شهدت حياة الرياضي والإعلامي الراحل "كامل نجمي" محطات مهمة شكلت مسيرته الرياضية والإعلامية، بدأت من حبه لكرة القدم التي لعبها في حيه الشعبي "الكلاسة" ثم في مدرسته الإبتدائية، وانتسابه لناديه المفضل "أهلي حلب" حيث تدرّج معه بالفئات العمرية حتى وصل لفريق الرجال الأول، ولعب لمنتخب "فلسطين"، ثم مارس التعليق الرياضي فكان مبدعاً ومتألقاً في نقل الأحداث لحظة بلحظة وبمهنية وحرفية عالية، جعلت المتابعين يتفاعلون مع نبرة صوته المميزة.

صوت مميز

في مذكراته: "أنا سوري ومن أصول فلسطينية".

يقول المعلق الرياضي الراحل "كامل نجمي": ولدت في عام ١٩٦٤ في مدينة "حلب" وتحديداً في حي "الكلاسة" الشعبي القديم المجاور للقلعة ودرست الإبتدائية في مدرسة "عبد الرحمن الداخل" ومنذ طفولتي كنت فقيراً ولا أملك المال، ومع ذلك كنت متفوقاً في دروسي، وأقود الصف في غياب المعلم. كنت مولعاً بحب كرة القدم والتعليق الرياضي ومقلداً لصوت الراحل "عدنان بوظو"، وعندما كان معلمنا يسأل كل واحد فينا عما يحلم به في مستقبله، كنت أجيبه بدون تردد سأصبح معلقاً رياضياً مثل الاستاذ "عدنان" رحمه الله".

الراحل خلال عمله في الملاعب ومع صديقه حمدي قواف

مسيرة اللاعب

الراحل كامل عندما كان لاعبا في نادي الأهلي

التحق الراحل في بداية السبعينيات بنادي "الأهلي" وتدرج في كافة الفئات من الأشبال للناشئين وللشباب، ولعب تحت قيادة المدرب "شيخو العبدالله"، ونال معه بطولة الدوري لفئة الأشبال وبطولة دوري الشباب عام ١٩٨٤، ويذكر من زملائه في تلك الفترة "أيمن حزام وعبد الرزاق حميدي ومحمد العبدالله ومحمد الزوري وحكمت هنداوي وعمار أزمرلي" وغيرهم، ومن فريق الشباب ترفع الراحل لفريق الرجال وكان بمركز الجناح الأيمن، ونتيجة التخمة والنجومية في الفريق الأول بتلك الفترة لم تتح له فرصة اللعب بالشكل الأمثل، وحاز مع ناديه بطولة كأس الجمهورية.

وكون الراحل من أصول فلسطينية مثل منتخب بلاده في عدة مباريات، من أهمها تصفيات كأس العرب عام ١٩٨٨، وبرز في تلك البطولة كلاعب وجناح سريع ومتألق في أرض الملعب وحقق مع منتخب بلاده عدة انتصارات، وفي سجله عشرة أهداف و٧٣ مباراة.

الراحل كامل مع مراسل مدونة وطن بحلب والصحفي محمد أبو غالون

إعلامي متألق

أعتزل الراحل الكرة في عام ١٩٩١ نتيجة الإصابة، ومباشرة توجه نحو هدفه الثاني الذي كان يسعى له وهو ممارسة الإعلام الرياضي الذي كان يتمناه فعمل مراسلاً لصحف "تشرين والاتحاد ومجلة فنون"، وجاءته الفرصة الذهبية في عام ١٩٩٢ من خلال العمل ببرنامج "ملاعبنا الخضراء" مع الراحل "عدنان بوظو" بنقل مباريات الدوري العام، واستفاد كثيراً من هذا البرنامج بصقل موهبته وصوته أكثر واكتساب المزيد من الخبرة في التعليق على مباريات الدوري، ونظراً لحسن أدائه تم تكليفه بالتعليق على مباريات الدوري العام لكرتي القدم والسلة على شاشة التلفزيون السوري، وذاع صيت وشهرة وحضور الراحل في مجال التعليق إلى القنوات العربية حتى تواصلت معه قناة الجزيرة الرياضية في عام ١٩٩٦ وطلبت منه العمل معها لكن ولظروف خاصة به بوقتها اعتذر عن العمل، وبقي يعمل مراسلاً من مدينة "حلب" للبرامج الرياضية المحلية منها "ألو رياضة، ملاعبنا الخضراء، الأحد الرياضي" وفي عام ٢٠٠٥ تمت تسميته مراسلاً لقناة الجزيرة الرياضية من "سورية" وبقي في عمله هذا حتى عام ٢٠١٣".

