لم تكن كاميرا مسلسل " الخربة" التي صُورت حلقاته في قرية "ذكير" بريف السويداء، إلا بمنزلة العين المرئية الناقلة للعالم أجمع جمالية ما تحتضنه هذه القرية من معالم أثرية تؤرخ لحقب زمنية بعيدة، وعلى الرغم من مضي نحو ألفي عام على ولادة هذه الآوابد، فقد عادت إلى الحياة من جديد بروح السكان الحاليين.

الحارس الأمين

يشير الشيخ "منصور سويد" أحد سكان "ذكير" لمدونة وطن eSyria" إلى أن المعالم الأثرية في القرية كانت ولا تزال بمنزلة حارس الحضارة الأمين، فعندما تدخلها كأنك تجالس التاريخ ليحدثك عن أيام زمان وحكايا تلك الأيام، فبعد أن أظهرها مسلسل "الخربة" للعلن أيقظ روح السياحة النائمة داخلها، فما إن انتهى المسلسل حتى بات الزائرون يتوافدون بالعشرات إلى الأماكن والبيوت التي التقتطتها كاميرا المسلسل.

ويضيف "سويد": "جمالية القرية الأثرية التي أظهرتها كاميرا المسلسل أدخلت القرية في دائرة السياحة الشعبية؛ ليصبح اسمها مدرجاً على قائمة التراث الوطني لغناها بالآوابد الرومانية واليونانية التي نفض عنها المسلسل غبار الزمن، وأضحت مقصداً للصغير والكبير، لتطلع أجيال اليوم على ما تركه لهم الأقدمون من آوابدَ يعود تاريخها إلى قبل 2000 سنة، ولعل المتجول في أرجاء هذه القرية المتكئة على حضن اللجاة الغربية، سيشتم رائحة هوائها النقي المتسلل إليها من بين صخورها البازلتية، التي ما زالت تواقة لمن يطؤها ويعيد لها ألقها من خلال استثمارها سياحياً".

نشأت كيوان وخلدون الشمعة

ويقول: " القسم الأكبر من هذه البيوت التي سكنها "غطاس وملحم وأبو نمر" لا تزال مأهولة بالسكان لتاريخه، وكان لهم الفضل الكبير بالمحافظة على هذه الأوابد من العبث والتخريب".

عين الكاميرا

بدوره يشير رئيس دائرة آثار السويداء "خلدون الشمعة" إلى أن كاميرا مسلسل "الخربة" المتنقلة في أرجائها، أظهرت جمالية الأوابد الأثرية التي تحتضنها بعفوية، وهذا ما أعطى دافعاً لمن شاهد المسلسل، بأن يذهب ليقرأ تاريخ هذه القرية المدون على صفحات حجارتها البازلتية، وعلى أبواب منازلها المزينة بزخارف ونقوش لم تنل منها عاتيات الزمن، ومن يزور القرية لا يمكنه أن يغادرها قبل أن تكتحل عينيه برؤية خزاناتها المائية القديمة وآبارها الرومانية البالغة نحو أربعين بئراً قديمة.

من أوابد قرية ذكير

ويضيف "الشمعة": "قرية "ذكير" تعد متحفاً مفتوحاً بآثارها وأسوارها وممراتها وبيوتها القديمة، وبواباتها المنقوشة وأبوابها الحجرية وأعمدتها وأحجارها المنحوتة المنتشرة في كل مكان، والتي تنقل زائرها الى أعماق التاريخ الموغلة في القدم"

دعم وتأهيل

بدوره يؤكد الدكتور "نشأت كيوان" أن ما تحتضه القرية من معالم أثرية أهّلها لأن تدرج على قائمة السياحة الشعبية، ولكن تحقيق ما يصبو إليه الأهالي يحتاج للعديد من المقومات المؤهلة لذلك، كصيانة وترميم المنازل الأثرية، والعمل على إظهار ساحة المعبد الشرقية بعد إزالة طبقة الركام المحدثة عليه، والعمل على تسويره بغية الحفاظ عليه، إضافة لاستملاك بعض المنازل الأثرية المهمة والمسجلة لدى دائرة الآثار بهدف ترميمها والكشف عليها وتحويل بعضها إلى متحف لمكتشفات المنطقة الشمالية في المحافظة، كونها تمتاز بخصائص معمارية جميلة وفريدة، شيدتها أياد أتقنت فن البناء والعمارة.

الشيخ منصور سويد وأحد بيوت القرية القديمة