منذ بداياته في الغناء، اختار المطرب "محمد السودي _من سكان البطيحة_ خط الغناء التراثيّ الجولانيّ، وهو الخطُّ الذي أبدع فيه وأوصله إلى مصاف الشهرة، وليشارك بصوته وبالعروض التي قدّمها مع فرقة زنوبيا في العديد من المهرجانات والحفلات الفنية محلياً وخارجياً.

تميّز فني

تميز "السودي" كرائدٍ أوّلَ بالغناء والفصاحة والخطابة، ليشقَّ طريقه الفني أثناء دراسته بالمعهد الفندقي، من نادي الهواة في إذاعة دمشق في أواخر الثمانينيات، ويشارك في فرقة زنوبيا الوطنية كفنان أساسي.

درس الموسيقا على يد الموسيقار الراحل "عدنان أبو الشامات"، ولعب دوراً بارزاً عبر الفرقة من خلال المشاركات الفنية على المستوى المحلي والعربي والدولي كألمانيا وإيران ولبنان والأردن والكويت وغيرها.

السودي مع الفنان صلاح البحر

يقول "السودي": "سعيت ومنذ سنوات عديدة إلى صقل وبناء شخصيتي الفنية معتمداً بالدرجة الأولى على خامة صوتي، وحتى أزيدَ من تكريس التجربة الفنية الرصينة المعتمدة على التنويع في الأداء والألحان، تعلَّمتُ العزف على آلة العود، وهذا كان باجتهاد فرديٌّ من خلال المتابعة والرغبة وتعلم سلَّم الموسيقا وزيادة الخبرة في المشاركة بالمناسبات والأفراح العامة، لأصل بعد سن العشرين وسنوات من التمرن والاجتهاد والعزيمة على الارتقاء بالإبداع لتحقيق النجومية والشهرة في الوسط الفني والثقافي.

يتوقّف المطرب الشعبي اثناء حديثه عند بداية تعلُّقه بالفن، وتشجيع الآخرين له وخاصة المحيطين من عائلته ومنهم والدته، وازداد تعلّقه أكثر حينَ تم الالتحاق بإحدى الفرق الغنائية والفلكلورية كزنوبيا الوطنية، وقد حقّق خلالها الكثير من النجاح والنجومية، الأمر الذي دفعه منذ أول الشباب إلى عشق الطرب أكثر وزيادة الأداء والانخراط في تفاصيل الفلكلور والغناء التراثي، فضلاً عن مشاركاته الفنية ومحطاته المتعددة بالداخل والخارج التي شكّلت تجربته الفنية وخاصة بالعزف على آلة العود.

مدير ثقافي البطبحة ادريس ذياب

مشاركات

السودي في إحدى حفلاته

وكمشاركات بالإذاعة والتلفزيون السوري يقول "السودي": إنه شارك بالبداية بإذاعة دمشق في نادة الهواة من تقديم الأستاذ "علاء الدين الأيوبي"، ثمّ أصبح ببرنامج مواهب بالإذاعة، حينها تم إجراء مسابقة بالإذاعة لأكثر من 300 شخص، ليختاروا 60 شخصاً ببرنامج اسمه طريق النجوم المشهور آنذاك، وكان من إعداد الراحل "رياض سفلو" ، وكان في اللجنة الفنية للمسابقة رئيس دائرة الموسيقا بإذاعة دمشق الراحل "إبراهيم جودت"، ومعه الموسيقار الكبير "نجيب السراج".

يضيف "السودي": "شاركت دور أول وثاني وثالث بالمسابقة وكنت الأول ببرنامج سورية كلها باللون الفراتي، وتم اختيارنا بوزارة الثقافة مديرية المسارح والموسيقا مسابقة فرقة زنوبيا القومية الحديثة؛ اختارني الأستاذ الموسيقي "حسين نازك" وكنت عنده الطالب النجيب والمدلل لخامة الصوت المميزة.

فرقة زنوبيا

ويذكر "السودي" فرقة زنوبيا والتي شقَّ من خلالها طريقه، مشاركاً بأداء صوته في مختلف أنحاء الدول العربية، مثل لبنان عندما تمّ اختيار بيروت عاصمة للثقافة العربية 1999، والمشاركة بالكويت والأردن، والغناء بألمانيا مرتين متتاليتين مع فرقة زنوبيا حينها، لافتاً إلى تميّز الجناح السوي حينها بعدما حضر الحفلةَ مستشار ألمانيا آنذاك "شرويدر" .