وكان الراحل يقدم برنامجاً تلفزيونياً يعرض كل يوم إثنين ولمدة ساعة يسلط فيه الضوء على أهم الأنشطة الرياضية المحلية الحلبية وأهمها مباريات الدوري العام بكرة القدم والسلة وباقي الألعاب، وكذلك كان يسعى لنقل هموم وصوت ومعاناة الرياضية وبقي البرنامج مستمراً حتى يوم وفاته.

الوفاء الأخير

حرص الفقيد "كامل" منذ أربعة وعشرين عاماً على إقامة حفل سنوي يكرم فيه نجوم الرياضة والأبطال والمدربين والخبرات، وكذلك الفنانين من مطربين وممثلين وكذلك رجال الإعلام من محافظته ومن المحافظات الأخرى وأسماه "مهرجان الوفاء"، وقد أقام مهرجانه الأخير قبل وفاته بيومين ودعا فيه كالعادة المميزين والخبرات الرياضية والصحفية والفنية.

يقول الكابتن والمعلق "شعبان خليل": "كان الراحل يذكر في كل جلساته فضل الأساتذة عليه وهم " ياسر علي ديب ووجيه شويكي وشعبان خليل"، وقد قام الموسم الماضي بدعوة الأستاذ "وجيه" لمدينة "حلب" وكرمه في المهرجان وقبّل رأسه أمام الجميع، قائلاً:" انا أدين بكل الفضل لهذه القامة الإعلامية الرياضية الشامخة هو أستاذي وصاحب فضل علي لا انساه ما حييت".

ويؤكد الكابتن "شعبان" أن الراحل كان يتمتع بثلاث صفات حميدة هي الوفاء والكرم والروح المرحة، فعمل عدة حلقات ببرامج الكاميرا الخفية، وله عدة قصائد شعرية، وقد تحلى بالأخلاق الرياضية وعرف عنه مساعدة الإعلاميين من جيل الشباب وإفساح المجال لهم لدخول المنابر الإعلامية وتقديم النصح والإرشاد لهم.

كلمات مؤثرة

العديد من المؤسسات والنوادي الرياضية، ومنهم الاتحاد الرياضي العام واتحاد الصحفيين وناديه الأم "الأهلي" نعت الراحل "نجمي"، وكذلك فعلت أغلب الأندية الرياضية السورية وزملاؤه المعلقون واللاعبون وجماهير الملاعب والممثلون، ووصفوه بالإنسان المكافح الذي رحل وترك بصمة إعلامية مميزة لا تنسى.

الممثل "نور نجمي" نجل الراحل نعى والده بالقول: "رحيله كان خسارة كبيرة للإعلام الرياضي المحلي، حيث واكب والدي وغطى أجمل وأحلى لحظات الرياضة في بلدنا ولكل الألعاب، وسيبقى اسمه محفوراً بوجدان الجميع، وقد أقام مهرجان الوفاء الأخير قبل يومين من رحيله كرم فيه الجميع وفارق الحياة".

المحامي "أيمن حزام" يقول: "تربطني علاقة وثيقة جداً بالراحل، لعبنا معاً بفريق الأهلي، وترفعنا لفريق الرجال، ولم ينقطع التواصل بيننا وكنا نلتقي بشكل شبه يومي، كان مبدعاً وأستاذاً في الإعلام الرياضي والتعليق وصاحب حضور".

بدوره الصحفي الرياضي "محمد أبو غالون" يقول: "عملنا معاً لسنوات في برنامج "ملاعبنا الخضراء" وساعدته بنقل مباريات الدوري العام في القدم والسلة، كان مميزاً ومتقناً لعمله وحضوره خلف الميكرفون، رحل وترك لنا الأثر والكلمة الطبية والمعاملة الحسنة".

الممثل "غسان الدهبي ووزميله قاسم ملحو" أكدا على علاقتهما الوثيقة بالراحل التي لم تنقطع يوماً، ويضيف "الدهبي": "بالأمس كرمني الراحل وانتابني بلحظتها شعور أنه الوداع الأخير بيننا".

ويقول "حمدي قواف" زميل الراحل: "علاقتي بالراحل تمتد لأكثر من أربعين عاماً كان لاعباً خلوقاً ومميزاً في نادي الأهلي والمنتخب الفلسطيني، وتابع مشواره بثبات وثقة ونجاح في التعليق الرياضي وبرز كواحد من أهم المعلقين العرب، امتاز بالطيبة والدماثة وحب الخير ومد يد العون للمحتاجين".