أربعة عروض مسرحية فقط، ضمها مهرجان حمص المسرحي في دورته الخامسة والعشرين على خشبة دار الثقافة في المدينة، ولكنها استطاعت مواكبة الأحداث التي مرت بها منطقتنا، وأضاءت في جزء منها على الواقع الحمصي بتفاصيله.
وعلى خلاف كمِّ العروض، إلا أنَّ القاسم المشترك الوحيد فيما بينها هو جمهور حمص الغفير الذي تميز بمتابعته وشغفه بالمسرح.
أهمُّ ما في الأمر هو استمرارية قيام المهرجان وعودته للحياة مجدَّداً بغضِّ النظرعن عدد الفرق التي شاركت فيه، ونطمح في الدورات القادمة لأن يعود العدد للارتفاع كما في دورات سابقة حيث شهدنا مشاركة 12 فرقة مسرحية، وهذا الأمر يحتاج إلى زيادة الدعم المادي الذي يسمح بالعمل على زيادة الإنتاج المسرحي
فلسطين والواقع العربي
نبدأ من عرض ختام المهرجان الذي قدَّمته فرقة "المسرح العمالي" من خلال العمل المسرحي "أنا ليلى: أُهدي سلامي" التي أعدَّها وأخرجها الممثل "سامر إبراهيم أبو ليلى"، متناولاً في نصِّها المآسي التي طالت القضية الفلسطينية والأحداث التي شهدتها.
ولدى سؤالنا له حول مهرجان حمص المسرحي ورأيه الشخصي تحدّث قائلاً: «كانت له تقاليده الثابتة والتي من المفترض مع مرور السنين أن تتطور، لكن الذي حصل بأنها انحسرت أكثر، والمكتسبات التي حُقِّقت على مدار السنوات الماضية تقلصت؛ منها استضافة عروضٍ خارجية، وغياب جلسات النقاش التي كانت تلي العرض المسرحي والتي برأيي تغني المهرجان، وتعمل على تثقيف الشباب الجديد المهتم بالمسرح والمشارك في العروض».
أما عرض الافتتاح الذي جرى بتاريخ 17 تشرين الثاني فكان للفنان القدير "زيناتي قدسية" تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً وحمل اسم "المحرقة" وشاركه البطولة فيه الممثل "حسين عرب"، حيث عكس العمل من خلال مضمونه السياق التاريخي الذي مرَّ فيه المواطن العربي والمسلم بطبيعة الحال والأحداث التي شهدتها منطقتنا العربية على وجه العموم – حسب ما جاء على لسان الفنان "قدسية" والذي أضاف «بكل مرحلة كان فيها المواطن وفي كل مكان يذهب إليه يجد أنَّ العدالة والمساواة كانتا مفقودتين والبحث عنهما غير مجدٍ وذلك من خلال شخصية "جحا" الذي ظنَّ منذ طفولته كما أوهم وهب أنَّ هناك شخصيات لها ارتباطات معينة بالخالق قد تعطيه البراءة من كل ما جرى من انتكاسات، وقد قدمنا هذا العرض من أجل المتعة فقط بلغتنا العربية الفصحى وبعض أغانينا الجميلة المتنوعة دون وجود رسائل معينة يراد إيصالها لأحد ما».
حكايات حمصية
مسرحية "حكاية أبو نزهة" التي قدَّمتها فرقة "المسرح القومي" بحمص في اليوم الثالث من المهرجان؛ عرض مؤلِّفها ومخرجها الممثل "تمام العواني" قصَّة من الواقع الحمصي، عن أهمِّية وجود الكتاب في حياة المجتمع، وآثار العزوف عن قراءة جحا للكتاب الورقي، من خلال الظلم الذي حاق في الماضي مع أحد أقدم بائعي بسطات الكتب، ولدى سؤال العواني عن المهرجان ورؤيته الخاصة أجاب بالقول: «أهمُّ ما في الأمر هو استمرارية قيام المهرجان وعودته للحياة مجدَّداً بغضِّ النظرعن عدد الفرق التي شاركت فيه، ونطمح في الدورات القادمة لأن يعود العدد للارتفاع كما في دورات سابقة حيث شهدنا مشاركة 12 فرقة مسرحية، وهذا الأمر يحتاج إلى زيادة الدعم المادي الذي يسمح بالعمل على زيادة الإنتاج المسرحي».
