" حديثه بالقول: إن تطوير القسم يتم بناء على خطة المعهد التي تطبق بشكل سنوي، وهناك أسس واضحة يتم السير عليها لتوفير كل ما يتطلبه الأمر من تجهيزات وكوادر، فالمعهد مزود بتجهيزات ليست موجودة في كثير من بلدان المنطقة، إذ إن الترجمة الفورية تحديداً دون غيرها من أنواع الترجمة تحتاج للتجهيزات، ويتوفر ي المعهد التجهيزات المناسبة وهي التي تضع الطالب أو المترجم في جو الترجمة الفورية وإعداده نفسياً وعملياً ليكون جاهزاً لخوض هذه المهمة.

ويضيف: "المعهد مهمته إعداد الطلاب لسوق العمل، وهناك مبادرات فردية الهدف منها تسهيل دخول الطلاب لسوق العمل، ومنها زيارات ميدانية لمؤسسات تحتاج خدمات الترجمة الفورية ويتطلب عملها ذلك، مثل الإذاعة والتلفزيون، وهذه الزيارات الميدانية هي تجربة عملية يستفيد منها الطلاب ويتعرفون على فرص وإمكانية الدخول لسوق العمل".

طموحات

من جهتها الطالبة "دانية البزرة" تقول: " كان شغفي باللغة والترجمة المحرك الرئيس في التقديم للمعهد أكثر من ثلاث مرات، إلى أن حظيت بفرصة القبول فيه لأكون طالبة دراسات عليا في الترجمة الفورية هذا العام، وعلى مدار الأشهر السبع الفائتة استطعت أن أكوّن فكرة عامة عن المعهد، فقد ساعدت قاعاته المجهزة بالمعدات التقنية في إثراء التجربة العلمية للطلاب، ففي هذا المكان لا نستزيد من علوم اللغة فحسب بل ونصقلها، ولا نتعلم كيفية نقل المعرفة من لغة إلى أخرى بقدر ما نتعلم كيف نحيط بجوانبها".

وتشيد الطالبة "البزرة" بالطاقم التدريسي الأكاديمي، فهي تعدهم أنموذجاً يحتذى به، بفضل خبراتهم وما يقدمونه للطلاب من خلال الجلسات العلمية والعملية والأكاديمية، إضافة للتعامل الراقي الودود.

وتختم الطالبة حديثها بالقول: "هناك مقولة كنت قد قرأتها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي مفادها بأن الترجمة في جوهرها تتجاوز التناقض بين الفن والعلم لتكون مزيجاً من عناصر كليهما، وتخلق توليفة متناغمة من الإبداع والدقة.. إنها كيمياء اللغة، إذ يلتقي سحر التعبير مع عمق التحليل ليُنتج بذلك ترجمات جميلة ودقيقة ومثيرة، ومطابقة للنص الأصلي".