بابتسامةٍ بريئة لا تفارق وجهها، وبترحيب مُفرط تشرح لك بكلمات بسيطة الشابة أليسار قيراطة (مصابة بمتلازمة داون) فوائد العسل الذي تسوق له، ومراحل إنتاجه وأنواعه، وذلك خلال المعارض التي تشارك فيها.
شخصية فريدة وثقة عالية بالنفس
أليسار شابة ذات شخصية متفردة، كما تمتلك ثقة عالية بالنفس جعلتها تتجاوز ما أحاط بها من صعوبات، حيث تتحدث لـ مدونة وطن عن مشاركتها المتكرّرة ضمن المعارض والمهرجانات، حتى أصبح الأمر بالنسبة لها اعتيادياً، كما تمكّنتْ بفضل إيمانها بقدراتها ودعم أسرتها لها من تغيير الصورة النمطية للأشخاص ذوي الإعاقة في محيطها، وأثبتت أنه يمكن لهذه الفئة مضاهاة الأصحاء في حال توافر الدعم والتأهيل والإمكانيات.
عانت أليسار منذ الصغر من نظرة الأفراد السلبية لها، التي كانت تحرجها في بعض الأحيان، مشيرة إلى أن هذه الفئة يحتاج أبناؤها إلى معاملة خاصة، وإلى دمجهم بالمجتمع سواء من ناحية التعليم أو إيجاد فرص عمل مناسبة لهم.
وتحب أليسار عملها وتشعر بالشغف والمتعة في التعامل مع منتجات النحل والعناية بها، وتقضي أوقاتاً مُمتعة في الطبيعة أثناء وجودها في المنحلة.
لم يكن ما حقّقته أليسار بالسهل، إلا أن الإرادة وتشجيع الأهل والأصدقاء كان يسبق كل خطواتها لتعلم آلية تربية النحل وإنتاج العسل وغيره من المواد التي يدخل في تركيبها، وذلك عبر عملها بمنحلة في ريف دمشق تديرها المهندسة رانيا شامية، والتي أطلقت مبادرة لإيجاد فرص عمل للأشخاص ذوي الإعاقة ومنهم أليسار.
متميّزة منذ طفولتها
حسب السيدة هالة والدة أليسار فإن ابنتها نشأت طفلة متميزة منذ صغرها، حيث أظهرت استجابة للعلاج الذي كانت تتلقاه بأحد المراكز الخاصة المتعلق بصعوبات النطق والتعلم، إلا أن ارتفاع التكاليف منعها من متابعة تعليمها به، لكنها لم تستسلم وبذلت جهوداً كبيرة لتعليمها بالمنزل، والإشراف على تدريب أطفال آخرين من ذوي الإعاقة.
وأشارت السيدة هالة إلى أن ابنتها تقوم بتسويق منتجات العسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وتتواصل مع العملاء بأسلوب لطيف وعفوي، إضافة إلى حضورها في المعارض و تعاملها مع الزبائن شخصياً ما حقق لها شخصية منتجة ومستقلة مادياً.
ولفتت والدة أليسار وهي أم لولدين آخرين إلى ضرورة تغيير الصورة النمطية التي يطلقها المجتمع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، فهم يمتلكون من الإبداع والمهارات والقدرات التي تميزهم وتجعلهم يتفوقون على غيرهم، عندما يتلقون الدعم والرعاية المناسبة، مؤكدة ضرورة رفع الوعي لدعمهم، ومساعدتهم بالحصول على فرصهم لتحقيق ذاتهم، وتوفير أماكن خاصة بهم ضمن المدن لقضاء أوقات فراغهم، وممارسة نشاطاتهم بأمان.
وتجد السيدة هالة أنه من الضروري ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية الخدمات التعليمية والصحية، وحمايتهم من جميع أشكال التمييز والإساءة والاستغلال.
مشروع لتربية النحل عند ذوي الإعاقة
المهندسة رانية شامية التي أطلقت مشروعاً لنشر تربية النحل عند ذوي الإعاقة، وجدت أن العمل مع اشخاص من أبناء هذه الفئة ليس بالسهل، لكنه واجب عليها كفرد من المجتمع، مشيرة إلى أنها أطلقت مشروع تربية النحل لدعم هذه الفئة وتوفير فرص عمل لهم بعد تدريبهم على العمل والتسويق.
وتشير المهندسة رانية إلى تميز أليسار عن غيرها من مصابي متلازمة داون بسرعة التعلم وحبها للعمل ضمن المنحلة ومشاركتها بتربية النحل، حيث كانت ملهمةً للكثيرين من الأشخاص الذين تعمل معهم رانية.
من الفروسية إلى صناعة الحلوى واليوتيوب
تتعدد مواهب أليسار لتشمل ركوب الخيل، ما أتاح لها المشاركة بفعاليات فريق الفروسية التابع للأولمبياد الخاص السوري، كما أنها تتقن الطبخ وصنع الحلويات أيضاً بمساعدة والدتها التي تشرح لها مكونات الطعام وطريقة صنعه.
وانطلاقاً من اندفاعها في هذا المجال قامت أسرتها بإنشاء قناة خاصة لها على اليوتيوب بمساعدة اخيها عام 2016، حيث لفتت إلى أنها تحب هذا النوع من الظهور للوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص بمختلف الدول، ولكنها أبدت حزنها لأنها لم تعد تستطع النشر على قناتها الخاصة مؤخرا وذلك بسبب سفر أخيها وعدم وجود من يقدم لها الدعم التقني في هذا المجال.