تميزت قرية الدلهمية بالجولان المحتل بموقعها الجغرافي المهم بالقطاع الأوسط وقربها من القنيطرة، كما تميزت بتأصّل العادات والتقاليد النبيلة في التماسك الاجتماعي والمشاركات الاجتماعية بين أبنائها، فضلاً عن احتوائها آثاراً ومدافن رومانية قديمة، ولكن يبقى حنين الأهالي إلى ديارهم المحتلة مغموساً بالقلوب إلى حين العودة.
موقع جغرافي متميز
الحاج غازي رمضان أبو إياد من قرية الدلهمية تولد ١٩٥٥ يقول لمدونة وطن: إن الدلهمية تقع بالقطاع الأوسط بالجولان، وتبعد نحو ٨ كم عن القنيطرة، وترتفع ٨١٥ م عن سطح البحر، تتبع لمركز القنيطرة، يحدها قريتا خويخة والدلوة شمالاً، وعين عيشة شرقاً، والسنديانة غرباً، وعين وردة جنوباً، وإلى الجنوب الغربي من تل أبو خنزير وتل يوسف على أطرافها، كما ْتقع القرية على كتف وادي زويتان المنحدرة عنه ٣٠٠ متر، لتمتد على مساحة ٤٨ ألف هكتار، بعدد سكان ما يقارب ٢٠٠ نسمة قبل النزوح.
ويذكر الحاج رمضان أن هناك نبعاً بالقرية يسمى "الوادي" الآتية مياهه من تل يوسف، حيث تشرب منه أهالي القرية، كما هناك الغدران كالنايف و البقر تشرب منه الماشية، و للجنوب من تل يوسف بوجد سهل يقدر بمساحة ٢٠٠ دونم مليء بالينابيع والأعشاب لا تجف صيفاً ولا شتاء، لافتاً إلى أن القرية في الخمسينيات عام 1958 بعد الوحدة السورية المصرية امتدت بها شبكة مياه من قرية بيت جن على مسافة ليست ببعيدة، ووضعت صنبور مياهها بآخر نقطة بالدلهمية، لكن دون وصول المياه للبيوت، لترد النساء الماء حاملة الماء على رؤوسهن من هذا الصنبور.
ويتحدث الحاج محمد الحمد تولد عام 1955 أن عيون يوسف بالدلهمية تمتد أراضيها على مساحة واسعة من الدونمات شرق عين عيشة، وتجري مياهها نحو 5 كم لتصب في أراضي عين وردة في مكان اسمه حسين عبلة، والمنطقة هذه مليئة بالحجارة، لكنها حسب قوله تعد أطيب أرض بالجولان لكثرة خيراتها، كما أن هذه العين تعد مرعى ومحلاً لإرواء الحيوانات.
أثار رومانية قديمة
ويضيف الحاج محمد الحمد قائلاً.. قرية الدلهمية مكان يحوي آثاراً رومانية قديمة، وهذا يظهر من خلال الرسوم والنقوش على شكل أفاع وعقارب تدل على وجود إشارات لخبايا وكنوز أثرية ومدافن رومانية بمساحة مترين بمتر، نافياً وجود مطاحن قديمة، حيث إن الأهالي يحولون قمحهم الى قرى مجاورة مثل عين عيشة والرزانية، وأشار إلى أن بيوت القرية مصنوعة من الحجارة الزرقاء ولم يكن تصلها الكهرباء وقد اعتمدوا على ضوء الكاز حينها، والجميع كان يجلس عند المختار والشيخ بنفس الوقت الذي يدعى أبو علي لافي خميس الحمد والذي توفي في ريف دمشق بعد النزوح..