أسماء مخضرمة لم تغب
مدونة وطن "esyria" التقت مع المخرج "جواد عكلا" الذي قدَّم في ثاني أيام المهرجان عرضاً بعنوان "نهاية اللعبة" مأخوذاً من نصِّ المؤلِّف "صموئيل بيكيت" وشاركه فيه تمثيلاً الفنان "أفرام دافيد" وعن المهرجان وغياب جيل الشباب قال: «لا شكَّ أن هذه المهرجانات العريقة على مستوى "سورية" والوطن العربي وقد شهد في دوراته السابقة عدداً كبيراً من العروض التي أتاحت الفرصة لعرض أعمال الممثلين المخضرمين والشبَّان أيضاً. في هذه الدورة نرى بعض الأسماء التي كانت حاضرةً في الدورة الأولى منه قبل 37 عاماً، اًمثال الفنان "زيناتي قدسية" إلى جانب الفنانين "تمام العواني" و"سامر إبراهيم" وبالنسبة لي هذه مشاركتي الثالثة. ويجد عكلا أن السمعة الغنية التي يتحلى بها المهرجان تفرض على من يودُّ المشاركة استكمال الشروط الفنِّية المطلوبة، والوصول إلى مرحلة الإنضاج الجيد التي يجب أن تتحلى بها الأعمال المقدَّمة وهذا ما توفَّر في العروض الأربعة التي شاركت في دورته الأخيرة».
تكريم الفنانين والفرق المشاركة
حفل الختام شهد تكريماً للفرق المشاركة شارك فيه الفنان "هادي بقدونس" نائب نقيب الفنانين في "سورية" إلى جانب الفنان "أمين رومية" رئيس فرع النقابة في "حمص" ومدير المهرجان ومعهم "عماد جلول" مدير "مديرية المسارح والموسيقا"، إضافة للمايسترو "حسان لباد" مدير "ثقافة حمص".
وخلال الحفل التقت مدونة وطن "eSyria" مع الفنان "رومية" وسألته عن بعض تفاصيل المهرجان فقال: «عدد العروض ليس بالقليل حسب رأيي، وتركيزنا باتجاه النوع وليس الكمِّ، ووجهنا الدعوات لبعض المخرجين كي يشاركوا في هذه الدورة ولكنهم اعتذروا عن المشاركة نظراً لظروفهم الخاصة.
ذلك أن تهيئة العرض المسرحي ليس بالأمر السهل، والعروض الأربعة كانت متقنة وجيدة من الناحية الفنِّية والمشاركون فيها من ذوي الخبرات الطويلة، ولهم قيمتهم الفنِّية على مستوى مدينة "حمص"،ومنهم الممثل والمخرج المسرحي "زيناتي قدسية" الذي أغنى المهرجان بحضوره ومشاركته، إلى جانب باقي الممثلين الشباب».
حفل الافتتاح شهد تكريم الممثل والمخرج المسرحي "حسين ناصر" بعد مسيرة مسرحية امتدت لما يقارب 30 عاماً، بدأها من خلال "نادي الشبيبة للفنون" ومن ثمَّ ممثلاً في بعض الفرق الهاوية، ليؤسس بعدها مع الفنان "زهيرالعمر" فرقة "المسرح الجامعي" ويصبح رئيساً لها، ومخرجاً لأعمالها منذ عام 2001 ولغاية يومنا هذا.
مدونة وطن "eSyria" التقت معه بعد تكريمه فقال: «التكريم لأيِ فنانٍ ما زال على رأس عمله هو إشارة بأنه كان يسير على الطريق الصحيح دون أن تضل بوصلته، ويمنح طاقة كبيرة من الحبِّ تدفعه لتقديم المزيد مستقبلاً. أمَّا بخصوص غياب مشاركتنا في هذه الدورة فقد جاء بسبب التزام مسبق مع إدارة مهرجان "الإبداع" الذي كان مقرَّراً إقامته في "مصر" بذات توقيت مهرجان "حمص" المسرحي».
ومهرجان "حمص" المسرحي الذي أُقيم بالتعاون بين فرع "نقابة الفنانين" و"مديرية الثقافة"،أطفأ شمعة دورته الخامسة والعشرين على مسرح "قصر الثقافة" مساء يوم الأربعاء بتاريخ 20 تشرين الثاني 2024 وأبصرت دورته الأولى النور بتاريخ 11 تشرين الأول من عام 1987.