تشهد العديد من المناطق في الجزيرة السوريّة خاصة الريفيّة منها طقوساً خاصة استقبالاً لموسم الشتاء، ومنها سياع بيوت ومنازل الطين، والتي تعدّ ظاهرة اجتماعية حرص الأهالي على القيام بها ومساعدة بعضهم البعض لإنجازها قي وقتها.
لمة فرح
علاوة على أهميتها خلال الشتاء يعد سياع البيوت موعداً للألفة ولمة الأهل والجيران والأصدقاء، وهنا يتحدث "عدنان طحلو" عن قيامه وبمساعدة كل شباب قريته، سواء أبناء العمومة أو غيرهم بإنجاز مهمّة سياع بيت والده في قريته بريف "القحطانيّة"، فالكل كما يقول يترقب هذه اللحظة في كل سنة وفي هذه الفترة تحديداً؛ ليجتمعوا ويلتقوا في أجواء من الفرح.
المعروف بأنّ الشباب في هذا العمل يبذلون جهداً كبيراً، ومتعارف عليه بأنهم لا يغادرون إلا إذا تناولوا مائدة دسمة، يكون عنصرها الأساسي مادة اللحم، مهما أصروا على عدم تناول الطعام، لا يمكن ذلك، فهي واجب وعادة متوارثة منذ إعلان السياع
يؤكد "عدنان" أن أهل قريته، خاصة الشباب لا يترددون في تلبية هذا الواجب فهم يبادرون حُبّاً وطوعاً لسياع بيوت القرية.
ويضيف: «ظاهرة سياع البيوت الطينية قديمة قدم ريفنا، ففي شهر أيلول من كل سنة يبادر الأهالي لسياع بيوتهم الطينية، حتى لا تتضرر من الأمطار، ويخترق المطر الأسطح الطينية إذا لم تكن مسيعة حديثاً، يعني بشكل دوري وسنوي، وهي عادة توارثتها الأجيال، بحيث يذهب الجميع تحديداً فئة الشباب لمساعدة من يعلن سياع منزله، يجتمعون في الصباح الباكر، وينجزون العمل قبل الظهيرة وينهون سياع الغرف، أحياناً تكون غرفاً كثيرة وتحتاج لزمن طويل، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً مضاعفاً، وإذا كان شباب القرية الواحدة لا يكفون تتم الاستعانة بشباب آخرين من القرى المجاورة، هم أيضاً يلبون وبسرعة، فهذا الأمر بالذات يعدّو واجباً أخلاقياً في الريف».
مراحل العمل
تفاصيل عدّة يلتزم بها أبناء الريف، خلال قرارهم المباشرة بسياع البيوت، منها وضع برنامج معين لعدد المنازل التي تقرر السياع في كل سنة، وتكمن أهمية ذلك البرنامج كما يقول "كمال حسين": «أحياناً تكون بيوت القرية كلّها بحاجة للسياع لذلك تحدد بالترتيب، بحيث نحدد يومياً منزلاً أو أكثر حسب الحاجة والقدرة؛ لأن العمل مجهد، لذلك تم اختيار الشباب لتحملهم وقدرتهم، طبعاً هناك مراحل يتطلبها العمل، أولها تجهيز التراب المغربل والمعد والمناسب للسياع، يخلط مع التبن ويتم الدعس عليه بأرجل الشباب بالشكل المناسب، وبعدها اختيار صاحب خبرة في سياع السطح، يعني يحمل الأداة المُخصصة لفرش الوحل، وبعد تأمين الوحل أو الطين من قبل شباب يتم خلطه بالشكل المطلوب، ويتطلب وجود أكثر من شاب يقوم بحمل الطين للسطح، هذا الأمر يتطلب الجهد الأكبر لأنه يحمل الوعاء لمسافة ويصعد به السلم المخصص للسطح، وإذا كان عدد الشباب كبيراً يكون هناك أكثر من شخص يسيع فوق السطح. ونشير هنا إلى أنه وقبل المباشرة بالسياع، يقوم طفل ومن خلال مكنسة بتنظيف وكنس السطح بشكل جيد، حتّى لا تبقى أحجار وأوساخ، فيجب أن يكون السطح أثناء السياع سوياً لذلك خبرة من يقوم بالمسيع تكمن في هذا الجانب أيضاً، بأن ينتبه لأي شيء غير مناسب فوق السطح، حتّى يكون العمل مثالياً».
طقوس اجتماعية
من الطقوس المرافقة لسياع البيوت أن يحهّز صاحب البيت الذي تم سياع منزله وليمة للشباب الذين عملوا وساعدوا.
وتشير "خولة العلي" إلى أن شباب قريتها في ريف "اليعربية" انتهوا مؤخراً من سياع منزلها، فأعدت وليمة دسمة تقول عنها: «المعروف بأنّ الشباب في هذا العمل يبذلون جهداً كبيراً، ومتعارف عليه بأنهم لا يغادرون إلا إذا تناولوا مائدة دسمة، يكون عنصرها الأساسي مادة اللحم، مهما أصروا على عدم تناول الطعام، لا يمكن ذلك، فهي واجب وعادة متوارثة منذ إعلان السياع».
مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 14 أيلول أجرت اللقاءات السابق