نشاط زراعي
ويذكر ابو أيمن راضي الحسن تولد ١٩٥٣ أن أرض القرية تعتبر منبسطة امتازت بتربتها الحمراء، غير أن هناك أماكن تميزت بتربة سمراء وبيضاء رملية، لتتميز الدلهمية بوجود المزروعات الصيفية كالخضار التي تنضج خلال موسمين، والزراعات الشتوية كالقمح والشعير والكرمة العنب والعدس والبيقة والترمس (مهنة الفقير)، لافتاً إلى أراضيها الزراعية الممتدة من جنوب الدلوة إلى السنديانة ،ليزرع عبر الرمال نبات الذرة "الدخنية" عبر تلال اليوسف الشرقية، وتل الخنزير الغربية الذي يزيد ارتفاعه على 900 متر ومن خلاله ترى من بعيد على قمته سهل الحولة وطبريا والمسافة قريبة نحو 8 كم ، حيث يمكن التمتع بجمال القرى المجاورة خاصة بعد فترة المساء بعد العصر، أما الحيوانات فالقرية اشتهرت برعي الماعز والأغنام والجمال والحيوانات البرية، لافتاً إلى أن أهم الغذاء لأبناء القرية كان اللحوم والبيض والزبدة والألبان والاجبان والسمن.
العادات والتقاليد الأصيلة
شيخ بني حرب أبو أحمد موسى هزيم الحمد من قرية الدلهمية يقول: إن القرية كغيرها في الجولان المحتل امتازت بغناها بالعادات والتقاليد الأصيلة في كل الأفراح والمناسبات وحفاظها على التراث الجولاني، فجميع أبنائها على قلب واحد في الهم والحزن، وكان من أهم العادات الاجتماعية أنه حين يتم الإعلان عن زفاف أحد أبناء القرية كان يجتمع السكان من كل حدب وصوب من القرى المجاورة ويتعاونون في تلبية حاجات بيت العريس وتجهيزه بكل ما يحتاجه حتى على مستوى بناء البيت، وبالمقابل عند حصول مناسبة عند الآخرين ترد هذه الخدمة بكل طيب خاطر وسعادة مثل ما يقول "سلفة ودين".
ويبين الشيخ أبو أحمد أن الأعراس تتميز بالجولان بأنها ذات حس واحد من الحب والتعاون، والكل يثبت ذلك عبر تقديم التعاون لأهل العريس على مدى سبعة أيام متوالية من الغناء والدبكة، وربما تزداد لعشرة أيام، ومن العادة كان هناك أهل العريس يقدمون الذبائح والمناسف في بداية المناسبات ويدعى الشيوخ والكبارية للعشائر، كما أن أهالي القرية بيوم العرس يقدمون الرز والحليب والذبائح لأهل العريس كنقوط تعبيراً عن المودة والمحبة، لافتاً إلى أن زفاف العروس المعروفة "بالفاردة" يتم على الفرس أو الجمل مع الغناء الجماعي من النسوة المصاحب للزفاف..
عادات العروس
أما عن جهاز العروس فيقول: إنه يكون عادة عبارة عن صندوق خشبي صغير تحمله العروس معها حين زفافها، ويوجد به مخدات وفرش وثياب للعروس وبالعادة والد العروس من يقوم بتجهيز العروس وإهداء ابنته الذهب كون الذهب شيئاً رئيسياً في ذلك الوقت، وهنا يكون أهل العريس قد جهزوا الهودج على الجمل ليضعوها فيه بعد أن يخرجها والدها ويسلمها لأهل العريس وتسير ويحيط بالهودج مجموعة من الخيالة والنساء خلفه يغنين ويبتهجن، لافتاً إلى وجود عادة حميدة من خلال ميدان سباق الفرسان على الخيول الأصيلة.
بنو حرب هم سكان القرية
ويقول أبو أحمد: إن بني حرب هم سكان القرية ويسكن الأغلبية اليوم بعد النزوح في المليحة بريف دمشق، وأفخاذها الجهجاه و رمضان الخلف وآل جدوع، وأساس الحرب من السعودية في نجد ومكة بعد هجرتهم إلى العراق ثم الدلهمية بالجولان المحتل، ويعتبر المؤسس الأساسي هو الجد المعروف بالجهجاه ثم ابنه المجلي ثم حمد..
ويشير إلى أنه في عدوان حزيران عام 1967 تم احتلال القرية وإجبار سكانها على مغادرة منازلهم قبل تدميرها، حيث انضموا إلى الآلاف النازحين في ريف دمشق ودرعا، تاركين بيوتهم وذكرياتهم، وحاملين أمل عودتهم إلى ديارهم..