كانت العائلات السورية من مختلف المحافظات تعمل على تجفيف الخضراوات والفواكه، لاستخدامها كمؤونة للشتاء أو لتقديمها للضيوف،
ولا تزال هذه العادات متبعة في معظم أريافنا ولكنها بشكل أقل، ويبقى تجفيف التين من أهم أنواع المجففات من الفواكه، حيث تعتمد عليه الكثير من العائلات بغرض بيعه والاستفادة من ريعه.
نعمل في هذه المهنة التي تؤمن لنا عيشاً كريماً وأجراً جيدا على مدار العام
مشغل صغير
يمثل مشغل "رزق الحسين" من قرية بللين بريف مصياف مثالاً يحتذى، حيث يملك صاحب المشغل مشروعاً تنموياً صغيراً في منزله لصناعة التين المجفف والهبول وتوضيبه.
عن هذا المشروع، يقول "الحسين" لمدونة وطن:
«تشتهر مدينة مصياف وريفها، وخاصة قرية بللين، بزراعة التين وخصوصاً التين الأصفر الذي يناسب التجفيف، وهذه الصناعة الغذائية تعتبر موروثة وتراثية في المنطقة، وبالنسبة لي بدأت مشروعي بتجفيف ٥٠ كيلو غراماً على سبيل التجربة، ولاقت نجاحاً مقبولاً ليتحول المشروع ويتوسع إلى مشروع عمل مدر للدخل ومربح، ويساعد الكثير من الأسر في زيادة دخلها وموردها المالي، حيث تقوم العائلات بإرسال كميات التين الطازج من البساتين مباشرة دون وسيط أو تاجر، ونقوم نحن بتجفيفه وصناعة الهبول، وذلك في الورشة التي يعمل بها نحو ١٥ أسرة، إضافة إلى عمل عدد من النساء والفتيات الأخريات في منازلهن».
خيرات مصياف
وعن خطوات العمل يضيف: «نقوم بعد صف التين وتجفيفه، (مع مراعاة كافة عوامل النظافة وجودة العمل)، بعمليات التعبئة والتوضيب والتغليف، وقمنا بتسمية منتجنا باسم "خيرات مصياف" كونها تشتهر بهذا النوع من التين، وقد لاقى هذا الاسم استحساناً ورواجاً لدى المستهلكين. إذ تقوم العاملات بعملية توضيب المنتج بدقة وجودة عالية وجمالية، ما أثر إيجاباً في سعر المادة وزيادة الطلب عليها، وبالتالي زيادة العائد المادي للعاملات".
وعن الأنواع المنتجة لديه، يذكر صاحب المشروع أنه ينتج التين المجفف والهبول بكافة أنواعه، بالسمسم والبرغل وجوز الهند و الكاجو والجوز واللوز، إضافة إلى زبيب العنب، حيث تم تسويق مئة طن هذا الموسم، وتذهب أغلب الأرباح إلى العاملين بالمشروع.
ويشير إلى أن المنتج كله مسوق ومباع بسبب جودته ونظافته، كما تتم المشاركة في مهرجانات التسوق ومعارض الصناعات الغذائية داخل المحافظة وخارجها.
أما عن المعوقات والمصاعب التي تعترض سير عمل هذا المشروع التنموي والتراثي، فيقول الحسين: «تواجهنا في عملنا عدة مشاكل أهمها الطاقة أو الوقود، ما يجعلنا نعتمد على الحطب بدلاً من الغاز والمازوت لعدم توافرها بالشكل المطلوب، أيضا لدينا مشكلة عدم توفر رأس المال، الأمر الذي يحد من رفع سقف الشراء من الكميات من التين، وبالتالي زيادة الإنتاج ما يحقق فائدة كبيرة للمزارع أولاً ولنا وللعمال».
دخل جيد
العاملة في المشغل" أماسل اليوسف" تشير إلى أنها تعمل في هذا المشغل منذ عشر سنوات، حيت تقوم هي والعاملات الأخريات بفرز حبات التين الجيدة والناضجة، لتهبيلها أو تجفيفها ومن ثم توضيبها، حيث اكتسبت خبرة جيدة في مجال الفرز والتوضيب وتهبيل التين، بحكم مرور سنوات على العمل فيه، وتضيف: «نعمل في هذه المهنة التي تؤمن لنا عيشاً كريماً وأجراً جيدا على مدار العام».
فيما تبين العاملة في المشروع من منزلها، "عبير ملحم"، أنه ومنذ أكثر من عشر سنوات يرسل لنا صاحب المشروع، "رزق الحسين"، كميات التين لنقوم بصفها وشكها بالخيط لتصبح قلائد جاهزة للتسويق، حيث يضمن لنا هذا المشروع عملاً في بيوتنا مثلنا مثل عشرات العائلات، وننتج يومياً بحدود مئة كيلو غرام، في حال توافر المنتج ضمن المنزل، وهذا العمل يدر علينا دخلا مقبولا يساعدنا في معيشتنا.
تسويق المنتج
بدوره، أحد مسوقي التين المجفف والهبول "حمود ونوس" يؤكد أن العمل مع "خيرات مصياف" أمن له عملاً إضافياً، حيث يقوم بتسويق منتجات المشروع التي لاقت رواجاً في السوق الحلبية وأسواق دمشق، كونها لم تعتمد على صنف واحد.
وكيل تسويق المنتج من مدينة مصياف، "محمد عبيدو" يقول: «أقوم بتسويق منتجات "خيرات مصياف" بالكامل وكل عام يزداد الطلب عليها بسبب جودتها ونظافتها وتنوعها، حيث يزداد الطلب كثيراً وبالذات في فصل الشتاء».