عكستِ النشاطاتُ والمبادراتُ التي أطلقتها مؤسسة "موج التنموية" في مدينة النبك منذ أيام حالة تفاعلية اجتماعية تجسدت في مشروع "توازن"، والذي يهدف للنهوض بواقع النساء عبر تمكينهن اقتصادياً ودعمهن نفسياً ومادياً ومعرفياً.

"مابتتوازن بدونكِ"

بدأت فكرة "توازن" حسب رأي منسقة المشروع "رهف غنيمة" من أن الدراجة الهوائية بحاجة إلى توازن، وانطلاقاً من ذلك عملت المؤسسة على تدريب النساء والشابات لتسهيل الوصول إلى عملهن وجامعاتهن دون تكلفة، من هنا كان شعار المسير "مابتتوازن بدونك" والذي استمر لمدة عامين ٢٠٢١- ٢٠٢٣، وفي هذا العام أضيفت شريحة ذوي الإعاقة من شابات وشبان، فزاد الشعار "الرياضة حق للجميع" ودُمج الشعاران على التيشرتات البيضاء.

"غنيمة" تشير إلى أن هناك رغبة من المجتمع المحلي لإدماج ذوي الإعاقة بهكذا نشاط، وتدريبهم على ركوب الدراجة الهوائية وكان لهم ما أرادوا.

مراسلة مدونة وطن مع منسقة المشروع

الأكثر الحاجة

الدكتور عمار الخطيب مدير البرامج بمؤسسة موج

تبين منسقة المشروع في حديثها للمدونة، أن هدف استكمال فكرة المسير على الدراجة الهوائية، هو مساعدة العديد من الشباب والشابات والأكثر حاجة ممن يعملون ضمن المنطقة بصفة "مرسلون"، أي ممن يقومون بمهمة إيصال الحاجيات والأغراض الضرورية حسب الطلب إلى المنازل مقابل أجر مادي.

وتضيف: "تم تدريب عشرين سيدة في المرحلة الأولى مع منح ١٨ دراجة هوائية، وتدريب ١٧ سيدة في المرحلة الثانية ومنح عشر دراجات أخرى، كما تم منح دراجات للفئات الأكثر هشاشة هذا العام، خمسة للشابات وخمسة لذوي الإعاقة".

الفعالية الأخيرة لموج بالنبك

تفاعل إيجابي

وعن دور المجتمع المحلي ومدى تفاعله مع هذه التظاهرة، تؤكد "غنيمة" أن هناك حالة من الارتياح أخذت تظهر شيئاً فشيئاً لما تقوم به المؤسسة، فهي حريصة على إضافة لبنة جديدة في كل نشاط وسلوك حتى تتبلور الفكرة بكل أبعادها، ولطالما نعيش في منطقة ريفية ما زالت بكراً، لا شكّ أنها تحتاج إلى بعض الوقت لتصبح الفكرة مستساغة لناحية ركوب الدراجة الهوائية وفق الأعمار المختلفة.

تقول "غنيمة": "واجهنا الأفكار القائمة على أن ركوب الدراجة الهوائية يؤثر على صحة النساء بشكل سلبي، وتغلبنا على هذا التصور الخاطئ من خلال حملات التوعية التي قام بها أطباء مختصون، والذين شرحوا بطريقة علمية أهمية الرياضة لصحة النساء جسدياً فكرياً، مبددين بذلك تشوهات القصص المتناقلة هنا وهناك عبرالسوشيال ميديا".

وتشير منسقة المشروع إلى أن "موج" رصدت حاجات الطلاب ضمن المجتمع المحلي، ليس فقط بمدينة النبك، وإنما في ريف دمشق ومناطق قارة ويبرود والقلمون لناحية التدريب والتأهيل، ليس هذا فحسب إذ يضم فريق مؤسسة "موج" ٣٠ شخصاً، ويمتد إلى مدن سلمية وحمص وطرطوس واللاذقية وغيرها من المحافظات.

وتتابع غنيمة حديثها بالقول: "هناك بعض التحديات في بيئة ريفية ما زالت بكراً كما ذكر آنفاً، وتحتاج لوقت كي تألف حيوية هذه الأفكار وممارسة المرأة لدورها في الحياة العامة، بدءاً من أسرتها الصغيرة مرورا بمؤسسات المجتمع، مع ملاحظة أن هناك من يحفز ويدعم ويؤيد ما نقوم به، وهناك من هو متعصب لأفكاره المسبقة، لذلك يجري العمل بهدوء خطوة بخطوة للوصول إلى الهدف المنشود والقواعد التي تعمل على تحقيقها المؤسسة.