أما محلياً فكان هناك الحضور في الدورات المتتالية لمهرجان الباسل المحبة باللاذقية ومهرجان بصرى لعدة مرات، وفي دورة افتتاح القناة الفضائية السورية، حيث كانت له وصلةٌ غنائيّةٌ كاملة حينها والذي تم عرضها بمدينة المعارض القديمة، كذلك المشاركة في معرض الزهور أكثر من ثماني مرات، فضلاً عن المشاركة في المناسبات والأعياد الوطنية.

تراث جولانيّ

ويسهب "السودي" في ذكر رصيده الغنائي الذي يتضمن في أغلبه الأغاني الفردية والمشاركة الشعبية في المناسبات والاحتفالات الوطنية، ناهيك عن تلبية أي دعوة وطنية وغير وطنية موجّهة له، كان آخرها المشاركة بالمركز الثقافي بالبطيحة في تغطية الفعاليات الثقافية وحفلات التكريم لمديري المراكز الثقافية.

ويضيف: " أجد شخصيتي في غنائي للوطن، كما هو الحال أيضاً في الغناء للتراث الشعبي الجولاني، الذي نهلتُ من ينابيعه الثرية مفردات الحب والانتماء،ومنها (الجفرا وزاري فطوم والدحية والهجيني) ".

ويؤكد "السودي" أنه عاشقٌ مُولعٌ بتفاصيل التراث، ويعتبر نفسه مطرباً توّاقاً إلى التعريف بشكل أكبر بجمالية وفرادة المفردة الشعرية المحلية وجمالية الألحان التراثية المستقاة من الإرث العربي الأصيل، مضيفاً: إنه شارك بهذه الأغنية بفترة الدراسة والشبيبة بمهرجان الأغنية السياسية بإدلب، لتحصد الترتيب الأول على القطر.

ومن هذه الأغاني التي ذاع صيتها، والتي يغنّيها الكبير والصغير:

وي هي الربع من هين للدوكا والبرطم شرش بحرير واللحية المدكوكة

ما قلتلك يا محمد لا تسكن الدوكا واسكن عشط البحر على شط طبريا.

ويعتبرُ "السودي" أن الفن رسالة ثقافيّة وحضاريّة للعالم ، وأنّ الأغاني الهابطة تسيء إلى سمعة المطرب وتنزل من قيمته وأخلاقه في مجتمعه، حيث إنّ هذه الأغاني حسب قوله لم ينظر لها رغم العروض والإغراءات المقدّمة له، لتكون مقابلها أغاني ملتزمة ودافئة، متشبهاً بالجيل الغنائي الفذ، كالمطرب إلياس خضر وفؤاد غازي وحبيب علي، والعراقيين أحمد عوض وصلاح بحر وغيرهم.

قامة فنية

"السودي" معروف في الوسط الثقافيّ والاجتماعيّ في منطقة البطيحة والقنيطرة بمطرب التراث والفلكور الشعبي، إذ يقول المتخصص في التراث الريفي "محمد الأحمد التلاوي": إن محمد السودي الملقب "أبو قاسم" لم يتغيّر منذ صغره، فهو ابن بيئته ومجتمعها، وهو مطرب الجولان المبدع غنّى بأفراح الجولان والمهرجانات والمراكز الثقافية.

ويضيف: "ابتسامة هذا الرجل وطيبته ومحبته للناس تحلّق مع أغانيه السعدونية نسبة لسعدون جابر، حيث استطاع أن يجد له مكانًا في قلوب الجميع؛ قصة تعايش وتآلف وأخوة تستحق ّ أنْ تدوّنَ لتعكس ما يتمتع به في عائلته ومجتمع البطيحة ككل.

مدير المركز الثقافي في البطيحة" إدريس ذياب" يشير إلى أن "السودي" يعدّ فناناً شعبياً ومسرحياً من الدرجة الأولى، أتقن جميع ألوان الغناء وشارك مع فرقة زنوبيا للفنون الشعبية وله العديد من المشاركات خارج القطر، كما شارك في برنامج طريق النجوم، فضلاً عن العديد من المشاركات على مستوى نشاطات المنظمات الشعبية، وهو فنان محبوب من قبل الجميع و قامة فنية كبيرة في الحفاظ على التراث الغنائي الجولاني.