من رحمِ النزوح والتهجير طلعَ نادي الجولان الرياضي في مخيم البطيحة للوافدين، ليؤكدَ أنَّ أبناء تلك البقعة السورية المحتلة يمتلكون الإرادة الصلبة والعزيمة القوية لتحدي الظروف وإثبات الذات وتحقيق النجاحات.
هذا النادي الذي أُسِّس في سنة 1973 أي بعد نزوح أبناء الجولان المحتل عن أرضهم بستة أعوامٍ، يمتلك اليوم خاماتٍ فريدةً بألعاب القوى وكرة الطائرة استطاع من خلالها إحراز بطولات وتحقيق نجاحات في الدورات والمسابقات، لا على مستوى الجمهورية فحسب، بل في المشاركات الخارجية أيضاً.
خطى ثابتة تجتاز الظروف الصعبة
رئيس نادي الجولان الرياضي بالبطيحة الكابتن هاني دياب مواليد 1970، وهو لاعبٌ سابقٌ في منتخب القنيطرة بألعاب القوى وكرة الطاولة، يقول لمدونة وطن: "إن النادي يحتضن اليوم ألعابَ كرة القدم بالصالات وكرة الطائرة للإناث والسيدات والناشئات وألعاب القوى القتالية والكارتيه والتايكوندو"، مضيفاً: "إنَّه رغم الظروف الصعبة التي يعيشها نادي الجولان، لكنَّه يحاولُ جاهداً إثبات وجوده بالمشاركة في العديد من البطولات المقامة، ولا سيما في الألعاب الفردية".
هذه الصعوباتُ التي يعاني منها نادي الجولان تتركَّز كما يخبرنا رئيس النادي في ضعف الإمكانيات المادية، فلا يوجد ملعبٌ لكرة القدم، ما يجعل فرقَ النادي تعتمد التدريب المتقطع، الذي لا ينتظم إلا قبيل انطلاق البطولة، وهذا ما أثر في صعود النادي لمصاف الدرجة الأولى سنة 2018، فحال دونَ تحقيق هذا الهدف أسبابٌ لوجستية، وعدم توفر البنية التحتية للتدريب وممارسة اللعبة.
أما لعبة كرة الطائرة فتسير وفقا لرئيس النادي بخطى ثابتةٍ نحو النجاح وإحرازِ الألقاب بإشراف عدد من المدربين الشباب والطموحين، حيثُ استطاعت سيداتُ الجولان البقاء في مصاف أندية الدرجة الأولى، فضلاً عن نتائجهن المتميزة في المباريات، حيث يفتخر دياب أن نادي الجولان بكرة الطائرة يرفد المنتخب الوطني للإناث بعدة لاعبات على مستوى عال.
غلّة وفيرة من الميداليات في الألعاب القتالية
ويؤكد دياب أنَّ تميّز نادي الجولان في الألعاب القتالية كان ملموساً في مختلف الفئات، ففي بطولة البراعم A للمواي تاي والتي أقامتها اللجنة العليا لهذه الرياضة في سورية بمدينة تشرين الرياضية في شهر آب الماضي، حصد براعم أطفال الجولان 9 ميداليات ذهبية والعديد من الفضيات.
ومن الإنجازات التي يفخر بها نادي الجولان في الألعاب القتالية إحراز لاعباته سدرة زعويط ونور خنيفس ورؤى عبد الرحمن ومافا ماشج 4 ميداليات فضية في بطولة الأندية العربية للجودو بيروت سنة 2018، كما حقَّق اللاعب أحمد شريفي من أبناء النادي ميداليةً ذهبيةً في بطولة آسيا للفنون القتالية المقامة ببغداد.
ومن الرياضات التي كان للنادي الصدارة رياضة الووشو كونغ فو ساندا، حيث أحرز المركز الأول ببطولة الجمهورية سنة 2023 بإشراف المدرب الوطني منير مشوح، وفي الترياثلون حقَّق النادي الميدالية البرونزية في بطولة الجمهورية للمراكز التدريبية.
اللاعبة أليسار اليوسف موهبةٌ فريدةٌ
حين نتحدَّث عن نادي الجولان نذكرُ اللاعبةَ أليسار اليوسف في ألعاب القوى التي نشأتْ وترعرعتْ وصقلتْ موهبتَها في هذا النادي، صانعةً نفسها بنفسها معتمدةً على الإرادة الصلبة التي تمتلكها لتسمَّى اليوم سفيرة الرياضة الأنثوية في الجولان بالخارج.
وتقول اللاعبة : "إنّها حازت بطولةَ الجمهورية في سباقات الجري للمسافات القصيرة في ألعاب القوى منذ أنْ كانتْ في سن الناشئات، وتقلَّدتِ الكثير من الميداليات في مشاركاتها بالبطولات الخارجية، ومنها بطولات العرب وغرب آسيا في الناشئات والشابات والسيدات، وهي تحلم بتقديم مستوى جيدٍ ومنافسةٍ لائقةٍ وتحطيم الأرقام المحلية بالبطولات المقبلة.
وتلفت الى مشاركتها في أولمبياد باريس 2024، رغم إدراكها صعوبة المهمة والمنافسة الملقاة عليها، لكنَّها تمسكَّت بحقِّها في المحاولة الى آخر نفس، فيكفي لنا حسب قوله أنّ اللاعبة أليسار كان لها شرفُ المشاركة في أعظم محفلٍ رياضيٍّ عالميٍّ في عمر لم يتجاوز ال 19 سنة، وأنها حظيت بشرف رفع العلم السوري في سماء الأولمبياد بحفل الافتتاح.
ويبين دياب أن نجاحات أليسار جعلت اتحاد ألعاب القوى السوري ينتقيها بين مجموعةٍ من اللاعبات على مستوى سورية، بعد أنْ تمَّ ترشيحها من قبل اللجنة الأولمبية السورية لتكونَ سفيرة الرياضة السورية في الأولمبياد.
استثمار المناسبات الوطنية لدعم الأنشطة الرياضية
يشير دياب إلى أنه بهدف تسليط الضوء على نادي الجولان يتمُّ استثمار المناسبات الوطنيّة والاحتفالات لدعم الأنشطة الرياضية في النادي، مثل إقامة المهرجانات الرياضيّة الدورية للاحتفاء بعيد الرياضة بمنطقة البطيحة، وتنظيم المباريات الكرنفالية بكرة القدم تعبيراً عن الروح الرياضية عند اللاعبين.
في الختام.. مساعٍ للتطوير وبطاقات شكر
يرى دياب أنَّ تطوير النادي يحتاجُ إلى إدخال ألعاب جديدة لاستقطاب عدد أكبر من الرياضيين، حيثُ تسعى الإدارة لإدخال ألعاب بناء الأجسام والريشة وكرة القدم للإناث، فضلا عن مساعٍ لتطوير كل ألعاب النادي الموجودة حالياً والنهوض بمستوى المدرسة الصيفية بشكل علمي وممنهج.
ويعكف النادي حالياً إلى إعداد لاعبين في ألعاب القوى يسيرون على منوال أليسار ومنهم غيث ذياب، وهو ما يعدّ مشروعاً قادماً لبناء لاعبين يعول عليهم في المرحلة المقبلة.
ويعتبر دياب أنَّ الإعلامَ شريكٌ أساسيٌّ بالرياضة، وخاصّة بتسليطه الضوءَ على رياضة النادي، مع الشكر الموصول لفرع القنيطرة للاتحاد الرياضي لما يقدّمه من دعمٍ للنادي، وبناء علاقة قائمة على الاحترام والتعاون المتبادل.