قيم إنسانية

الدكتور "عمار الخطيب" اختصاصي جراحة عصبية ومدير البرامج بمؤسسة "موج التنموية" يشير إلى أن المؤسسة تعمل على برنامج إستراتيجي، هدفه تعزيز مشاركة المرأة بالحياة العامة، فالمرأة قادرة على ركوب الدراجة وقد خبرت الحياة بصعوباتها المختلفة وتفوقت على ذاتها في كثير من المطارح إذا ما توفرت لها البيئة المناسبة والدعم اللازم، وهذا ما تعمل عليه مؤسسة "موج" في معادلة التوازن.

يشدد "الخطيب" على متابعة جميع الفئات من خلال تأثير برامج "موج" على المجتمع المحلي، وبشكل أساسي مشروع "توازن" القائم على فن ركوب الدراجة الهوائية الأقل ضرراً والأكثر فائدة، خصوصاً إذا ما قدم للنساء التدريب والتأهيل وحسن المعاملة والتدبير، بغية توظيف الهدف بشكل صحيح لناحية الدعم الاقتصادي الذي يوفر ويخفف على الأقل أجور المواصلات باستخدام الدراجة الهوائية، ناهيك عن اختصار الوقت والشعور بمتعة العمل.

مدير البرامج يشير إلى أن العمل يقوم على شقين متوازيين، هما استثمار السوشيل ميديا عبر صفحات "موج"، وخاصة "الضمة الوردية"، وهي حملة توعوية لمناصرة النساء واطلاعهن بأهمية ركوب الدراجة الهوائية، والأمر الآخر هو محاربة الأفكار الخاطئة التي تقول إن ركوب الدراجة الهوائية يؤثر على صحة النساء.

بدورهم، يتحدث عدد من المشاركين في النشاط الأخير عن أهمية جمع كل فئات المجتمع ومن مختلف المحافظات لتسليط الضوء على العادات الأقل ضرراً وأكثر فائدة، وتعزيز قدرات الجميع دون إقصاء أي فئة من فئات المجتمع وخاصة النساء.

"شغف شنور" طالبة صيدلة وخطاطة مشاركة المسير، عبرت عن سرورها بهذا الحدث لأهميته التي تنبع من تسليط الضوء على دور النساء السوريات كسيدات فاعلات بالمجتمع، حيث جمع المسير مختلف الأعمار وفئات المجتمع بمكان واحد إذ لا فرق بينهم جميعاً وهي الصورة الذهنية الأجمل للمجتمع المحلي.

مبادئ عمل

يبقى الإشارة إلى أن مؤسسة "موج التنموية" عملت كمبادرة إعلام تنموي منذ العام ٢٠١٤، وتعمل وفق أربعة برامج رئيسية، تقوم على دعم التعددية والتماسك المجتمعي، وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، وتبني وإنتاج إعلام حساس للنوع الاجتماعي، واستدامة الموارد المتاحة، ويندرج ضمن كل برنامج مجموعة من المشاريع وفق الاحتياجات المطلوبة.

ويندرج مشروع "توازن" تحت برنامج تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامّة، ويهدف لتحقيق التّمكين الاقتصادي للنّساء والشّابّات وتعزيز الاستثمار الأمثل في قدراتهن ممّا يضمن تحسين واقعهن وواقع مجتمعاتهن.

ويعتمد المشروع لإجراء تدخلاته على نهج تدريجي متكامل قائم على جمع البيانات حول واقع النّساء والشّابّات وتحليلها، ورفع الوعي، والتّدريب والتّأهيل، واستخدام الرياضة كأداة إستراتيجيّة تسمح بإرساء المساواة بين الجنسين والحد من التّمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضمن المجالين الخاص والعام.

وضم المسير الأخير ٢٧٠ شاباً وشابة من مدن ومحافظات سورية مختلفة ومن فئات عمرية متنوعة، وذلك بمشاركة عدد من المؤسسات الرسمية والفرق التطوعية الرياضية بالتعاون مع الاتحاد العربي السوري للدراجات وشركاء من الفعاليات الاقتصادية والمؤسسات التعليمية.