لم تكن الإعاقة التي أصابت "محمد القصار" منذ ولادته حاجزاً أمام إمكانية وصوله إلى أهدافه وتحقيق إنجازات عدة تكون ذات أثر مهم في سجله المهني، فقد شكلت حافزاً لكسر الصورة النمطية عن عدم إمكانية ذوي الإعاقة من العمل بأرقى المهن وبلوغ أفضل المستويات في مختلف المجالات.
مرحلته الدراسية
بدأت مرحلة تحدي الإعاقة بالنسبة ل"القصار" منذ دخوله إلى المدرسة، وبجهد كبير بذله أهله وأصدقاؤه في البحث عن مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول: "شكّل دخولي المرحلة التعليمية مفصلاً كبيراً في حياتي لناحية ظهوري وحصولي على المراتب العليا خلال سنوات الدراسة، وأكملت تعليمي رغم الصعوبات التي واجهتها على صعيد تغيير مكان السكن والظروف الصحية التي أدت إلى دخولي المشفى، والخضوع لعمل جراحي تسبب بالابتعاد عن المدرسة لمدة زمنية طويلة، لكن دعم والدي وأخوتي كان حافزاً لي في متابعة خطواتي التي عملت على تأسيسها، وزيادة الإصرار على الوصول إلى أهدافي واستثمار طاقتي في تحقيق طموحي واحلام اهلي".
مهارات رغم الصعوبات
الدعم المستمر من المحبين كان نقطة تحول كبيرة في مسيرة "القصار" للوصول إلى تحقيق جملة من الأهداف رغم التحديات التي واجهت قدرته على الحركة، والاعتماد على الكرسي المتحرك حيث بدأ العمل إلى جانب دراسته في مجال الحاسوب بالجامعة الافتراضية باحتراف //الغرافيك ديزاين والتصوير والمونتاج//، من خلال دورات تدريبية والتعلم في المنزل على حاسوبه المحمول الذي حصل عليه نتيجة تكريمه لنجاحه وتفوقه في المرحلة الثانوية.
يضيف "القصار": "بعد اتباع العديد من الدورات التدريبية، ولا سيما التي نظمتها /UNDP/ بدأت بدخول سوق العمل من خلال القيام بالعديد من المشاريع المتصلة بالفن والإبداع داخل وخارج سورية، ومراكمة الخبرة وزيادة المهارات المطلوبة في هذا المجال ليصار نحو التعاقد مع مؤسسات عدة والعمل معها حالياً".
يعمل" القصار" مع منصات (دلماسيا الإعلامية) في مجال التصوير والمونتاج والتصميم و(فيرست فور بزنس ) و(ع فكرة) و(فور ستيبس) و(Healign) و(أكاديمية لمار الدولية للتنمية والتأهيل) و(شركة الارتقاء للتجارة)، إضافة إلى العمل كعضو في فريق (الإعاقة انطلاقة) و(اتحاد شبيبة الثورة رابطة الميدان) ومتطوع في فرق (أنت قادر) و(تكاتف تطوعي) و(مجد التطوعي).
كما عمل في السابق في جمعية جذور ومنصة (Food) ورئيس قسم التصميم والمونتاج بالفريق الإعلامي السوري ورئيس قسم التصميم والمونتاج بمؤسسة عكا الدولية.
موهبة مؤثرة
إضافة إلى تميزه في مجال التصميم والمونتاج، حقق "محمد القصار" إنجازاً على صعيد ميدان الرياضة، وحجز لنفسه مكاناً مهماً بين اللاعبين المهمين وشكل أنموذجاً لقدرة الأشخاص ذوي الإعاقة في التغلب على التحديات واستثمار المواهب التي يمتلكونها في وضع بصمة رائعة في عالم الرياضة.
ويؤكد "القصار" أنه خلال سنواته الدراسية تلقى دعماً من أحد أساتذته في الرياضة، والذي اختار له رياضة "القوة البدنية "الملائمة لجسده وإمكانية الدخول في مرحلة المسابقات، ولا سيما بطولة الجمهورية التي حصلت فيها عام /2018/ على المركز الأول في رفع الأثقال إضافة إلى القوة البدنية (بنش بريس) بـ 2020 للأسوياء، ومشاركته في بطولات الجمهورية بكرة السلة لذوي الهمم وحصوله على المراكز الثلاثة الاولى في عدة مشاركات.
ولم تنحصر موهبة القصار في الرياضة فقط بل باتت هوايته المفضلة أيضاً في مجال الغناء والعزف والكتابة، حيث شارك في إعداد كتابين تحت اسم (فاجعة الأقدار) و(أثر لا ينسى).
ويرى القصار أن الإرادة ستوصل إلى الأهداف، وضرورة استثمار جميع الطاقات والمواهب رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه أي شخص بما فيها فقدان أحد اعضاء جسده، ويؤكد أن إصراره كان لتغيير الصورة النمطية عن عدم قدرة ذوي الإعاقة على تحقيق أحلامهم، وحجز مكان مهم في الحياة المهنية وبصمة مهمة في العمل المهني.
المثابرة أولاً
بدوره، يعتبر المشرف على تدريب "القصار" مدرب القوة البدنية "فادي فحام"، أنه اختار له الرياضة المناسبة لإمكانياته، حيث تميز خلال مسيرته الرياضية وأثناء ممارسته هذه الرياضة والتدرب عليها، مضيفاً إن "القصار" بذل جهداً كبيراً ويعمل باستمرار على تحقيق ما يحلم به، وتجلى ذلك بالمسابقات التي خاضها ومشاركته في البطولات فحقق عدداً من الميداليات المتنوعة.
ويؤكد مدير التسويق في شركة الاتصالات الـ(MTN) "ليث المبيض" و هو أحد أصدقاء "محمد" وينتمي إلى شريحة ذوي الإعاقة، أنه شارك معه في عدد من مجالات العمل وكان متميزاً فيها، حيث امتلك موهبة وقدرة على التطور والمثابرة في إنجاز المشاريع التي يشرف عليها.
ويضيف: تميز أيضاً بالاجتهاد والسرعة في التعلم على برامج التصميم والمونتاج، كما امتلك القدرة على مواكبة كل جديد في هذا المجال.